نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


هل تفوق مؤامرات عالم ترامب السياسية والمالية خيال المسلسلات ..؟





واشنطن - مارتين بيالكي- منذ عام 2013، يتابع الملايين المسلسل الدرامي "منزل من أوراق اللعب" حول عالم المكائد والمؤامرات السياسية التي تدور في أروقة البيت الأبيض، بطولة كيفن سبيسي، روبين رايت ومايكل كيللي، ولكن منذ أن حل دونالد ترامب بالبيت البيض، يبدو أن الواقع السياسي الأمريكي، بات يفوق الخيال الدرامي وتجاوزه بمراحل، فهل هذا حقيقي؟


 
على مدار الحلقات يتعرف مشاهدو مسلسل "نتفليكس" على المؤامرات التي يحيكها بدم بارد الزوجان فرانك وكلير أندروود (سبيسي ورايت). هناك توافق كبير بين تفاصيل السيناريو، والواقع السياسي، الذي يستقي منه المسلسل في كثير من الأحيان أحداثه الدرامية، أخذا في الاعتبار أن ما يحدث على الشاشة في النهاية مجرد خيال بينما الواقع شيئ آخر.

هناك فروق جوهرية بين الواقع والخيال، ففي عالم الدراما يتفوق فرانك أندروود على ترامب من حيث أن أسلوب اختياره لثيابه ومستوى ذوقه يتفوق على الرئيس الأمريكي، ويتجاوز الأمر ذلك إلى تفاصيل أخرى، فالشخصية التي يجسدها كيفن سبيسي على الشاشة، يعرف متى يترك سترته مفتوحة الأزرار ومتى تكون مغلقة، كما يتفوق على عملاق العقارات أيضا في اختيار ربطات العنق وأناقة أسلوب ربطها.

أما كلير أندروود فمن متطلبات الشخصية التي تقدمها أن تكون باردة كجبل جليد، تحسب كل خطواتها بدقة متناهية كلاعبة شطرنج محترفة، غارقة طوال الوقت في المؤامرات السياسية، بقسوة قلب لا تعرف الرحمة إليه طريقا، وهي صفات لا تتوافر أيا منها في ميلاني ترامب، والتي بدا من خلال الشهور الأولى لجلوسها في البيت الأبيض أن مهمة السيدة الأولى أكبر منها بكثير. فضلا عن أن كلير مستشارة وزميلة عمل لفرانك في الظاهر، لكن الخصومة هي الإطار الحاكم لعلاقتهما الخفية.

الحبكة الرئيسية لمسلسل "منزل من أوراق اللعب" هي فساد الطبقة السياسية في واشنطن، من خلال المزج بين مواقف حقيقية بأخرى درامية خيالية، مبالغ فيها بجنون في بعض الأحيان. على أرض الواقع يعتبر ترامب هو المؤلف الدرامي والمخرج ويسعده أداء جميع الأدوار الرئيسية بدون مبالغة.

أما العوامل المشتركة فتكمن في المؤامرات، والتسريبات، والسباب، والخيانات، سواء في الواقع أم في الخيال، علاوة على القضايا ذات الاهتمام العالمي مثل قضايا الشرق الأوسط، الصراعات الدائرة في سورية وليبيا وآفة الإرهاب الدولي التي تهدد السلم والأمن الدوليين، والتي يجري تسييسها بسهولة.

هناك أيضا العلاقات مع روسيا، على الرغم من أن لارس ميكلسون الذي يجسد شخصية الرئيس الروسي في المسلسل (فيكتور بتروف) يبدو في الدراما أكثر تعقلا من الرئيس الروسي على أرض الواقع فلاديمير بوتين. وسواء في عالم الخيال الدرامي أو في عالم الواقع، يشهد المتابع سلسلة من القضايا أدت إلى انقسام المجتمع الأمريكي.

مؤخرا، أصبحت أحداث مسلسل "منزل من أوراق اللعب"، أكثر توقعا ويمكن التنبؤ بها من معارك الكر والفر التي تتبعها سياسة الرئيس ترامب الخارجية. فواقع الأمر أن الإطار الدرامي لأحداث حياة الثنائي أندروود، بات معروفا، فيما تتوالى الأحداث عبر المواسم المختلفة من المسلسل، وفي الحقيقة، فإن هذا الوضع ليس جيدا بالنسبة لمسلسل مثلما اتضح في أكثر من مسلسل. في حالة ترامب الأمر له ميزة الوافد الجديد، حيث اعترف أحد أبطال المسلسل قبل عرض الموسم الخامس أن ترامب في الواقع سرق منهم الكثير من الأفكار بسياساته ومواقفه التي تفوق الخيال.

يكمن الفارق الكبير أيضا في أن المرء لا يتعين عليه مشاهدة المسلسل، ومع ذلك، يستحيل الهروب من واقع عصر ترامب. وواقع هذه الأيام قاسي للغاية: رئيس أمريكي يهدد باستخدام ترسانة بلاده النووية، يختلف كليا عن ممثل يضحي بمدير مكتبه لينقذ نفسه.



هناك بعض المشاهد، على الرغم من أنها تتناول مواقف مختلفة، إلا أنه يصعب التمييز إذا كانت تفاصيلها من صنع ترامب أم أندروود، ومنها على سبيل المثال: "أؤمن بالرئاسة ولكن أؤمن أكثر بالسلطة"، أو حينما يخاطب الرئيس الشعب الأمريكي: "أميركا، لقد اخترتني، والآن ماذا؟ هل أنتِ متحيرة؟".

في كثير من الأحيان يرفع أداء ترامب وتيرة الأحداث وشحنها وتوترها من خلال مناوراته السياسية، بصورة تفوق بكثير أحداث المسلسل الدرامية، إلا أن المشاهد التي يظهر فيها مذيعو شبكة (سي إن إن) أو ( إم إس إن بي سي )، تبث في شرايين الدراما جرعة قوية من واشنطن الواقع. يحدث الأمر عينه مع إعادة بث اجتماعات لجان الكونجرس أو جلسات التحقيقات مع مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي أي). في هذه المواقف يتداخل عالم الواقع مع عالم الخيال، مهما بدا شاسعا الاختلاف بين العالمين.

أما فيما يتعلق بالمنازعات والخلافات بين جماعات المصالح المختلفة في البيت الأبيض، فتبدو بوضوح أكثر على الشاشة، مما قد يتاح التعرف عليه داخل كواليس مطبخ صنع القرار في المكان الأكثر تأثيرا في الأحداث العالمية على ظهر الكوكب.

يدير الثنائي أندروود عالم السياسة وفق أهوائهما ومصالحهما، وبالتالي يتلاعبون بالواقع لمصلحة الدراما وفقما يتراءى لهما، وفي عالم الواقع يقوم ترامب أحيانا بأمور مماثلة. "حضراتكم تتحملون وزر هذا النظام. أنتم سمحتم بحدوث كل هذا، مرحبا بكم في نهاية عصر المنطق"، يقول أندروود في أحد المشاهد مخاطبا الكاميرا مباشرة، فيما يبدو صدى لما قد يتمخض عنه عصر حكم ترامب.

مارتين بيالكي
الخميس 21 سبتمبر 2017