نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


حول تغطية «بي بي سي العربي» للموضوع السوري




حتى لا يظن أحد أن الحملة استغلال لخطأ غير مقصود في قناة بي بي سي ‬
هذه المقالة كتبتها في القدس العربي قبل عام عن نفس حالة التزوير المتكررة في القناة


  غير مرة خلال حضوري المؤتمرات الصحافية في دمشق (قبل انطلاق الثورة) كنت اسمع مستشارة بشار الأسد بثينة شعبان تسأل عن مراسل «بي بي سي»، لا سيما حين يزدحم الصحافيون بأسئلتهم على الأسد ومن يضيفه، ولا يختلف الود كثيرا في مؤتمرات وزير الخارجية وليد المعلم.
قد يرى البعض في تلك العلاقة الوثيقة أمرا طبيعيا في نظام لا تختلف منظمة صحافية في العالم على حربه على الحقيقة وحرية الإعلام ورفضه حركتها إلا بقيوده وشروطه المباشرة المفروضة حتى على تسمية وسائل الإعلام لمراسليها، لكن ما يحظى به الرجل من حظوة وتقديم في كل مؤتمر كان يترك خلفه همسات ووشوشات حتى عند أقرب المقربين من النظام، من المراسلين المحليين ومراسلي وسائل الإعلام الإيرانية واللبنانية.
ليس في علاقات الصحافي التي تخدم عمله أي ضير، بدون شك، لكن يحق للآخرين أن يثيروا حولها الجدل حين يبدو أثرها واضحا في التغطية الصحافية التي يقدمها لشبكة بعراقة بي بي سي.
في الخامس من فبراير الجاري وبالتزامن مع قصف قوات المعارضة مواقع عشوائية في العاصمة دمشق قدمت بي بي سي العربي تغطية عنوانها الرئيس «جيش الإسلام يقصف أحياء دمشق القديمة، ما أسفر عن مقتل مدنيين وجرح عشرات والطيران السوري يرد بقصف مرابض المعارضة المسلحة».
أول ما يلفت الانتباه هو كلمة «مرابض» التي تسللت إلى بي بي سي غير مرة، من قبل مراسلها في دمشق وقد نقل موقع بي بي سي على الإنترنت الكلمة عنه حرفيا كما قالها في الإذاعة. وبعيدا عن بعد الكلمة عن لغة الصحافة السهلة المأنوسة التي تستخدمها المؤسسات الاعلامية الكبرى، فإن ما فيها من معاني الاستهزاء والغمز لا يخفى على أحد، إذ تشير جميع قواميس العربية إلى أن الكلمة تستخدم للحديث عن حظائر الابل والأغنام وغيرها من الدواب التي تربض فيها. لكن لغة السخرية المنحازة تلك أقل ما في الأمر سوءا، إذا ما قورنت بما تلاها من حكم قطعي بأن ما قصفه طيران النظام هو مواقع للمعارضة أو منصات لإطلاق الصواريخ!
لا شك عندي بداية برواية بي بي سي ومشاهدات مراسلها في دمشق، وفيها أن صواريخ المعارضة وقذائفها الهزيلة سقطت في مواقع مدنية، وأسفرت عن ضحايا مدنيين، فهي كما هو معلوم للجميع أكثر عشوائية وعبثية من أن توجه أو تحدد أهدافها، لكن صواريخ الأسد الفراغية التي يمكن توجيهها، كانت وما زالت بالمشاهدات والأدلة موجهة إلى المدنيين تحديدا، بما يجعل قطع بي بي سي باستهدافها منصات أو «مرابض» صواريخ محلا للجدل، ولا أظنني بمسيس حاجة لأذكر أحدا بالفظائع التي ارتكبها هذا «الجيش السوري» وبأخلاقياته ومدى التزام حربه بالمعايير الإنسانية، فقد أتعب ذلك المنظمات الحقوقية والإنسانية وأفرغ أحبارها تسويدا لمجازر وجرائم لا يمكن حصرها وكثير منها مما نقلته بي بي سي العربية نفسها فيما مضى، قبل أن تغض عنها طرف التغطية شيئا فشيئا في الآونة الأخيرة.
