نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان


الجرافيتي طريقة مختلفة يعتمدها شباب لبنان للتعبيرعن آرائهم




بيروت - فاديا عازار - يضيق شباب لبنان بآرائهم وأفكارهم فيزرعونها على الطرقات لوحات جدارية لعلّ عيون المسؤولين تلامسها ، فتبقى تحت أنظارهم وقد إستخدم الشباب طريقة الرسم على الجدران "الجرافيتي" آملين لفت نظر الناس والمسؤولين إلى مسائلإجتماعية أو إقتصادية أو إنسانية أو حتى سياسية تشغل بالهم ، واستنجدوا بالألوان ، علّهم يستطيعون تغيير الوضع اللبناني من قاتم إلى زاهي ، في مجتمع يغرق بأزماته ، ولا بارقة حلول تلوح في الأفق .


الجرافيتي طريقة مختلفة يعتمدها شباب لبنان للتعبيرعن آرائهم
ولكنّ الرسم"الجرافيتي" في لبنان ، تحوّل في الفترة الأخيرة إلى مهنة يمارسها فنانون محترفون أو هواة، بعد أن نالت رسوماتهم إعجاب الناس ، واعتمد كطريقة جديدة في الإعلان .
 
و"الجرافيتي" هو فن الرسم على الجدران الذي اشتهر حديثًا لكنه عُرف منذ الإنسان الأول ، ورصده علماء الآثار في الكهوف ، كما عُرف في مراحل تاريخية مختلفة ، وبرز بقوة في الستينيات من القرن الماضي في أميركا وبريطانيا وفرنسا .
 
وقال الفنان " الجرافيتي" عمر قباني لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "بدأ هذا النوع من الفن منذ الإنسان الأول حيث كان يعبر عن هواجسه ومخاوفه في الكهوف ، وأنا اقتبست منه طريقته لأعبر عن آرائي ، حيث أضع رسائلي السياسية والاجتماعية المتعلقة بلبنان على الجدران ".
 
وتابع قبانبي "أرسم من ضمن فريق "أشكمان" الذي يعتمد اللغة العربية ، أما اسم الفريق فهو مستوحى من اللهجة العامية اللبنانية "أشكمان"، وهو تعريب لكلمة (echappement ) الفرنسية أي عوادم السيارة ، كما استوحينا أيضاً وظيفة" الأشكمان" وهي تنظيف السيارة من الأوساخ من الداخل إلى الخارج ، فقررنا أن نقوم بالعملية ذاتها بالنسبة للمجتمع ، ونخرج الأوساخ إلى الخارج ، إلى العلن ".
 
كنت صغيراً "أضاف قباني "عندماكنت أشاهد آثار الحرب الأهلية اللبنانية على جدران الطرقات والمباني في بيروت من رصاص أو صور لسياسيين أو شعارات لحزبيين ، من هنا خطرت لي فكرة تجميل المدينة ، وإخفاء آثار الحرب من جهة ، والتعبير عن رأيي من جهة أخرى"
 
وانتشرت في لبنان في الفترة الأخيرة ظاهرة "الجرافيتي " ، وازدادت أعداد اللوحات الجدارية على الطرقات تستوقف المارة ، الذين غالباً ما يبدون إعجابهم بها .
 
ويرى بعض الأخصائيينأن انتشار ظاهرة "الجرافيتي " بقوة في لبنان الآن سببها انعدام وجود وسائل أخرى للتعبيرتمكن الشبان من طرح آرائهم وانتقاد السائد أو تقديم الحلول .
 
واعتبر قباني أن " جدران الطرقات ، هي بمثابة وسائل إعلام كالتلفزيون والسينما تسمح لأوسع شريحة من الناس بالإطلاع على الرسائل التي يريد شباب لبنان إيصالها " مضيفاً أن الهدف من "الجرافيتي" هو "إثبات أن هناك شريحة من الشباب غير راضية عما يحدث في البلاد ".
 
ويصف البعض ما يجري على جدران الطرقات في لبنان بثورة الشباب الصامتة أو الفنية ، التي بدأت منذ حوالي عشر سنوات لكنها شهدت في السنوات الأخيرة انتشاراً كبيراً ، حيث تزايد عدد الشبان الذين يستخدمون هذه الطريقة للتعبير .
 
وقالت دلال الأخصائية الإجتماعية من بيروت لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) التي فضّلت عدم ذكر إسمها كاملاً "إن الرسم على الجدران له طابع فني وهو طريقة بالتعبير يستخدمها الشباب اللبنانيون للإفراج عن أفكار لطالما حبسوها بسبب التركيبة السياسية الطائفية التي تحكم لبنان ".
 
وأضافت دلال " إن الأزمات التي تعصف بلبنان حالياً السياسية والأمنية والإقتصادية لا تسمح للناس بالتعبير عن آرائهم بطريقة التظاهر ، فوجد الشباب هذه الطريقة لوضع أرائهم في متناول العامة ، وأفصحوا عنها بطريقة مباشرة وأحياناً بطريقة غير مباشرة ".
 
