نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


جبهة الساحل تنتفض من جديد … وقاعدة أمريكية جوية في سوريا







مما لا شك فيه أن التدخل الروسي وبجهوده الجوية وبخبرات ضباطه في غرف العمليات, استطاع إحداث تغيرات مهمة في جبهات القتال, ترافق هذا الأمر مع تقنين واضح على خطوط إمداد الثوار وخاصة في جبهة الساحل


 .

جبهة الساحل التي تشكل أهمية مضاعفة للجانب الروسي مع أهميتها العظمى للنظام الذي يريد حماية حاضنته الشعبية في قرى وأرياف اللاذقية, والسيطرة على جبلي الأكراد والتركمان كونهما يقعان ضمن حدود سوريا المفيدة أو “الدويلة العلوية” كخيار محتمل يلجأ إليه في حال تهديده بالسقوط, أما الروس فغايتهم تتمثل إضافة لما سبق, بإبعاد الفصائل الثورية في الساحل إلى خارج أمدية وأقواس الأسلحة التي تؤثر على تموضع القوات الروسية في قاعدة “حميميم” الجوية من مدفعية ثقيلة وصواريخ “الغراد”, وأيضاً تتأتى أهميتها بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا بمحاولة روسية للانتقام والوصول إلى الحدود التركية عبر قطاعين:

الأول: من خلال السيطرة على تلال وقرى جبل التركمان وبالتالي السيطرة على الحدود الساحلية الشمالية مع تركيا.

الثاني: عبر التحالف مع ميليشيات سوريا الديموقراطية الحرة شمال حلب, ومتابعة الوصول إلى المعابر الأساسية كمعبر “باب السلامة” وبقية الحدود لقطع خطوط إمداد الثوار, والتشجيع على إقامة كانتون كوردي في الشمال السوري.

أمام تلك الأهداف انطلقت معركة جبال الساحل من قبل ميليشيات النظام وحلفائه بعد أكثر من “95” يوم من الاستنزاف, أعقبها هجوم بخبرات “روسية” وميليشيات “أسدية وشيعية” استطاع السيطرة على التلال الحاكمة ومهدت له الدخول والسيطرة على مناطق في جبلي التركمان والأكراد تتمتع بأهمية عسكرية بالنسبة للثوار وأهمها خسارة بلدة “سلمى” التي تعتبر معقل الثوار في جبل الأكراد.

المناشدات التي أطلقها ثوار الساحل من أهمية المعركة في جبالها, ومن ضرورة التعزيز والمؤازرة من بقية الجبهات, لم تلق آذاناً صاغية لاعتبارات كثيرة قد تكون مبررات لهم لكنها غير مقنعة أمام ضرورة تواجدهم إلى جانب إخوانهم في الساحل السوري, والأعداد القليلة التي تم الدفع بها للمساندة وصلت بعد أن دخل النظام وتخطى الخطوط الدفاعية الأولى لثوار الساحل وبالتالي فقدت تلك المؤازرات أهميتها وضرورتها العسكرية.

لكن الثورة اعتادت وعلى مدار أكثر من أربع سنوات أن تكون أقوى في اللحظات الحرجة, فـ بترتيب الصفوف مرة أخرى وبإعادة توزيع القوى على الجبهات والخطوط حسب الأهمية والحاجة, وبمساندة من الخطوط الخلفية للساحل, وبدعم من بعض الفصائل في “جيش الفتح” من إدلب وكذلك من “جيش النصر” في حماه عبر “جبهة الشام”, أٌعيد ترسيم الخطط العسكرية وتم الانطلاق بمعركة “رص الصفوف” في جبل التركمان استطاعت أن تشكل بوادر هجوم معاكس, واستطاعت وقف تقدم وزحف ميليشيات النظام في معركة “بيت شردق”, واستعادت زمام المبادرة وقلبت التراجع والدفاع إلى هجوم, فـ حررت “مدرسة عطيرة والتلة المحاذية وجبل الزيتونة وبيت أبلق”, تلك العودة سرعان ما امتدت إلى جبل الأكراد عبر عمليات عسكرية خاطفة وسريعة فاجأت ميليشيات النظام وحلفائها وحررت قرى “الغنيمية, وادي الشيخان, الحور” وقبل أن تغرب شمس اليوم الثاني للهجوم وصل الثوار إلى داخل قرية دويركة ورويسة النمر, لترسم واقعاً جديداً يمثل انتفاضة جديدة لفصائل الثورة رغم التضييق والتقليل من إمدادات الثوار وخصوصاً في الأسابيع الأخيرة عن جبهة الساحل.

