وكان الفردوسي قد كرس حياته لإنتاج هذه الملحمة الشعرية المكونة من 60 ألف بيت يحكي فيها قصة الأمة الفارسية منذ فجر الحضارة وحتى سقوط الإمبراطورية الفارسية على يد العرب والأتراك.
يقول التاريخ إن نوحا بن منصور الساماني، وهو من أمراء دولة بني سامان التي كانت تحكم ما وراء النهر،هو أول من اقترح نظم الشاهنامه، وبدأ الشاعر أبو منصور الدقيقي بنظمها لكنه قتل فأتمها الفردوسي، بعد إشارة من السلطان محمود الغزنوي.
وتحوي الشاهنامة (سيرة الملوك) أخبار ملوك بلاد فارس ومعاركهم وتاريخهم وبذخهم ورحلات صيدهم وسياساتهم، وقد أنجزت في الثامن من مارس/آذار عام 1010 وتتكون من 60 ألف بيت من الشعر تروي بأسلوب وبلاغة شعرية لا مثيل لها في الأدب الفارسي، تاريخ الشعب الإيراني منذ بدء الخليقة وحتى انهيار الإمبراطورية الفارسية في القرن السابع الميلادي على يد العرب.
ويعتبر الكثيرون أن مكانة الفردوسي في الثقافة الإيرانية تماثل مكانة شكسبير في الأدب الإنجليزي وهوميروس في الأدب الإغريقي القديم.
بل يرى أحد الباحثين أن واحدة من قصص الشاهنامة ربما كانت السلف القديم لرائعة شكسبير هاملت.
وحرص ملوك إيران المتعاقبون على إدراج أسمائهم في هذه الدراما الشعرية العظيمة لإضفاء الشرعية على حكمهم وعهدهم من خلال الأمر بطبع نسخة جديدة منها تحمل فصلا عن هذا الملك أو ذلك الشاه.
وتتميز الشاهنامة بأن المتحدثين بالفارسية يمكنهم قراءتها اليوم وبعد أكثر من ألف عام بسهولة كبيرة.
وقال البروفيسور تشارلز ملفيل، أستاذ التاريخ الفارسي بجامعة كيمبريدج، إن الفردوسي كان إقطاعيا ثريا فرغ نفسه تماما لمدة 30 عاما لكتابة الشاهنامة.ولم يشتهر العمل إلا بعد وفاته.
وتعتبر الشاهنامة كتابا هائلا إذ يبلغ ضعفي حجم الإلياذة والأوديسا معا.
ويقول المؤرخون إن على القارئ أن يتعامل مع الكتاب باعتباره يتجاوز التاريخ فهو، في جانب منه، يتعامل مع الأساطير في بدايته ثم يغطي، في منتصفه، أحداث الاسكندر الأكبر وينتهي بالساسانيين.
ولن تكون بحاجة للإلمام بالتاريخ الفارسي أو أبي القاسم حسن الفردوسي للاستمتاع بالرسوم الملونة في الكتاب. وتعود الرسوم الأولى فيه إلى القرن الثاني عشر، وتتناول الكثير من مظاهر الحضارة الفارسية من ملوك وجيوش وغيرها.
ويرجح البروفيسور تشارلز ميلفيل العثور على الجزء الأكبر من الكتاب في الهند في القرن التاسع عشر ونقله لإيران.
ويضيف قائلا إن قارئ الكتاب يشعر وكأن الفردوسي كان يرثي الإمبراطورية الفارسية.
ومضى يقول:" لم يكن الفردوسي من شعراء البلاط. ومن المحتمل أنه كان متعاطفا مع الزرادشتيين، أتباع الدين الذي سبق الإسلام في فارس، لذلك لم يكن مقبولا من السلطات الدينية أيضا."وتوفي الفردوسي عام 1020.
والآن وبعد نحو ألف عام على وفاته تعتبر الشاهنامة أعظم عمل أدبي في الفارسية ومن أهم الأعمال الأدبية في العالم.
عيون المقالات
خارطة طريق لترحيل السوريين من لبنان
15/05/2024
- لمى قنوت
الكويت… سباق المحنة والفرص
13/05/2024
- نديم قطيش
( في ما وراء نكتة الأمين العام لحزب البعث )
08/05/2024
- عمر قدور*
عن روسيا وإيران شرق المتوسّط
08/05/2024
- موفق نيربية
سورية ساحةَ مواجهة إيرانية إسرائيلية
05/05/2024
- بشير البكر
قضايا منطقتنا تستدعي عقلية استيعابية وحلولاً نوعية
05/05/2024
- عبد الباسط سيدا
عصام العطار.. قائد وطني جامع وسيرة استثنائية في تاريخ سوريا
05/05/2024
- عبد الناصر القادري
( على ماذا تكافئ واشنطن الأسد؟ )
05/05/2024
- عمر قدور*
( في نقد السّياسة )
05/05/2024
- عبد الاله بلقزيز*
مينوش شفيق: من نجاح كبير إلى انهيار كامل
05/05/2024
- محمد أبو الغار
القبول بمواجهة محدودة مع إيران لاستكمال المذبحة في غزة
03/05/2024
- زياد ماجد
أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟
03/05/2024
- إسماعيل ياشا
مستقبل السياسة السعودية تجاه النظام السوري
03/05/2024
- حسن الشاغل
وثيقة المناطق السورية الثلاث... قراءة نقدية
03/05/2024
- علي العبدالله
" دمشق التي عايشتها " الغوطة
28/04/2024
- يوسف سامي اليوسف
مصير الميليشيات الإيرانية في سوريا في ظل التصعيد الإسرائيلي الإيراني
26/04/2024
- العقيد عبد الجبار عكيدي
( أيهما أخطر؟ )
24/04/2024
- محمد الرميحي*
إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة
23/04/2024
- نظام مير محمدي
وقاحة استراتيجية مذهلة
21/04/2024
- راغدة درغام
الإعلام الكارثي يُعظِّم الكوارث
21/04/2024
- حازم نهار
|
الشاهنامة.. حكاية أعظم ملحمة شعرية فارسيةفي 8 مارس/آذار عام 1010 أتم شاعر الفارسية الأكبر أبو القاسم الفردوسي قصيدته الملحمية الشاهنامة، والتي تعد الملحمة الوطنية لبلاد فارس.بي بي سي
السبت 9 مارس 2019
إقرأ المزيد :
كيف تكلَّم آدم؟ وكيف تكلَّم زُرادشت؟ - 18/11/2023غزّة قلعة العزّة والمنعة في تاريخها - 28/11/2023 |
|
|