أعود بالذاكرة إلى الغوطة الشرقية وقد حظيت قبل أشهر بشرف كوني آخر مراسلي الخارج الذين اقتحموا حصارها وخرجوا منها عقب مجزرة الكيماوي التي ارتكبت فيها. قضيت في الغوطة في رحلتي الصحافية تلك نحو 100 يوم بفعل الحصار الذي أغلق منافذ الخروج، 100 يوم لا يكاد يخلو يوم منها من قصف عشوائي لطيران النظام على سوق أو بناء أو منزل، لم يكن استهداف المدنيين على سبيل الخطأ قطعا بل كان وسيلة حرب وانتقام ممنهجة يستخدمها النظام ضد المعارضة وحاضنتها الشعبية.. لعل أرقام الضحايا وصور الأطفال والنساء أبرز شاهد على الأمر.
ورغم واقع القصف الأليم كانت سمة الغوطة الأبرز (وما تزال) هي الجوع وشظف العيش في ظل الحصار، إلى درجة أعيت فريقنا الصحافي حينها في البحث عن رغيف خبز وكثيرا ما كنا نلجأ إلى مقر الأطباء في دوما لنشاركهم «لقمتهم «المجدرة» أو «البرغل»… «الزعتري»… هكذا كان يحلو للأطباء أن يسموا مقرهم الصغير لشبهه بمخيم الزعتري في الأردن فقرا وضيقا وقلة في ما يمكن أن يقدمه للناس من خدمات، رغم أنه كان رحبا واسعا بكرم أولئك الأطباء وسعة صدورهم.
هناك في الزعتري تعرفت على د. أنمار طبيب جراحة الأوعية الوحيد في الغوطة حاله حال غيره من الأطباء الذين تجد في كل اختصاص منهم واحدا فقط وعلى عاتقهم علاج الجرحى والمرضى في ظل القصف المستمر على الغوطة التي يقدر عدد سكانها بمئات الآلاف.
د. أنمار هو اسمه المستعار إذ يرفض مع من معه من الأطباء أن توظف أسماؤهم في أي أمر ذي جدل ويصرون على أن مهمتهم إنسانية بحتة بعيدة عن كل متاعب الخلاف العسكري أو السياسي. خلال أعوام ثلاثة من العمل وحيدا في الغوطة أجرى الدكتور أنمار ما يقرب من 2000 عملية جراحة للأوعية، وهو عدد يبلغ ضعف عدد عمليات جراحة الأوعية التي أجراها الجيش الأمريكي طيلة فترة بقائه في فيتنام!
هذا الرقم المهول بنحو ست عمليات جراحة أوعية يوميا بدون توقف أو استراحة لا يجعل من دكتور أنمار أمهر جراح أوعية في العالم فحسب، بل واحدا من أعظم من تمثلت فيهم الإنسانية في تاريخ سوريا والعالم أجمع، معظم من عالجهم كانوا مدنيين، وكثيرا ما كان يغادر مائدة الطعام ليعالج جرحى قصف عشوائي جديد للنظام.
ليس مطلوبا من بي بي سي ولا غيرها أن تقف إلى جانب المعارضة أو الأسد، بدون شك، فكلاهما طرفا نزاع مسلح، عليه ما عليه من الأخطاء والانتهاكات، رغم فارق الإمكانات المعروف للجميع، لكن شعارا كانت تكرره الشبكة العريقة تقول فيه «مهما كبر الحدث لن يشغلناعن حقيقته، أنت» يحملها كما يحمل غيرها من وسائل الإعلام مسؤولية الوقوف إلى جانب الإنسان في ريف دمشق المحاصر للغوطة المحاصرة تماما كما وقفت إلى جانبه في دمشق.
في الخامس من فبراير وفي اليوم الذي قدمت فيه بي بي سي هذه التغطية المنحازة قصفت طائرات النظام بالصواريخ الفراغية الحي الذي يضم «الزعتري» سكن الأطباء في دوما وأهم مشافي الغوطة الشرقية… من الضحايا امرأة حامل مع ثلاثة من أطفالها وآخرون… دمر قسم الرنين المغناطيسي في المشفى بالكامل ومعظم العناية المشددة وخطوط الماء والأوكسجين وضواغط الهواء في غرف العمليات وكثير من الأجهزة الطبية نادرة الوجود في ظل حصار الغوطة.. دمرت غرف الاطباء بالكامل، أصيب الدكتور انمار بحروق في الوجه وقرنية العين وأجزاء أخرى من جسمه كما أصيب الدكتور أنس طبيب الجراحة الصدرية الوحيد في الغوطة جراء سقوط جزء من ردم السقف عليه، ولم يسلم بقية الأطباء من خدوش أو جراح أقل، فيما توقف منذ ذلك الوقت أهم مشفى في الغوطة المحاصرة عن العمل.
أكثر من سبعين قتيلا و500 جريح بينهم أطفال ونساء كانت حصيلة قصف الخامس من فبراير الذي استهدف «مرابض المعارضة» في غوطة دمشق الشرقية.
-------------
القدس العربي
14- 2 - 2015

