نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


جزيرة سانتوريني اليونانية درة بحر إيجة قبلة عشاق الحمم البركانية




سانتوريني (اليونان) - كريستين بيروفولاكيس – بالرغم من منحدراتها المعلق بها قرى مطلية بالكامل بالكلس الأبيض، وشواطئها السوداء التي تجللها لحظات ساحرة من الرومانسية والاستجمام وقت غروب الشمس على بحر إيجة، لا تعتبر جزيرة سانتوريني مقصدا للنوع الشائع من السائحين التقليديين بل ذلك النوع من السائحين الباحثين عن ملذات الطعام والشراب التي تتميز بها اليونان، والذين يقدرون أنها مقصدا سياحيا يستحق عناء الرحلة.


جزيرة سانتوريني اليونانية
جزيرة سانتوريني اليونانية
نشأت هذه الجزيرة نتيجة تراكم طبقات اللافا التي نجمت عن الحمم البركانية المتتابعة التي تعرضت لها المنطقة قبل ثلاثة آلاف وستمئة عام مما أدى إلى تشكيل الهضبة الرئيسية للجزيرة ومنحدراتها الساحرة. كما تحوطها مروج خضراء بديعة وأراض خصبة تعد من أجود مناطق زراعة الكروم والكبر البري (نوع من أنواع الكرنب صغير الحجم يستخدم كمشهيات بجانب أنواع الشراب المختلفة) والباذنجان الأبيض والفول الأخضر الحلو.
في الوقت الحالي تعتبر الجزيرة الأسطورية بمثابة معمل تفريخ للعديد من الأجيال الجديدة من الطهاة الموهوبين الذين يعدون واجهة مشرفة لما تقدمه الجزيرة من تراث وفنون المطبخ اليوناني العريق.

وسط هذه الأجواء، يتعهد مطعم فينسانتو المقام في قلب مزارع فيديما للكروم، بالقرب من مخزن لتعتيق النبيذ عمره أربعة عقود، ببلدة ميجالوري التي لازالت تحتفظ ببيئة العصور الوسطى، يتعهد بألا يحرم رواده من رحلة غنية بين ربوع فنون الطهي التي تميز عراقة جزيرة سانتوريني.

للوهلة الأولى، قد يخلط الزائر بين وعاء الفخار المستخدم لطهي الفول الأخضر المنكّه بالكركم وزيت الزيتون في مطبخ فينسانتو، وبين العشاء التقليدي التي تحضره أية ربة منزل بالجزيرة لأهل بيتها، ولكن المقارنة تنتهي عند هذا الحد
تصهر ميلينا شوماتا، كبيرة الطهاة في فينسانتو ومطعم كاريزما دي اويا، نبض الجزيرة في طبق شهي من الفول المدمس الذي يطلقون عليه "الفافا" مهروس كالزبد يذوب في الفم، ومجمل بشرائح البصل المقلي وأوراق المريمية، ويقدم معه أضلاع الضأن المشوية.

"إنه أمر منطقي أن يتمسّك الطهاة بتقاليد الطهي اليوناني. إنهم لا يستطيعون تجاهلها" هكذا تعلق شاموتا على الأمر، والتي تم تكريمها بوصفها سيدة العام في فنون الطهي بجزيرة سانتوريني، والذي ينتهي صيفه بنهاية شهر تشرين أول/ أكتوبر، إلا أن رواد الجزيرة لا يزال بمقدورهم تذوق أطباقها الشهية المميزة، حيث يمكنهم أيضا حضور ندوات عن تنوع فنون الطهي وكذلك تذوق العديد من أصناف النبيذ المحلي التي تشتهر بها الجزيرة.

تتابع شاموتا "ربما يكون الطهاة اليونانيون قد اضطروا في السنوات الماضية لتقليد ما يقوم به نظرائهم الفرنسيون، ولكنهم الآن يعملون على أشياء خاصة بها باستخدام المنتجات المحلية الرائعة التي تتميز بها الجزيرة"، موضحة أن "الفول الأخضر تم استزراعه في تربة الجزيرة البركانية منذ أكثر من 36 قرنا من الزمان، ولهذا يتميز بطعمه اللذيذ والمختلف عن باقي أنواع الفول الأخضر المزروع في باقي أنحاء الجزر اليونانية الأخرى".