ويعتبر البعض أن ظاهرة "الجرافيتي "انتشرت لأنها مظهر من مظاهر حرية التعبير، فيما عدد كبير من شبان لبنان لا يجدون وسيلة إعلامية تعبر عن رأيهم ، بفعل التسييس والذي تخضع له الوسائل الإعلامية اللبنانية .
 
وقال الفنان إيلي زعرور لوكالة الأنباء الألمانية "ينقسم الجرافيتيون إلى فئتين ، فئة المختصين الذين درسوا هذا الفن في الجامعات ، وفئة الهواة ، وهم جميعاً يعبرون عن أفكار اجتماعية أو سياسية بواسطة المعطى الفني ، متأثرين بالثقافة الغربية التي عرفت هذه الظاهرة منذ أمد طويل ".
 
وتابع زعرور" لقد درست الرسم في الجامعة وكنت من الأشخاص الذين تأثروا بالرسم على الجدران ، وحالياً أنا أتعيشمن الجرافيتي، ولكني استمتع عندما أنزل إلى الشارع وأطرح أفكاري الخاصة وهي في الغالب اجتماعية أو اقتصادية ".
 
وبدأت بعض المؤسسات في لبنان تعتمد على " الجرافيتي " لتسويق منتجاتها أو أفكارها ، لذلك كثر الطلب على أصحاب هذا الاختصاص ، الذين بدورهم حددوا سعراً لرسم المتر الواحد من الجدران بـ300 دولار أميركي ، كحد أدنى ، وقد يرتفع السعر بحسب الفنان .
 
وقال زعرور "بالنسبة للزبائن تختلف الأذواق وكذلك المواضيع ، حيث يطلب البعض رسماً دينياً أو رسماً يعتمد الفنّ الحديث أو التقليدي" ويرفض زعرور" تنفيذ أي رسم يحمل طابعاً حزبياً أو رسالة سياسية مباشرة ، ويعتقد أنه يجب عزل الفن وحمايته من أي شيء يمكن أن يفقده المعطى الجمالي ".
 
ويستخدم فنانو " الجرافيتي " العديد من الأدوات لإنجاز رسومهم منها "بخاخ البوية" و"قلم البوية " كما يستخدمون أغطية خاصة للتحكم في مساحة الرش وشكل البقعة للبخاخ وتباع على حدة , وتسمى بالقبعة (Cap) ، إضافة إلى علب معبأة ببوية وذو منفذ إسفنجي مقوى وتكون مصنوعة ومخصصة وتسمى (Graffiti Mop).
 
وقال الطالب الجامعي الذي يرسم على الجدران كهواية ، رامي المعلّم لوكالة الأنباء الألمانية " أمارس الجرافيتي منذ العام 2007 لإيصال رسائل اقتصادية أو اجتماعية تعبيراً عن رأيي في شؤون متعلقة بلبنان مثلاً كتبت "بلد كراسي ، " بدنا بلد " ، شعبنا نعسان ".. .
 
"أردت أن أرسل رسائل معينة" تابع المعلّم "من خلال "الجرافيتي" وعملت مع منظمات إنسانية بهف التوعية ضد المخدرات ، وتعليم المساجين الأحداث كيفية الرسم الجرافيتي ، وكذلك أبناء بعض القرى الجنوبية ".
 
وأضاف المعلّم" عندما تصل أفكاري لأكبر شريحة إجتماعية عبر الجرافيتي ، اعتبر أني أحرك الرأي العام بطريقة أو بأخرى ، من هنا يمكننا القول أن ما حصل مع بداية انتشار هذا الفن في لبنان ، هو نوع من ثورة شبابية مكبوتة ورغبة بالتغيير ".
 
ووصف المعلّم فن الرسم على الجدران في لبنان اليوم بأنه يتخذ " منحى آخر إلى جانب الثوري التغييري ، هو التجميلي ، حيث يميل معظم الفنانين الجراافيتيين لر سم لوحات فنية تضفي على المدينة طابعاً جميلاً " . ورغم أن الرسم على الجدران بطريقة عشوائية مخالفا للقانون في لبنان ويتطلب إذناً خاصاً ، تغضالقوى الأمنية النظر عن ممارسيه غالباً ، خاصة إذا تأكدت أنه ليس لديهم أي خلفيات سياسية .
 
ويبقى الرسم على الجدران في لبنان وسيلة يعلن بواسطتها الشباب اعتراضهم على ما يحصل في مجتمعهم ، إلا أنها عاجزة عن إحداث أي تغيير ، فيما لا يزال اللبنانيون يأملون أن يجدوا وسيلة ناجعة تدفع المجتمع باتجاه واقع أفضل .

فاديا عازار
الاربعاء 29 غشت 2012