سليم البيك - كاتب من فلسطين

 
 
في المخيّم، الأشهر الأولى للانتفاضة الثانية، برزت أسماء فلسطينية، أو كانت بارزة وازداد بروزُها آنذاك للأمسيات التي كانوا يلقون فيها قصائد، كخالد أبو خالد، أو لمقالات ينشرونها، كرشاد أبو شاور، وكانت جميعها سياسيّة. في المخيّم، سعيتُ مرّة للوصول إلى كتابات أدبيّة لكليْهما ولآخرين، سعيٌ لم يتعدَّ الكتاب الأوّل الذي وجدته. وما قرأته، أدبًا ومقالات، ساهم في أمريْن: تشكيل وعيٍ زائف بالقضيّة الفلسطينيّة وتشكيل ذائقة أدبيّة زائفة هي الأخرى، أظنّني تركتها عندما لم أجد سببًا يجعلني أبحث عن الكتاب الثاني لهذا وذاك.
لم يبقَ من أبو خالد وأبو شاور غير الاسم القديم الذي حفّز شبابًا فلسطينيين في مرحلة ما على قراءة أعمال أدبية لأسباب غير أدبيّة
إلى ما قبل الثّورة السورية، لم يبقَ من أبو خالد وأبو شاور غير الاسم القديم الذي حفّز شبابًا فلسطينيين في مرحلة ما على قراءة أعمال أدبية لأسباب غير أدبيّة، بل لسبب صوتيْهما العالي في الحديث عن الانتفاضة، فكانت القراءة الأدبيّة فعلًا سياسيًا متحمّسًا، ولم يحُل ذلك دون أن تنتأ الرّداءة في النَّص المقروء.
اقرأ/ي أيضًا: قتلتُ لأنني أردتُ أن أحيا
اليوم، بعد خمس سنوات على الثّورة السورية، اليوم تحديدًا، الآن ونظام الأسد يستمر في قصفه مدينة حلب، المدينة التي اختارها جدّي ملجأً أخيرًا قبل سبعين عامًا، اليوم نقرأ خبرًا عن زيارة خالد أبو خالد (شاعر) ورشاد أبو شاور (روائي) واثنيْن آخرين بالكاد جديريْن بذكر اسميْهما، مراد السوداني (أمين عام اتحاد الكتاب والأدباء في رام الله) ووليد أبو بكر (عضو في أمانة الاتحاد ذاته)، نقرأ عن زيارتهم إلى دمشق المحتلّة من قبل الحزب الفاشي والتقائهم بنائب مجرم الحرب هناك.
وإن كان واحدنا قد تحرّر باكرًا من الرّداءة الأدبية لهؤلاء، أتكلّم عن أوّل اثنين، فالسوداني وأبو بكر أقلّ من أن يُقرأ لهما قصيدة أو مقالة، ولم يجد واحدنا سببًا للبحث عن قصائد أو قصص أخرى غير المقروءة أوّل مرّة، فإنّ تزييفًا مريعًا للوعي قد استمرَّ إلى سنوات لاحقة، استمرارٌ كان مبرّره الوحيد هو الموقف تجاه الانتفاضة، وكأنَّ الموقف مكرمة من المثقّف وليس واجبًا أو حدًا أدنى.
في السّنوات الأخيرة استطاع واحدنا تبيان فداحة التزييف الذي استطاعت هذه الأسماء تمريرها إلى جيل شاب يبحث عن نصوص أدبية لكتّاب فلسطينيين، لأسباب سياسية. والأسباب السياسية كذلك هي التي أبانت هذا التزييف الذي كانت قد أتت به قبل 15 سنة.
فلسطين التي لا نعرفها غير قضيّة للمظلومين أينما كانوا، هي سوريا الآن، هي سوريا قبل أي شيء
لكن ليس الموقف السياسي هو المقيّم الأدبي بكل الأحوال، لا حينها ولا الآن ولا أبدًا، وإن كان محفّزًا على القراءة لهؤلاء في حينها، وكان محفّزًا سياسيًا ردعته الرّداءة الأدبيّة.
اقرأ/ي أيضًا: ما بعد إسرائيل.. تشريح الذات الصهيونية
الآن، وهذه الأسماء، ولائحة العار الفلسطينية هذه، سأكرّرها كي لا ننساها: خالد أبو خالد ورشاد أبو شاور ومراد السوداني ووليد أبو بكر، وهذه الأسماء لا تكتفي بتقيُّئها شبه اليومي في تأييد النّظام الفاشي في سوريا، بل تذهب إلى دمشق وتزوره، اليوم تحديدًا مع القصف المركّز على حلب، تزوره وتحكي باسم فلسطين، هناك في القصر الحاوي لمجرم الحرب الأبشع في العصر الحديث، من لا يؤتى على مقارنته بغير هتلر وموسوليني.
باسم أي فلسطين يحكي هؤلاء؟ تلك التي تقاتل فاشيًا على أرضها وتؤيّد آخر على أرض جارة؟ فلسطين التي يزور هؤلاء باسمها دمشق المحتلّة غير موجودة في غير رؤوسهم الصّدئة، في غير الوعي الزائف الذي حاولوا ربط فلسطين الفكرةَ به، في غير الكذب في نصوصهم، في غير الأدب الزّائف والرَّديء الذي حاولوا ترويجه باسم فلسطين وتشويه ذاكرتنا به. قد يسامح أحدنا هؤلاء على ربط فكرة فلسطين بأدب رديء لأسباب غير أدبيّة، أمّا ربط فكرة فلسطين بفاشيّة شاميّة فهذا نسف للفكرة من أساسها، هذا ما لن تُسامَح عليه هذه الأسماء الأربعة.
فلسطين التي لا نعرفها غير قضيّة للمظلومين أينما كانوا، هي سوريا الآن، هي سوريا قبل أي شيء، فلسطين هي حلب الآن وحمص من قبل ودوما والرّقة وكل سوريا. وزيارة هؤلاء اليوم ليست أقلّ فداحة من زيارةٍ تكون باسم فلسطين إلى مقر رئاسة الوزراء الإسرائيلي أثناء قصف غزّة.
لن ننسى، كفلسطينيين وسوريين، وكفلسطينيي سوريا، هذه الأسماء الأربعة أبدًا.

