نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الموسيقية الأرجنتينية الرقيقة سول جابيتا ظاهرة فنية محلية ذات ابعاد عالمية




برلين - بابلو سانتينيتي - تعد سول جابيتا عازفة التشيلو الارجنتينية إحدي الظواهر الموسيقية العالمية حيث تقدم 130 حفلا سنويا على أشهر المسارح العالمية ،ولعل أهم ما يميز سول هو رقتها وعذوبة عزفها وقد صرحت سول في مقابلة لها أن "العذوبة في الموسيقى هي ما تساعد على الشعور بالتحليق وإذا فقدت الموسيقى رقتها فيمكن وصفها بانها موسيقى جيدة ولكنها لن تحقق هذا السمو مع العذوبة".


الموسيقية الأرجنتينية الرقيقة سول جابيتا ظاهرة فنية محلية ذات ابعاد عالمية
تقول جابيتا إنه "بعد سنوات من الحفلات التي كانت تعرض على الاسطوانات المدمجة حيث لا مجال للخطأ مع تقنيات المونتاج آن الأوان لمتابعة الحفلات الموسيقية وسماع موسيقى طبيعية حية. يجب على الجمهور أن يعتاد على قبول موسيقى هشة رقيقة وأن يقبلها كطبيعة البشر قابلة للخطأ. عندها فقط ستصل الموسيقى إلى قمة جلالها وروعتها".
 
أطلقت الصحيفة الألمانية اليومية دي فيلت على الموسيقى العذبة الرائعة مصطلح "جابيتستيكو" نسبة إلى العازفة الارجنتينية سول جابيتا ومن الواضح أن قصة حياة جابيتا سارت بشكل عاطفي متناغم جنبا إلى جنب مع حياتها الموسيقية.
 
ولدت جابيتا في عائلة من أصول فرنسية روسية في منطقة بيلا ماريا في مدينة قرطبة بالأرجنتين حيث تناوبت جابيتا أوقات طفولتها بين اللعب والتدريب على عزف التشيللو وكأن الحياة والموسيقى وجهان لعملة واحدة.
 
بعد عشر سنوات تم الحاق جابيتا بالدراسة في مدريد وبعد سنوات ذهبت للاحتراف في سويسرا ولكنها كانت حريصة على استكمال دراستها في مدريد رغم وجودها في سويسرا.
 
تقول جابيتا " إن الدراسة أمر ضروري كي تكون عازفا جيدا لذلك كنت أحرص على دراستي ومع ذلك فإن كل تجربة حياتية وكل انفتاح على العالم لا يقل أهمية عن الدراسة حيث تجعلك أكثر من مجرد عازف جيد بكثير ".
 
بدأت جابيتا في حصد الجوائز الدولية بينما تعزف مع مختلف الثقافات من أوركسترا سول إلى اوركسترا فيينا وصولا إلى فيلارمونيا ميونيخ مرورا بفيينا السيمفوني  واوركسترا اسكتلندا الملكي.
 
 يشار إلى أنه منذ عام 2005 يقام بشكل سنوي مهرجان موسيقي خاص بجابيتا في سويسرا حيث تقدم عزفا منفردا.  كما تقوم جابيتا بتدريس موسيقاها في معهد بازل الموسيقي حيث تقيم.
 
تأمل جابيتا في العودة مرة أخرى إلى الأرجنتين وقد تقرر إقامة حفل موسيقي على مسرح كريستوفر كولمبس التاريخي الشهير في بوينوس أيرس. وعن ذلك تقول جابيتا إنها تشعر بحماسة كبيرة حيث ترى ان العزف في بلادها سوف يكون له مذاق خاص.
 
يظهر تأثير مدينة قرطبة مسقط رأس عائلتها في لهجة جابيتا التي تؤكد على امتداد هذا التأثير في حياتها وموسيقاها بصورة واضحة وكأنها أمضت حياتها كلها بها.
 
تقول جابيتا إن حياتها لم تتغير على الإطلاق ومع ذلك فإن الامساك بزمام الحياة أمر يتطلب قوة وإرادة وإلا فإن الحياة الخاصة سوف تصبح على الهامش .
 
تعي جابيتا جدا أن العديد من الموسيقيين الكلاسيكيين يعانون من مشاكل مع الكحول الإدمان وتعترف جابيتا بأنها تعاني من نفس المشكلة حيث ان قيادة الحياة امر صعب للغاية خاصة حياة الفنانيين.
 
وتوضح "أنت تقضي الوقت بين الجمهور ووسط التصفيق الحاد وفي أخر الليل تكون وحدك لا أحد معك وبين الجمهور والوحدة يوجد القليل جدا من الأصدقاء مما يدفع المرء إلى ذلك السلوك".
 
وفي هذا السياق تعترف أن لديها إدمان من نوع آخر حيث يرى خطيبها أنها تدمن التسوق والشراء، أما هي فترى أن إدمانها الحقيقي هو آلة التشيلو فهي معه لا تدرك الوقت حيث تمضي الساعات وهي تعزف دون ملل ولا كلل مع شعور دائم بانها في حاجة إلى الدراسة.
 
تقول جابيتا "لا ادري ما الذي يدفع بموسيقي محترف إلى كل هذه التضحية ؟ لماذا نهب حياتنا من أجل آلة موسيقية ؟ يبدو أن هذا هو ما يسمى الشعور بالالتزام والمسئولية".
 
يفتقر الناس في وقتنا الحالي إلى الشعور بالسلام الداخلي مع النفس فمع وجود الانترنت والهاتف هناك دائما عوائق خارجية وتلاحقنا الأخبار والأحداث والمعلومات بشكل شبه كامل مما لا يدع مجالا للانفراد بالنفس ومن هنا تاتي اهمية الموسيقى حيث تخلق الفرصة للالتقاء بالنفس .
 
هذا هو ما يحدث تماما عند حضور حفل موسيقي حيث يتاح للمرء فرصة الخلو مع النفس لمدة ساعة أو ساعتين من خلال ذلك التواصل بين الموسيقى التي تعزف على خشبة المسرح والجمهور ولهذا تنصح جابيتا الناس الذين يعانون من أنهم لا يروا في أنفسهم الاستعداد لدفع تكاليف تذكرة حفل موسيقيى كلاسيكية، ان يغيروا مواقفهم وعندها فقط ستتاح لهم فرصة الخلو إلى أنفسهم.
 
ومن هذا المنطلق وبهذا المنظور تصبح الحفلات الموسيقية أكثر من مجرد تسلية وترفيه فهي علاج لانفصالنا عن أنفسنا وتصف جابيتا الموسيقيين قائلة "نحن أطباء لمداواة آلام الروح".

بابلو سانتينيتي
الاثنين 6 غشت 2012