تصمم شاموتا أطباقها مستلهمة وصفات عتيقة منسية، ومستوحية أساليب إعداد أصناف الطعام في محمية أكروتيري التي ترجع لعهد الحضارة المينوسية في العصر البرونزي، مضيفة إليها لمسات مبتكرة من إبداعها مثل وجبة "الأرزية" المعدة من حبوب القمح البري والسبيط المشوي والثوم وأوراق السبانخ، والتين الأبيض المجفف، أو موس الشيكولاتة المخلوط بالفستق المجروش.

أما حانة راكي بميدان ميجالوري العتيق بأرضيته المكسوة بالحصباء، فتقدم أصنافا تقليدية لذيذة وراقية وفي متناول أيدي الجميع مثل مناقيش الطماطم والمحار المطهوة على البخار والمنكهة بالسعتر والنبيذ الأبيض المحلي الشهير.
تحظى سانتوريني بتقليد عالمي عريق وممتد مع زراعة الكروم، يرجع إلى نحو خمسة آلاف سنة، وفقا لما تؤكده الحفريات والآثار التي عثر عليها على الجزيرة، الواقعة جنوب شرق اليونان.

في هذا السياق، تخصص مخزن جافلاس لتعتيق النبيذ الذ يرجع تاريخه إلى ثلاثمائة عام، في إنتاج النبيذ الأبيض والأحمر والذي يعد الأفضل على مستوى الجزيرة من حيث الجودة، ومن أنواعه "أسيرتيكو" و"أيداني".
يوضح خبير زراعة العنب جورجيو جافلاس أن "مزارع الكروم في سانتوريني تتميز بتفردها على مستوى العالم، فقد صممت بشكل يحمي شجيرات الكروم من هبوب الرياح القوية أو من حرارة الشمس الحارقة التي تصلي الجزيرة خلال فصل الصيف، كما أنها مهيأة لامتصاص رطوبة البحر المرتفعة".

يعتبر نبيذ فينسانتو الحلو والذي يتم انتاجه من خليط من عدة أنبذة مثل اسيرتيكووآيداني وأثيري، بمثابة "درة التاج" ومصدر فخر الجزيرة اليونانية العريقة، وتمتد شهرة هذا النبيذ لنحو قرن من الزمان. يحفظ هذا النبيذ لكي يتم تعتيقه في براميل من خشب البلوط لمدة تصل أحيانا في مراحلها الأولية إلى ثلاث سنوات، تكفي الإشارة إلى أنه لانتاج زجاجة صغيرة من هذا النبيذ الحلو، تستخدم عشرة كيلوجرامات من العنب.

أما مطعم كوكومافلوس الواقع على ربا منطقة فيرا الرومانسية، والذي يتميز بوصفات الشيف الشهير نيكوس بولياسيس، فيعتبر من الأماكن التي لا يمكن أن تتم زيارة سانتوريني بدون التعرف عليه، خاصة بالنسبة لعشاق الطعام الجيد والنبيذ المعتق الفاخر.

تتميز أطباق بولياسيس، بأنها تعيد تقديم المنتجات المحلية للجزيرة بطرق مبتكرة، مثل الكابوريا المنكهة بصلصة الشيكولاتة البيضاء والجنزبيل أو الجمبري المشوي المسقي بشراب الأوزو والينسون المسكر والملفوفة في معجنات المعكرونة العريضة، فضلا عن مناقيش الجبن الطازجة باللوز المحمص وصلصة نبيذ فينسانتو الشهيرة.

يقول الطاهي الشهير معبرا عن شعور بالاعتزاز إن "الطعام مغامرة يجب أن تروي قصة، خاصة عندما نكون في أحد أكثر الأماكن رومانسية في العالم، مثل سانتوريني، ولهذا لا أستطيع أن أتحاشى أن تتسم أطباقي بالإثارة".

كريستين بيروفولاكيس
الخميس 22 يناير 2015