نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


مهاجرو أمريكا الوسطى تحت رحمة المثلث الملعون




بنما سيتي - يعبر مئات الآلاف من البشر أراضي أمريكا الوسطى كل عام على أمل دخول الولايات المتحدة. وأغلب هؤلاء مهاجرين غير شرعيين فارين من العنف والفقر، فيما يعرف باسم المثلث الشمالي لأمريكا اللاتينية، والذي يضم السلفادور وجواتيمالا وهندوراس، قبل أن ينضم إليهم القادمون من مناطق الصراع والقارات الأخرى مثل سوريا وإريتريا.


وفي حين تمثل دول البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى وأمريكا الشمالية حوالي 2ر7% فقط من سكان العالم، فإنها تضم حوالي 25% من المهاجرين في العالم، كما أنها تواجه تجربة فريدة في حركة المهاجرين بحسب المنظمة الدولية للهجرة.

وقد وصل إلى الدول الثلاث الصغيرة المعروفة باسم المثلث الشمالي حوالي ستة ملايين شخص.

وفي أحدث تقاريرها وصفت منظمة العفو الدولية هذا المثلث بأنه "واحد من أكثر الأماكن عنفا في العالم حيث يزيد عدد من يلقون حتفهم فيه نتيجة أعمال العنف على عدد الذين يموتون في مناطق الصراع في العالم.. فالحياة اليومية للكثيرين من الناس في هذا المثلث تمضي تحت رحمة عصابات الجريمة المنظمة" وهو ما يجعله "مثلثا معلونا" بالنسبة لمئات الآلاف من الضحايا.

وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية، فإن أنشطة العصابات "زادت مع وصول أعداد من أفراد العصابات المطرودين من الولايات المتحدة وتنامي نفوذ عصابات تهريب المخدرات في المنطقة".

وقد أدى العنف المفرط في هذه المنطقة إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص عام 2016، ليس هذا فحسب، وإنما تشير البيانات الرسمية لعام 2015 إلى وصول معدل القتل المتعمد في السلفادور وهندوراس وجواتيمالا إلى 108 و64 و35 حالة لكل 100 ألف مواطن في الدول الثلاث على الترتيب، في حين أن المعدل في الولايات المتحدة، وهي واحدة من أكثر الدول التي ينتشر فيها حمل المواطنين للسلاح، لا يتجاوز4ر4حالة لكل 100 ألف مواطن في عام 2014.

ووفقا لتقديرات منظمة "القوة الهندورانية الوطنية لمناهضة الابتزاز" التي تعمل في المنطقة، فإن إجمالي ما يدفعه مواطنو السلفادور نتيجة ابتزاز العصابات الإجرامية لهم يصل إلى 390 مليون دولار وفي هندوراس 200 مليون دولار وفي جواتيمالا 61 مليون دولار سنويا.

ويقول "برتراند بروسيه" رئيس بعثة منظمة "أطباء بلا حدود" في المكسيك أثناء نشر تقرير الشهر الماضي للمنظمة تحت عنوان "الفرار الإجباري من المثلث الشمالي لأمريكا الشمالية: أزمة إنسانية منسية"، إن القتل والخطف والتهديد والتجنيد لصالح جماعات مسلحة غير حكوميةن والابتزاز والعنف الجنسي والاختفاء القسري، هي كلها حقائق يعيشها سكان هذه المنطقة من أمريكا الوسطى.

وأضاف أن "هذا العنف الذي لا يتوقف والمعاناة العاطفية التي يعاني منها أعداد كبيرة من مواطني هذه الدول الثلاث وتدفعهم إلى الرحيل منها لا تختلف عن تلك التي تعانيها شعوب مناطق الصراع التي عملت فيها عشرات السنين".

وخلال العام الأخير من حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وافق الكونجرس على تقديم 750 مليون دولار لحكومات الدول الثلاث من أجل محاربة الهجرة غير المشروعة.