سليم البيك - كاتب من فلسطين

 
 
في المخيّم، الأشهر الأولى للانتفاضة الثانية، برزت أسماء فلسطينية، أو كانت بارزة وازداد بروزُها آنذاك للأمسيات التي كانوا يلقون فيها قصائد، كخالد أبو خالد، أو لمقالات ينشرونها، كرشاد أبو شاور، وكانت جميعها سياسيّة. في المخيّم، سعيتُ مرّة للوصول إلى كتابات أدبيّة لكليْهما ولآخرين، سعيٌ لم يتعدَّ الكتاب الأوّل الذي وجدته. وما قرأته، أدبًا ومقالات، ساهم في أمريْن: تشكيل وعيٍ زائف بالقضيّة الفلسطينيّة وتشكيل ذائقة أدبيّة زائفة هي الأخرى، أظنّني تركتها عندما لم أجد سببًا يجعلني أبحث عن الكتاب الثاني لهذا وذاك.
لم يبقَ من أبو خالد وأبو شاور غير الاسم القديم الذي حفّز شبابًا فلسطينيين في مرحلة ما على قراءة أعمال أدبية لأسباب غير أدبيّة
إلى ما قبل الثّورة السورية، لم يبقَ من أبو خالد وأبو شاور غير الاسم القديم الذي حفّز شبابًا فلسطينيين في مرحلة ما على قراءة أعمال أدبية لأسباب غير أدبيّة، بل لسبب صوتيْهما العالي في الحديث عن الانتفاضة، فكانت القراءة الأدبيّة فعلًا سياسيًا متحمّسًا، ولم يحُل ذلك دون أن تنتأ الرّداءة في النَّص المقروء.
اقرأ/ي أيضًا: قتلتُ لأنني أردتُ أن أحيا
اليوم، بعد خمس سنوات على الثّورة السورية، اليوم تحديدًا، الآن ونظام الأسد يستمر في قصفه مدينة حلب، المدينة التي اختارها جدّي ملجأً أخيرًا قبل سبعين عامًا، اليوم نقرأ خبرًا عن زيارة خالد أبو خالد (شاعر) ورشاد أبو شاور (روائي) واثنيْن آخرين بالكاد جديريْن بذكر اسميْهما، مراد السوداني (أمين عام اتحاد الكتاب والأدباء في رام الله) ووليد أبو بكر (عضو في أمانة الاتحاد ذاته)، نقرأ عن زيارتهم إلى دمشق المحتلّة من قبل الحزب الفاشي والتقائهم بنائب مجرم الحرب هناك.
وإن كان واحدنا قد تحرّر باكرًا من الرّداءة الأدبية لهؤلاء، أتكلّم عن أوّل اثنين، فالسوداني وأبو بكر أقلّ من أن يُقرأ لهما قصيدة أو مقالة، ولم يجد واحدنا سببًا للبحث عن قصائد أو قصص أخرى غير المقروءة أوّل مرّة، فإنّ تزييفًا مريعًا للوعي قد استمرَّ إلى سنوات لاحقة، استمرارٌ كان مبرّره الوحيد هو الموقف تجاه الانتفاضة، وكأنَّ الموقف مكرمة من المثقّف وليس واجبًا أو حدًا أدنى.