في المقلب الآخر هناك معركة (عسكرية وسياسية) مستورة تدور بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية تتمثل بمحاولة كل طرف تثبيت وجوده في سوريا, فمن الواضح أن واشنطن أحست بالفراغ والفرص التي أضاعتها في القضية السورية, واستغلها الرئيس “بوتين” بتواجده العسكري الجوي في الساحل السوري, وسحبه البساط من تحت أقدام الأمريكيين, لذلك وجدنا زحفاً أمريكياً بطيئاً للعودة نحو سوريا, وعدم تكرار الخطأ التركي الذي تخلى عن كثير من الفرص المؤاتية لإقامة المناطق الآمنة أو العازلة على الحدود الشمالية وفقدها (شبه نهائياً) بعد التدخل الروسي.

العودة الأمريكية كانت عبر قوات خاصة تم الزج بها مؤخراً في مناطق سيطرة الأكراد, ومن ثم تجهيز قاعدة “الرميلان الجوية”, وهي خطوة تهدف بشكل خاص لدعم عمل التحالف الجوي عن طريق إيجاد نقاط توجيه جوية أمامية على الأرض تستطيع من خلالها دعم عملياتها العسكرية الجوية, وقد تضم طائرات تتواجد ضمن تلك القاعدة لتشكل “قوات تدخل سريع” عند الحاجة, بعد أن وضعت فيها مبدئياً زوج من الحوامات القتالية.

المراقب للوضع في الشمال يلحظ صراعاً روسياً – أمريكياً حول استقطاب ميليشيات سوريا الديموقراطية الحرة, في ظل واقع يقول أن أمريكا تدعمهم وتذخرهم وتمدهم في المناطق الواقعة شرقي الفرات, وفي وقت تتحالف فيه تلك الميليشيات مع روسيا أيضاً غربي الفرات.

من الواضح أن الخطوة الأمريكية جاءت رداً على الاتفاقية العسكرية الموقعة مع نظام “الأسد” والتي سربتها موسكو مؤخراً بشكل متعمد, وضد المنطق الروسي من أنهم أصبحوا جزءاً من سوريا المستقبل بتواجدهم العسكري, وأمريكا لا تريد لروسيا الاستفراد بسوريا مرة أخرى, وكل الخطوات الأمريكية الآن تقول: إن تواجدتم بالساحل فنحن متواجدون في الشمال أيضاً, وذلك قبل إيجاد أي حل للقضية السورية يتوقع حصوله في الفترة القادمة, ومع إعلان الهيئة التفاوضية لوفدها المفاوض, والذي شكل صفعة عنيفة للروس عندما تم وضع ضابطاً من الجيش الحر على رأس الوفد المفاوض, ووضع أيضاً الممثل السياسي لأحد أهم الفصائل التي ترفضها موسكو كـ كبير المفاوضين.

كل المؤشرات العسكرية تقول: إن التغيرات في موازين القوى لا يعكس الهجمة الشرسة لعدة دول تدعم النظام, ولن تشكل فارقاً يكون له التأثير على طاولة المفاوضات.

وكل المؤشرات السياسية تقول: أن موعد الـ 25 من هذا الشهر لن يكون موعداً مؤكداً لانعقاد والتئام طاولة المفاوضات, بعد إصرار روسي على “دحش” أسماء أقرب لرؤية النظام منها لمواقف الثورة, وعبر موقفاً حاسماً أظهره “رياض حجاب” رئيس الهيئة التفاوضية العليا من خلال التهديد بعدم الذهاب إلى جنيف في حال إدخال أي أسماء جديدة للوفد المفاوض, أو من ناحية ضرورة التزام “النظام” بتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بإطلاق سراح المعتقلين وبفك الحصار وفتح ممرات آمنة للمناطق المحاصرة, ومن ضرورة توقف القصف بأشكاله على المناطق المحررة من قبل طيران النظام والطيران الروسي وأسلحتهما الثقيلة.

المواقف بين وفد المعارضة وموقف الروس والنظام حدية, وتحتاج لدبلوماسية قوية, حتى الآن يٌظهر المبعوث الأممي “ديمستورا” تفاؤلاً لا يعكس المأزق السياسي الذي وصل إليه, والكل بالانتظار … لكن حال الثورة يقول:

لم نؤمن يوماً أن النظام يمكن أن يقبل بالحلول السياسية وبالتالي هي تتقدم نحو جنيف وعينها على السلاح, فنظام الأسد لا يفهم إلا بلغة القوة.
---------------

 

 كلنا شركاء

العميد الركن أحمد رحال

محلل عسكري واستراتيجي


العميد الركن أحمد رحال
الخميس 21 يناير 2016