نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


بلدة إسبانية تحصد المركز الثالث على العالم كأفضل مستوى لمعايير الهواء




كامبيسابولاس (إسبانيا) -أحيانا أفكر أنه يتعين علينا تقاضي تعريفة مقابل كل سنتيمتر يستنشق من الهواء، يقول على سبيل الدعابة، بدرو خوسيه ماريا، عمدة بلدة كامبيسابولاس، وقد يكون محقا، نظرا لأنه وبحسب أحد تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن هذه القرية الصغيرة لا تتمتع فقط بأنقى هواء تتنفسه إسبانيا بل تحتل المرتبة الثالثة كأفضل مكان من حيث معايير الهواء على مستوى العالم. تتبع هذه البلدة الصغيرة مقاطعة سييرا ديل نورتي بإقليم جوادالاخارا، على مسافة ساعتين بالسيارة من مدريد، ويبلغ تعداد سكانها وفقا لآخر إحصاء سبعون نسمة، ولكن نظرا لقسوة الطبيعة وانخفاض درجات الحرارة خلال شهور الشتاء، تتراجع معدلات السكان لأقل من النصف، بحيث تقل عن ثلاثين، بمعدل 3ر1 نسمة لكل كيلومتر مربع، بحسب عمدة البلدة، مشيرا إلى أن درجة نقاء الهواء ترجع بالإضافة إلى هذا العامل إلى أسباب أخرى منها أن القرية تقع على ارتفاع 1300 متر.


وتتفوق على القرية الإسبانية كلا من قرية مونيو الفنلندية وتقع في مستوى أعلى من القطب الشمالي، تليها في المركز الثاني نورمان ويلز الكندية، حيث يمكن للمرء أن يشعر فعليا بفارق واضح في نوعية الهواء الذي يتنفسه، وهو ما تؤكده أحدث تقارير منظمة الصحة العالمية والتي تشمل 800 بلدة في 67 دولة ، وتركز بصفة خاصة على تحليل عالم الغبار الذي يتخلل الهواء بجزئياته الدقيقة الصلبة والسائلة والغازية والتي تعرف علميا بمركبات (PM2,5 y PM10).

في الوقت الحالي، تعتبر المنظمة ضمن الحدود الآمنة إذا كان المعدل السنوي يقل عن 20 ميكروجرام /مم3 من (PM10) في الهواء و 10 ميكروجرام/مم3 من (PM2,5)، حيث تحتوي هذه الجزيئات على سولفات ونترات وغيرها من المركبات الكيميائية الضارة التي تخترق الرئتين بعمق ومنه تنطلق إلى نظام القلب والأوعية الدموية، مما ينتج عنه مشاكل وأضرار صحية بالغة. في كامبيسبولاس يصل المتوسط السنوي إلى ما دون الـ6 ميكروجرام/مم3 من (PM10) و 5 ميكروجرام/مم3 من (PM2,5).

يوضح بابلو أن "غالبية الرياح التي تهب على المكان شمالية غربية وتأتي من أماكن لا توجد فيها صناعات كبرى أو مدن ضخمة، ومن ثم فهي لم تمر بأية مصادر تلوث قبل وصولها". يدرك هذا العجوز المتقاعد تماما مغزى ما يقول لما له من خبرة طويلة في مجال الفيزياء وبحوث البيئة وجودة الهواء في وزارة البيئة الإسبانية، معربا عن شعوره بالرضا لأن اسم البلدة الصغيرة بات يحتل صدر عناوين الصحف وحديث وسائل الإعلام. "شهدنا مجيئ الكثير من قنوات التليفزيون ليجروا أحاديث معنا عن جودة الهواء"، يقول سيبرينو، أحد أهالي البلدة بينما يجلس على مقعد حجري مقابل كنيسة القرية المبنية على الطراز الروماني، منتظرا وصول عربة القصاب، ففي هذه القرية لا توجد محلات سوبرماركت ضخمة تبيع الأشياء المعلبة من كل صنف، في هذه القرية يحصل السكان على احتياجاتهم من الخضر واللحم طازجة، حيث تأتي عربات من قرى مجاورة ليشتروا حاجتهم منها، ثم تنصرف من حيث أتت.

في حانة القرية يقول أنطونيو "أصبحنا نرى أناسا يأتون للتنزه هنا واستنشاق الهواء النقي، حيث تعتبر هذه المنطقة متحفا طبيعيا مفتوحا يضم أنواع نادرة من أشجار الزان الأسود فضلا عن الآثار السلتية الأيبيرية مثل مقبرة بلدة تييمريس، وتعود للسكان الأوائل الذين استوطنوا شبه جزيرة أيبيريا. يقول أنطونيو وهو عامل بناء، إن "الطريف في الأمر أننا استقبلنا مؤخرا زوجين من بالما دي مايوركا عرفا بقريتنا عن طريق سائح إنجليزي". ويضيف "حين تذهب إلى مدريد، تلاحظ فرق الهواء. في النهاية الجسم يدفع فاتورة التلوث". لا يزال أنطونيو وبعض رعاة الأغنام القلائل في القرية، في سن العمل، بينما غالبية سكان القرية من العجائز المتقاعدين، حيث يقول "ربما كان هذا هو الشيئ الوحيد المحزن في هذا المكان"، فيما يؤكد عمدة القرية على قوله "كلما مر الزمن، شاخ سكان القرية، وتراجع عدد السكان. ومع ذلك في أعياد أسبوع القيامة أو الأجازات يعود الكثيرون لقضاء بضعة أيام".

يقول بابلو ساخرا، وهو عمدة في القرية منذ ثلاث دورات "في العاصمة بينما يشويهم الحر في الصيف، نلتحف هنا بالأغطية وننام مستدفئين من البرد"، مشيرا إلى أن نسمات الصيف الرطبة العليلة الخالية من التلوث شجعت على إقامة مزرعة رياح لتوليد الطاقة، بقدرة تخزين لا يستهان بها تصل إلى 37 توربينا، وتعتبر هذه واحدة من مصادر دخل القرية الضئيلة.

يتذكر العمدة دون بابلو قائلا "باستثناء شهور الصيف، الطقس في غاية القسوة، وأحيانا تغمرنا الأمطار. جدي كان يحتفظ دوما في صومعته بكميات احتياطية من القمح تحسبا للأيام الصعبة. ولكن الناس هنا تتحلى بالشجاعة وحب العمل وعدم التبذير"، ويضيف مبتسما "ومعمرة أيضا"، والدته على سبيل المثال تجاوزت المئة بعامين "لم تعد تعيش هنا، لا تأتي إلا في الصيف. لكن ذهنها لا يزال حاضرا بقوة".

هل يكون الهواء هو السبب؟ في العادة يتحمل الناس، سواء من أجل الهواء أو من أجل أي سبب آخر، على الرغم من أنه في الماضي، كانت القرية تسجل معدلات وفيات عالية للغاية، وعن هذا يقول العمدة بروحه المرحة "المشكلة هنا أن كبار السن لا يموتون أبدا، كما لو كانوا مثل السلاحف التي تحتمي بدرقاتها من تأثير الزمن. بطبيعة الحال هذا الوضع مدمر بالنسبة لمنظومة الضمان الاجتماعي. لو أخذنا في الاعتبار أن طبيب التأمين الصحي مضطر لأن يمر بالقرية مرة كل أسبوع للاطمئنان على دار المسنين الكبيرة المسماة كامبيسبولا".

إيلينا بوكس
الثلاثاء 23 ماي 2017