وتقول منظمة "أطباء بلا حدود" إن "التحرك المنسق لضمان سلامة الذين يتحركون عبر هذه الدول من العنف والاضطهاد، أمر مرحب به، بالحماية الدولية، وليس بمزيد من العنف"، عند عبورهم إلى المكسيك.

*رحلة محفوفة بالمخاطر إلى الشمال:
يقول "ماريو مادرازو رئيس إدارة "توثيق ورقابة المهاجرين" في المعهد الوطني للهجرة في المكسيك إنه "لا شك في تزايد الظروف التي تدفع المزيد من الناس في أمريكا الوسطى إلى الهجرة نحو المكسيك.. أغلبهم يرتبطون ببعض المهربين".

وفي "مسح الصراعات المسلحة في العالم 2017" اعتبر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، المكسيك ثاني أشد مناطق الصراع خطورة في العالم بعد سوريا حيث شهدت 23 ألف حالة قتل متعمد خلال 2016"

وأضاف أنه "من النادر جدا وصول العنف الجنائي إلى مثل هذا المستوى القريب جدا من عنف الصراع المسلح، لكن هذا يحدث في المثلث الشمالي وبخاصة المكسيك".

ووفقا لبعض البيانات فإنه منذ 2006 اختفى أكثر من 120 ألف مهاجر في المكسيك أثناء عبورهم إلى الولايات المتحدة، كما أن حوالي 80% من النساء والفتيات المهاجرات يتعرضن للاغتصاب أثناء الرحلة، بحسب مقال بعنوان "اخبرونا كيف انتهى الأمر" للكاتبة المكسيكية "فاليريا لويزلي".

وبحسب "مهرب بشر" سلفادوري التقت به وكالة الأنباء الأسبانية (إفي)، فإن تكلفة تهريب أي مهاجر إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك تتراوح بين 6 آلاف و20 ألف دولار. وتشمل التكلفة القصوى، الأموال التي يتم دفعها "للمتعاونيين الضروريين" مع "ضمان" تكرار المحاولة 3 مرات للوصول إلى الولايات المتحدة في حالة فشل المحاولة الأولى.

ويضطر المهاجرون إلى دفع مقابل "الحماية" من عصابات الجريمة أثناء رحلة الهجرة، وأحيانا يكون المقابل هو المشاركة في بعض الجرائم، ومنها حمل كمية من المخدرات لتوصيلها إلى الولايات المتحدة أو المكسيك.

وبحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة، فإن 40% من المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة والمقدر عددهم بحوالي 6 ملايين مهاجر مولودون في أمريكا الوسطى أو دول البحر الكاريبي. ويعيش في الولايات المتحدة حوالي 8ر2 مليون سلفادوري أرسلوا خلال العام الماضي تحويلات مالية بلغت 4ر16% من إجمالي الناتج المحلي للسلفادور. كما يعيش 2ر1 مليون مهاجر هندوراسي في أمريكا تمثل تحويلاتهم ما يعادل 20% من إجمالي الناتج المحلي لهندوراس، وتمثل تحويلات مواطني جواتيمالا في أمريكا حوالي 18% من إجمالي الناتج المحلي لجواتيمالا.

* مأساة الترحيل:
بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين، فإن قمة المأساة تأتي بعد الوصول إلى الولايات المتحدة عندما يتم القبض عليهم وإجبارهم على العودة إلى بلادهم.

وفي عام 2016 قامت الولايات المتحدة بترحيل حوالي 5ر78 ألف مهاجر غير شرعي إلى دول المثلث الشمالي، وفقا للبيانات الرسمية. ويزداد هذا الرقم عندما يتم حساب مهاجري أمريكا الوسطى الذين رحلتهم المكسيك التي تعتبر طريق المرور إلى "الحلم الأمريكي", وفي العام الماضي رحلت المكسيك 31325 سلفادوري، مقابل 21063 سلفادوري رحلتهم الولايات المتحدة خلال العام نفسه.

