نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


العمالة ورأس المال السوري في لبنان




الخطاب العنصري اللبناني ضد العامل والرأسمال السوريين لا معنى له ولا قيمة؛ لأن اللبناني يعرف أنه لن يستطيع أن يتخلى عن العامل السوري، ولا عن رأس المال السوري الذي يتخذ من مصارف لبنان مصدرًا يدعم -بشكل أو بآخر- الاقتصاد اللبناني. ولكن خطابه هذا هو سياسي واحتقاني أكثر منه تنفيذيًا.
سوف نستعرض هنا التاريخ الحديث للعمالة ورأس المال السوري، خلال ستين عامًا الأخيرة التي عايشناها، فاللبناني دائم التذمر من العامل السوري، ولكنه في الوقت ذاته لم يستطع أن يوجد في لبنان طبقة عمالية موازية للطبقة العاملة التي يضطهدها، فما يقوم به العامل السوري لا يستطيع أن يقوم به العامل اللبناني، باستثناء البعض من الطبقات الفقيرة في لبنان، ومن هنا؛ في حال أغلق النظام السوري -أي نظام كان- حدوده مع لبنان، فإن أغلب العمليات العمرانية سوف تتوقف، كون العامل السوري يساهم في بناء لبنان العمراني، من خلال المهارة العمالية السورية التي ليست موجودة في لبنان حتى يومنا هذا.



يعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل عام على السياحة، وقد شكّل السيّاح السوريون مصدرًا مهمًا لأماكن الاصطياف اللبنانية، حيث كانت المصايف اللبنانية، في أربعينيات وخمسينيات القرن المنصرم، تكتظ بالسياح السوريين الذين كانوا يلقون الترحيب دائمًا من قبل المواطن اللبناني، لأن هؤلاء كانوا يشكلون مصدر رزق لهم، ولم يكن الخليجيون قد أخذوا يتدفقون على لبنان، فهؤلاء بدؤوا سياحتهم في لبنان في ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم، وقد أدى ذلك إلى انحسار السائح السوري عن لبنان.
أما رأس المال السوري في لبنان، فإن له الأهمية التي للعامل السوري ذاتها، بالطبع كان الاقتصاد السوري-اللبناني موحدًا، فالرساميل السورية كانت دائمًا تغذي البنوك السورية-اللبنانية، وقد ازدادت هذه التغذية أكثر وأكثر في عهد الوحدة السورية-المصرية، حيث هرب الرأسمال السوري إلى لبنان، خوفًا من التأميمات التي كانت تبدو في الأفق، لكي يشهد لبنان في تلك الفترة ازدهارًا اقتصاديًا لم يعرفه من قبل، حيث بدأ السوريون تكوين فعاليات اقتصادية جعلت لبنان مركزًا اقتصاديًا مزدهرًا، قبل أن يأتي الخطاب المتشنج والطائفي والعنصري، الذي أوصل لبنان إلى الحرب الأهلية، وقد ساهم الجميع في هذا الخطاب المتشنج والعنصري والطائفي.
حتى خلال الحرب الأهلية اللبنانية كان الرأسمالي السوري يرى في لبنان أفضل مكان لتحريك رأسماله، هذا قبل أن تبدأ مرحلة البترو-دولار، وازدهار مدينة دبي، التي ما كانت لتشهد هذا التطور الكبير في اقتصادها إلا بفضل الرساميل الهاربة من سورية ولبنان خاصة، ولقد فقد لبنان دوره، نتيجة طول الحرب الأهلية التي ساهم جيش الاحتلال السوري في استمرارها مدة طويلة، حيث كان حافظ الأسد قد سيطر على لبنان، عسكريًا وسياسيًا، وكان لبنان مصدر تهريب ناجح لجيشه المرتزق، وبقي العديد من السوريين الذين هرّبوا رساميلهم إلى لبنان، في النصف الأخير من خمسينيات القرن الماضي، لأنهم اعتقدوا بأن لبنان لا بد أن يتعافى من هذه الحرب.
بقي العامل السوري يتردد إلى لبنان، على الرغم من الحرب الأهلية، ولو استعرضنا الهجرة العمالية السورية إلى لبنان، حيث هاجر العديد من العمال السوريين إلى لبنان، في مرحلة الوحدة السورية-المصرية، بسبب القحط الزراعي الذي شهدته سورية؛ للحظنا أن الركود الاقتصادي الذي شهدته سورية في تلك المرحلة، أدى إلى الهجرة إلى لبنان، ومعهم انتقلت كثير من المهارات التي لم يكن العامل اللبناني يعرفها، وهي مهن شكلت مؤسسات حرفية كان عمادها الرأسمال السوري-اللبناني المشترك، واليد العاملة السورية.
استقرار العامل السوري في لبنان ساهم في تحسّن الاقتصاد اللبناني، لكونه يصرف الكثير مما يجنيه في لبنان، كغذاء يومي أو استئجار بيوت، وكهدايا يذهب بها إلى أهله عندما يزورهم في الأعياد، وكان مكان عمله محفوظًا في لبنان؛ لأن المستخدم اللبناني للعامل السوري لا يستطيع أن يجد بديلًا عنه عاملًا لبنانيًا، لا من حيث الراتب ولا المهارة.
لن نبادل العنصرية اللبنانية بعنصرية مضادة، فعلى ذوي الخطاب السياسي المعادي للسوريين أن يتوقفوا، وآن الأوان ليعرف اللبناني أن الدم الذي يسري في عروقه، هو ذاته الذي يسري في عروق السوري. وإن أكثر المستفيدين من وجود اللاجئين السوريين هم ذوو الخطاب السياسي المتشنج والعنصري، لأنهم يسرقون أكثر من نصف المعونات التي يجب أن تصل إلى اللاجئ السوري.
آن لنا أن نقول لذوي ذلك الخطاب: كفى عنصرية و”بروباغندا”، على حساب الإنسان السوري الذي خَدم ويخدم لبنان في كل المجالات.
--------
جيرون

بهنان يامين
الخميس 8 غشت 2019