في السّنوات الأخيرة استطاع واحدنا تبيان فداحة التزييف الذي استطاعت هذه الأسماء تمريرها إلى جيل شاب يبحث عن نصوص أدبية لكتّاب فلسطينيين، لأسباب سياسية. والأسباب السياسية كذلك هي التي أبانت هذا التزييف الذي كانت قد أتت به قبل 15 سنة.
فلسطين التي لا نعرفها غير قضيّة للمظلومين أينما كانوا، هي سوريا الآن، هي سوريا قبل أي شيء
لكن ليس الموقف السياسي هو المقيّم الأدبي بكل الأحوال، لا حينها ولا الآن ولا أبدًا، وإن كان محفّزًا على القراءة لهؤلاء في حينها، وكان محفّزًا سياسيًا ردعته الرّداءة الأدبيّة.
اقرأ/ي أيضًا: ما بعد إسرائيل.. تشريح الذات الصهيونية
الآن، وهذه الأسماء، ولائحة العار الفلسطينية هذه، سأكرّرها كي لا ننساها: خالد أبو خالد ورشاد أبو شاور ومراد السوداني ووليد أبو بكر، وهذه الأسماء لا تكتفي بتقيُّئها شبه اليومي في تأييد النّظام الفاشي في سوريا، بل تذهب إلى دمشق وتزوره، اليوم تحديدًا مع القصف المركّز على حلب، تزوره وتحكي باسم فلسطين، هناك في القصر الحاوي لمجرم الحرب الأبشع في العصر الحديث، من لا يؤتى على مقارنته بغير هتلر وموسوليني.
باسم أي فلسطين يحكي هؤلاء؟ تلك التي تقاتل فاشيًا على أرضها وتؤيّد آخر على أرض جارة؟ فلسطين التي يزور هؤلاء باسمها دمشق المحتلّة غير موجودة في غير رؤوسهم الصّدئة، في غير الوعي الزائف الذي حاولوا ربط فلسطين الفكرةَ به، في غير الكذب في نصوصهم، في غير الأدب الزّائف والرَّديء الذي حاولوا ترويجه باسم فلسطين وتشويه ذاكرتنا به. قد يسامح أحدنا هؤلاء على ربط فكرة فلسطين بأدب رديء لأسباب غير أدبيّة، أمّا ربط فكرة فلسطين بفاشيّة شاميّة فهذا نسف للفكرة من أساسها، هذا ما لن تُسامَح عليه هذه الأسماء الأربعة.
فلسطين التي لا نعرفها غير قضيّة للمظلومين أينما كانوا، هي سوريا الآن، هي سوريا قبل أي شيء، فلسطين هي حلب الآن وحمص من قبل ودوما والرّقة وكل سوريا. وزيارة هؤلاء اليوم ليست أقلّ فداحة من زيارةٍ تكون باسم فلسطين إلى مقر رئاسة الوزراء الإسرائيلي أثناء قصف غزّة.
لن ننسى، كفلسطينيين وسوريين، وكفلسطينيي سوريا، هذه الأسماء الأربعة أبدًا.

محمود الزيبق
الاحد 1 ماي 2016