نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


أسمرا ... عاصمة إفريقية على قائمة التراث العالمي





أسمرا - جيويا فورستر - عند الحديث عن فن العمارة الحديث، لابد أن تتجه الأنظار إلى الأعمال التكعيبية البسيطة التي أبدعها المهندسون المعماريون الأوروبيون، من أمثال فالتر جروبيوس ولو كوربوزيه.


ورغم أن المهتمين بفن العمارة الحديث، ربما لايربطون هذه الحركة المعمارية بدولة إريتريا الواقعة في شرق أفريقيا، إلا أنهم لايستطيعون تجاهل عاصمتها أسمرا، التي أصبحت مؤخرا أول مدينة في العصر الحديث تنضم في مجملها إلى قائمة مواقع التراث العالمي الخاصة بمنظمة التربية والعلم والثقافة التابعة للأمم المتحدة/يونسكو/.


 
أشادت اليونسكو بمدينة أسمرا، "بسبب ما تتمتع به من تخطيط ابتكاري، وفن عمارة حديثة في إطار إفريقي".

وإذا نظرنا إلى محطة وقود "فيات تاجليرو"، على سبيل المثال، فإن تصميمها بما له من أنف ضخم وجناحين عملاقين، يشبه طائرة تستعد للاقلاع من مدرج المطار.

ويشار إلى أن مبنى "فيات تاجليرو" هو على الارجح أحد الأمثلة الأكثر إثارة للاهتمام بفن العمارة الحديثة في العالم- وليس أقلها، وذلك بسبب موقعه.

ورغم كل ذلك، أحيانا يطلق على إريتريا وصف كوريا الشمالية الأفريقية، بسبب العراقيل التى يواجهها الصحفيون الراغبون فى زيارتها، إضافة إلى وصف ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، الحكومة- التي تسيطر على الحكم منذ استقلال الدولة عن إثيوبيا في عام 1993- بأنها واحدة من أكثر الحكومات قمعا في العالم.

من ناحية أخرى، تتهم الامم المتحدة حكومة إريتريا بارتكاب جرائم منظمة ضد الانسانية، من أجل "السيطرة في النهاية على المدنيين الاريتريين".

وفر عشرات الآلاف من المواطنين إلى الدول المجاورة وأوروبا، الكثير منهم أقدم على هذه الخطوة هربا من الخدمة العسكرية. وفي عامي 2014 و2015، كان الإريتريون يمثلون أكبر مجموعة من اللاجئين الذين وصلوا إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط.

ويتناسب الكنز الثقافي الفريد لأسمرا، بصعوبة، مع هذه الصورة. وفي بعض الاحيان، يشار إليها بـإسم "لا بيكولا روما" (أي روما الصغيرة)، أو "ذا ميامي أوف أفريكا" (أي ميامي أفريقيا)، بسبب طراز مبانيها المعماري الذي يشبه ذلك النوع الذى ظهر فى فرنسا قبل الحرب العالمية الاولى.

وكان قد تم إنشاء أسمرا الحديثة إلى حد كبير أثناء فترة الاستعمار الإيطالي، التي استمرت من عشرينيات وحتى أربعينيات القرن الماضي. وكانت الحداثة في ذلك الوقت، تشهد رواجا في أوروبا، بخطوطها المصقولة والقليل من الرتوش والتصميمات العملية. وبعيدا عن أوطانهم، كان المهندسون المعماريون الإيطاليون في أسمرا قادرين على إحداث التغيير.

ومن جانبه، يقول إدوارد دينيسون، محاضر في الهندسة المعمارية بجامعة لندن: "هناك المزيد من البريق أكثر من السياق الإيطالي".

وإلى جانب الحداثة الإيطالية، من الممكن أيضا العثور في أسمرا على أمثلة من نمط مدرسة باوهاوس الفنية الألمانية، ومن الحركة المستقبلية الفنية. فبعض المباني الحكومية ذات التعاريج، تذكرنا بالمدينة البيضاء في تل أبيب، وهي عبارة عن مجموعة من المباني التي تم تشييدها على طراز مدرسة باوهاوس.

وتشبه الكثير من المنازل المساكن ذات الاشكال المربعة الخاصة بمجمعات فايسنهوف السكنية في شتوتجارت. كما تضم العاصمة الإريترية مزيجا فريدا من فنون العمارة الأوروبية والأفريقية. وعلى سبيل المثال، كاتدرائية "إندا مريم"، التي بنيت في عام 1938، تجمع بين حداثة التصميم وفن العمارة في شرق أفريقيا.

ويشار إلى أنه يتم المحافظة على المباني والتخطيط الأصلي للمدينة بشكل ملحوظ، يقول دينيسون: "تبدو(المباني) سليمة تماما، وكأنها مدينة في ثلاثينيات أو أربعينيات القرن الماضي".

ولم تشهد المدينة تطويرا يذكر منذ الحرب العالمية الثانية. وفي إطار المحافظة على الطابع الخاص للمدينة، فرضت السلطات الإريترية في عام 2001، حظرا على البناء لحماية المباني القديمة. وتبقى أسمرا بعيدا ما يحدث فى بقاع أخرى في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تنمو المدن الحديثة سريعا وبصورة عشوائية، على هيئة غابات حضرية.

ويعود ذلك جزئيا إلى أن المباني لا تعتبر تذكارا لفترة الحكم الاستعماري البغيضة، كما هو الامر في أنحاء أخرى من أفريقيا.

وبحسب اليونسكو، فإنه "رغم (وجود) دليل على ما تركه الاستعمار من بصمات، إلا أن أسمرا اندمجت في الهوية الإريترية، لتكتسب معنى مهما أثناء سعيها من أجل تقرير المصير".

وفي أثناء فترتي الاستعمار، الإيطالية والبريطانية القصيرة، كانت أسمرا تمثل المركز الفكري لإريتريا، بحسب دينيسون. ثم صارت رمزا للنضال من أجل الاستقلال أثناء الحكم الإثيوبي.

ويقول دينيسون، الذي كان من بين القائمين على ضم أسمرا إلى قائمة مواقع التراث العالمى لليونسكو: "إن تحرير أسمرا يعني تحرير البلاد... فقد كان الدافع وراء طلب اليونسكو، هو الرغبة في تطوير المدينة عن طريق الاحتفاظ بخصائصها، أكثر من الحفاظ على تاريخها".

وعلى الصعيد الدولي، يأمل البعض في أن يؤدي تقدير اليونسكو لأسمرا الآن، إلى إحداث تغييرات في إريتريا. تعلن الحكومة ترحيبها بالسياح. وفي عام 2016 استقبلت إريتريا 142 ألف زائر فقط، بينما استقبلت جارتها إثيوبيا في العام السابق 864 ألف زائر.

وتأمل وزارة الإعلام الإريترية في أن يفيد إدراج أسمرا على قائمة مواقع التراث العالمي، قطاع السياحة في إريتريا.

إلا أن الهدف من إجراء اليونسكو، هو تحقيق فوائد للسكان المحليين- فالسياحة ليست الأولوية، بحسب دينيسون.

ويقول دينيسون إن التركيز ينصب على تطوير المدينة وتوفير فرص عمل، مضيفا أن "إريتريا ستمنع دائما السياحة الجماعية".

جيويا فورستر
الجمعة 20 أكتوبر 2017