وقد سجلت منظمة العفو الدولي التي تقدر عدد المهاجرين غير الشرعيين عبر المكسيك بأكثر من 400 ألف مهاجر سنويا، زيادة غير مسبوقة في عدد طلبات اللجوء التي تلقتها المكسيك خلال العام الماضي ليصل إلى 6898 طلبا خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي 93% منهم من المثلث الشمالي، حيث تم منح 2612 حالة حق اللجوء.

وبحسب منظمة العفود الدولية، فقد زاد عدد طلبات اللجوء من السلفادور وهندوراس وجواتيمالا في مختلف دول العالم خلال الفترة من 2010 إلى 2015 بنسبة 597% وهو ما يشير إلى تغيير حقيقي في دوافع الهجرة والتي لم تعد اقتصادية فقط، وإنما أصبحت هربا من العنف والفوضى وغياب القانون في مجتمعاتهم.

*المهاجرون الدوليون:
تعد منطقة أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي مصدرا ونقطة عبور للهجرة غير الشرعية. وتعد بنما بوابة العبور لهذه المنطقة حيث اعترضت خلال العام الماضي 25438 مهاجر غير شرعي على حدودها مع كولومبيا، حيث قال 10748 شخصا إنهم من الكونغو، رغم أن التقديرات تقول إنهم من هايتي وأنهم يدعون أنهم كونغوليون لتجنب الترحيل، حيث يصعب ترحيلهم إلى الكونغو.

ويقول فرع أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة والموجود مقره في بنما، إن عصابات التهريب تأخذ المهاجرين من إفريقيا والشرق الأوسط الذين يريدون دخول الولايات المتحدة عبر "المخروط الجنوبي"، من خلال شبكة عالية التنسيق، تشمل رحلات جوية عبر شركات الطيران الرسمية والمرور من نقاط الحدود "العمياء" البرية والبحرية والتي تغيب عنها الرقابة الحكومية اللازمة.

وبحسب "أماندو فيليب دي أندريس" ممثل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي لوكالة الأنباء الأسبانية إن شبكات تهريب المهاجرين تمول نفسها ذاتيا من خلال تهريب الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا.

ويستهدف أغلب المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط وإفريقيا إلى أمريكا الوسطى الوصول إلى الولايات المتحدة وكندا.

ويحصل المهربون من هؤلاء المهاجرين على حوالي 17 ألف دولار "كتكلفة شاملة"، تشمل جواز سفر حقيقي لكنه يحمل بيانات مزيفة تم الحصول عليها بالرشوة من إدارات الجوازات في دول مثل السنغال، إلى جانب تذاكر الطيران والإعاشة لمدة أسبوعين في دولة الوصول بأمريكا الوسطى، قبل التسلل إلى الولايات المتحدة.

وتضم قائمة الجنسيات الأكثر رغبة في الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة حاليا الألبان والسوريين والأتراك وبعض العراقيين، وقد انضم إليهم الإريتريون والصوماليون ومواطنو غرب إفريقيا.

وبحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، فإن هذا النشاط غير القانوني يحقق عائدات سنوية قد تصل إلى 400 مليون دولار.

وعادة فإن المهاجرين الذين لا يستطيعون سداد تكاليف الهجرة، يمكنهم تقديم "خدمات" لشبكة التهريب لاستكمال المقابل، وهو ما يجعلهم يسقطون في فخ هذه الشبكات.

وبحسب "أندريس" فإنه من المتوقع أن يزيد عدد القادمين من خارج أمريكا الوسطى واللاتينية، إلى المنطقة للهجرة إلى الولايات المتحدة بمقدار 10 أمثال خلال العامين المقبلين، وهو ما يمكن أن يؤثر على دول أمريكا الوسطى في ظل تعزيز إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإجراءات منع تسلل المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة.

يقول أحد الدبلوماسيين إن ملف الهجرة غير الشرعية في أمريكا الوسطى "يجب أن تكون أولوية لأنه سيكون قنبلة موقوتة".

د ب ا
الثلاثاء 20 يونيو 2017