ولكن ؟
كيف وصل “بعض” السوريين إلى هنا ومن الذي أوصلهم؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن يبحث فيه كل منصف وباحث عن منجى.
معظم دول العالم (بمن فيهم أعداء الثورات وقادة إطفائها) يجمعون على تغول الإيرانيين ودورهم التدميري الوحشي في سوريا، ولا يخفى على متمنطق بالمنطق أن مشروع إيران في سوريا والمنطقة هو مد إيديولوجي تبشيري طائفي، وهذه المشاريع عادة تعتمد الإبادة والتطهير بغية خلق واقع جديد كلياً، ناس جدد بلغة جديدة ودين جديد وسياقات ثقافية واجتماعية جديدة… وعليه، اقتلعت ميليشيات إيران الناس من جذورهم، طردتهم من ديارهم وماضيهم ومستقبلهم، ولم يقدم خصوم إيران البدائل لهؤلاء، فوجدوا أنفسهم عراة في فراغ عقيم!.. فماذا هم فاعلون؟
نزحوا أول مرة، والثانية والثالثة… لا مستشفيات ولا مدارس ولا قوانين ولا اقتصاد. فحتى المستشفيات والخدمات الأساسية التي قدمتها بعض الدول والمجتمع الدولي، لاحقتها طائرات روسيا واصطادتها واحدة تلو الأخرى، لتجعل حياة الناس مستحيلة في منازحهم، وهذا هو الدور الروسي الرئيس في سوريا.. جعل الحياة أو حتى مجرد العيش مستحيلاً في أي جغرافيا خارجة عن سيطرة حلفها في سوريا.
وبعد التدخل الروسي المباشر عام 2015 استقالت الدول العربية من القضية السورية، ليعود بعضها منقلباً على نفسه داعماً لحلف الأسد- روسيا أو حتى الانفصاليين نكاية بتركيا فقط، لا محبة بهذا أو كرهاً لذاك.
ولما اشتد سعار الحريق وتمدد، وجد كل فريق ضالته في السوريين المنهكين، على أن المرتزقة الذين وظفتهم سائر الدول والأجهزة هم قلة لا يمكن إن تحكم على شعب، فحتى في المخيمات التي هي الأشد بؤساً على وجه الأرض، ما زال المثل القائل “تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها” ماثلاً جلياً ناصعا.
وخلاصة القول: أنْ تُضعف إنساناً إلى درجة أن يرى أطفاله يموتون جوعاً وبرداً وقصفاً… أنْ تحرمه من أدوات الحياة كلها… أن تقتلعه من بيته وتعمي ذاكرته وتسد عليه منافذ مستقبله… وبعد ذلك تعيّره بضعفه، فهذه لعمري هي وصفة تدمير الشعوب.
إلا أنه وبعد تسع سنوات من حقن جرعات الخوف، فإن جرعة الأمل ما زالت غالبة، فعلى الأرض لم تنطفئ المقاومة، والرسائل التي تأتي من الخيام ومن وراء البحار ليست ممهورة بخاتم الهزيمة أو بإعلان الاستسلام، بل على العكس، تعاند وتتحدى.. والمراهنون على غير ذلك لا يعرفون أبداً ما معنى أننا قلنا لا لأعتى منظومة إجرامية في التاريخ..
من تجاوز تلك اللحظة سيتجاوز ما بعدها.. تلك كانت لحظة الخوف الأعظم.. وقد قطعناها.
--------
الحرة
هذا هو السؤال الذي يجب أن يبحث فيه كل منصف وباحث عن منجى.
معظم دول العالم (بمن فيهم أعداء الثورات وقادة إطفائها) يجمعون على تغول الإيرانيين ودورهم التدميري الوحشي في سوريا، ولا يخفى على متمنطق بالمنطق أن مشروع إيران في سوريا والمنطقة هو مد إيديولوجي تبشيري طائفي، وهذه المشاريع عادة تعتمد الإبادة والتطهير بغية خلق واقع جديد كلياً، ناس جدد بلغة جديدة ودين جديد وسياقات ثقافية واجتماعية جديدة… وعليه، اقتلعت ميليشيات إيران الناس من جذورهم، طردتهم من ديارهم وماضيهم ومستقبلهم، ولم يقدم خصوم إيران البدائل لهؤلاء، فوجدوا أنفسهم عراة في فراغ عقيم!.. فماذا هم فاعلون؟
نزحوا أول مرة، والثانية والثالثة… لا مستشفيات ولا مدارس ولا قوانين ولا اقتصاد. فحتى المستشفيات والخدمات الأساسية التي قدمتها بعض الدول والمجتمع الدولي، لاحقتها طائرات روسيا واصطادتها واحدة تلو الأخرى، لتجعل حياة الناس مستحيلة في منازحهم، وهذا هو الدور الروسي الرئيس في سوريا.. جعل الحياة أو حتى مجرد العيش مستحيلاً في أي جغرافيا خارجة عن سيطرة حلفها في سوريا.
وبعد التدخل الروسي المباشر عام 2015 استقالت الدول العربية من القضية السورية، ليعود بعضها منقلباً على نفسه داعماً لحلف الأسد- روسيا أو حتى الانفصاليين نكاية بتركيا فقط، لا محبة بهذا أو كرهاً لذاك.
ولما اشتد سعار الحريق وتمدد، وجد كل فريق ضالته في السوريين المنهكين، على أن المرتزقة الذين وظفتهم سائر الدول والأجهزة هم قلة لا يمكن إن تحكم على شعب، فحتى في المخيمات التي هي الأشد بؤساً على وجه الأرض، ما زال المثل القائل “تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها” ماثلاً جلياً ناصعا.
وخلاصة القول: أنْ تُضعف إنساناً إلى درجة أن يرى أطفاله يموتون جوعاً وبرداً وقصفاً… أنْ تحرمه من أدوات الحياة كلها… أن تقتلعه من بيته وتعمي ذاكرته وتسد عليه منافذ مستقبله… وبعد ذلك تعيّره بضعفه، فهذه لعمري هي وصفة تدمير الشعوب.
إلا أنه وبعد تسع سنوات من حقن جرعات الخوف، فإن جرعة الأمل ما زالت غالبة، فعلى الأرض لم تنطفئ المقاومة، والرسائل التي تأتي من الخيام ومن وراء البحار ليست ممهورة بخاتم الهزيمة أو بإعلان الاستسلام، بل على العكس، تعاند وتتحدى.. والمراهنون على غير ذلك لا يعرفون أبداً ما معنى أننا قلنا لا لأعتى منظومة إجرامية في التاريخ..
من تجاوز تلك اللحظة سيتجاوز ما بعدها.. تلك كانت لحظة الخوف الأعظم.. وقد قطعناها.
--------
الحرة