أما ترامب فقد اختار لنفسه خيارا يمينيا يعيد الحياة لأحلام الرجل الأبيض، الذي يرى أنه هو أميركا الجذرية، وقد تبدى للمؤسسة ولكل النخب الثقافية والسياسة أن هذا التيار لم يعد بالقوة الكافية لاكتساح الخيارات، ولهذا تلازمت السخرية والاستصغار لأي فرصة لترامب، ولكن الأيام سارت خطوة خطوة وعلى مدى شهور تلو شهور، وفي كل شهر كان ترامب يقفز من عقبة بعد عقبة حتى وصل للكرسي. وأخطر العقبات كان تقبل الحزب الجمهوري له، مع تجرعات المضض، وقد حاول الحزب أن يفعل كما فعل الديمقراطيون مع ساندرز، ولكن ترامب هدد بأن يؤسس حزبا مستقلا يترشح من خلاله، وقد قال هذا لإحساسه أن لديه كتلة تدعمه ومن ثم تهدد قوة الحزب، وتضع الحزب بين خيارين كلاهما مر، فإما أن ينشق الحزب من داخله وهنا تتوزع الأصوات وسيخسرون الكرسي تبعا، أو أن يتحقق حلم ترامب بحزب ثالث يفوز عبره، وحينها سينتهي الحزب الجمهوري للأبد، وكان رهط ترامب هم سلاحه وقوته التي أرعبت حزبه قبل أن ترعب الآخرين، وجاء ومعه قوة غير متوقعة جعلت اليمين يظهر بأقوى حالاته ويعزز كل معاني الرجعية الثقافية المضادة للتعددية الثقافية، ولكل مكتسبات المعنى الإنساني عما كان يسمى بالحلم الأميركي.
هنا نعرف كيف أن النسقية الثقافية عنصر بشري مرغوب في دواخل النفوس البشرية، يسكت حين يهزم ويخفض رأسه أمام العواصف، ولكنه يعمد للتربص وتحين الفرص، وكلما سنحت واحدة حاول، وإذا هزم كرر وكرر إلى أن يصل.
وصل هذه المرة وكسب الجولة، ولكن جولات التعددية الثقافية متاحة أيضا، وسيتحفز النضال الثقافي، ويدخل في معترك صراع الأنساق، وكما للباطل جولة فإن لكل جولة سطوة تقود إلى معارضة تتحرك مقابلها، وتستثمر هفوات النظام، وإن كان ترامب خارج المؤسسة وعبر هذه البوابة دخل إلى كرسي المؤسسة فإن بوابة الدخول هذه ستفتح أبوابا أخرى تدخل إليه رياحا أخرى، وبما أنه صار هو المؤسسة الآن فإنه يصبح عرضة للهفوات التي تنهك كاهل من هو على الكرسي إلى أن يتبعثر سحره وبريقه.. وهكذا هي جولات الحروب الثقافية والنسقية.
------
الوطن
عيون المقالات
" دمشق التي عايشتها " الغوطة
28/04/2024
- يوسف سامي اليوسف
مصير الميليشيات الإيرانية في سوريا في ظل التصعيد الإسرائيلي الإيراني
26/04/2024
- العقيد عبد الجبار عكيدي
( أيهما أخطر؟ )
24/04/2024
- محمد الرميحي*
إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة
23/04/2024
- نظام مير محمدي
وقاحة استراتيجية مذهلة
21/04/2024
- راغدة درغام
الإعلام الكارثي يُعظِّم الكوارث
21/04/2024
- حازم نهار
محمد فارس: رائد الفضاء الذي جسد الشرف الوطني الرفيع وآمن بحق السوريين في التغيير
21/04/2024
- محمد منصور
التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى
18/04/2024
- مصطفى تاج الدين الموسى
إسقاط هيمنة الدليل: في اعتداء الواقع على المعرفة
15/04/2024
- دارا عبدالله
رسائل النيران بين إيران وإسرائيل
15/04/2024
- محمد مختار الشَنقيطي
ماذا سيفعل نتنياهو يوم لا يأتي "غودو" الأميركي؟
15/04/2024
- سمير التقي
هل لبنان مقبل على حرب اهلية.؟
13/04/2024
- علي حمادة
هل صحيح أن حرب أوكرانيا غيّرت التوازنات الدولية؟
11/04/2024
- زياد ماجد
سوريا ساحة قتل ينبغي أن يتوقف
10/04/2024
- فايز سارة
هل تلعب إيران دوراً داعشياً في المنطقة؟
10/04/2024
- د. فيصل القاسم
لماذا دُعي الأسد الى قمة البحرين؟
09/04/2024
- جمال حمّور
اضطراب المثقفين الفلسطينيين إزاء نكبة غزة
08/04/2024
- ماجد كيالي
جنوب لبنان.. بعد غزة
06/04/2024
- عبد الوهاب بدرخان
غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح
06/04/2024
- عدنان عبد الرزاق
نزار قباني وتلاميذ غزة
06/04/2024
- صبحي حديدي
|
رهط ترامب.. رهط ساندرز
|
|
|