نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


اللاجئون السوريون في الجزائر...من حلم الهجرة الى امل العودة




الجزائر - " نتكلم جزائري ربما أحسن من الجزائريين انفسهم، عند دخولنا إلى الجزائر تلقينا المساعدة وتأقلمنا بسرعة مع بلدنا الثاني"... هذا ما يقوله بعض أفراد العائلات السورية التي اتخذت من الجزائر ملجأ لها هروبا من الحرب الدامية في بلدها، لمن يريد أن يسال عن حالها. فيما يصر البعض الاخر على التأكيد على أن ظروف الحياة ليست سهلة في الجزائر، بسبب الظروف الصعبة التي تحاصرهم، وجعلتهم يفشلون في التغلب على العراقيل التي واجهتهم، بل كادوا أن يصابوا بالانهيار لولا مساعدات المحسنين .


اللاجئون السوريون في الجزائر
اللاجئون السوريون في الجزائر
لاجئو سورية اختاروا من ساحة " بورسعيد " بوسط العاصمة الجزائرية، عنوانا رئيسيا لهم في هذا البلد الذي استقبلهم بذراعين مفتوحتين، حيث أصبح لديهم محلات لبيع الافرشة والألبسة السورية التقليدية. يقصدون هذا المكان يوميا قادمين من مركز الايواء بسيدي فرج ( الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية) الذي يتكفل به الهلال الأحمر الجزائري ، أو من بيوتهم التي استأجروها عند قدومهم الى الجزائر.

لجوء بعض العائلات السورية المقيمة بالجزائر إلى الشارع لـ"التسول" من اجل سد لقمة العيش، أثار أكثر من تساؤل عن ظروف عيش وإقامة هؤلاء وكذا عن أهمية الإجراءات المتخذة من قبل الدولة الجزائرية للتكفل بهؤلاء اللاجئين.

يملك احمد، المقيم بالجزائر منذ بداية الازمة في سورية وبالتحديد في حي "سعيد حمدين" الراقي بأعالي العاصمة الجزائر، محلا تجاريا خاصا لبيع المواد الغذائية، ويذكر أن قدومه الى الجزائر كان منذ بداية الحرب على سورية، وكان خيارا كون البلدين يتشابهان في العادات والتقاليد. يعترف احمد، أنه وعائلته واجهوا بعض الصعوبات خاصة من ناحية الإقامة، حيث اضطروا إلى استئجار بيت منذ وصولهم إلى الجزائر. يقول احمد " مع بداية الحرب في سورية سافرت أنا وأفراد عائلتي إلى الجزائر، في بداية الأمر لم توفر لنا السلطات اقامات خاصة للاجئين ، واضطررنا إلى استجار بيت بالرغم من محدودية دخلنا من المال، لكن وبفضل الاستقبال الجيد الذي حظينا به من قبل الشعب الجزائري المضياف والمساعدات التي قدمت لنا من طرف المحسنين، نجحنا بعد فترة من التأقلم، ولم نواجه بعدها أيضا صعوبات، وتمكن أولادي من التسجيل بالمدرسة الثانوية والجامعة دون إشكال".

وتابع احمد" طريقة استقبال الشعب الجزائري لنا أنستنا مرارة الحرب في سورية وبعدنا عن الأهل والأحباب. مع مرور الوقت تمكنا من دخول عالم التجارة، نحمد الله على هذا الاستقرار. طبعا نفكر دوما في العودة إلى بلدنا الغالي، نتمنى من قلوبنا للجزائر التي احتضنتنا الاستقرار والأمن".

احمد بدا سعيدا في الجزائر، فهو لا يشعر بانه لاجئ أو هارب، رغم أن تقاسيم وجهه تتكلم حزنا وأسى عندما يهم بالحديث عن بلاد الشام.

لسنا غجر ولا متسولين لم يكن يدري ابو باسل، وهو فلسطيني الأصل سوري الجنسية، أن القدر سيبعده يوما عن حضن مزرعته بسورية، ويرمي به إلى أحضان بلد آخر، هذا البلد الذي قال أنه لم يقصر في حقه، إلا أن ظروف العيش جعلته يبتكر لنفسه صنعة " بيع الجلابيب" تدر عليه القليل من المال وتكفيه شر مد يده للآخرين.

يقول ابو باسل " مجال اختصاصي ليس البيع بل هو الزراعة وأمام قلة فرص العمل بهذا المجال في العاصمة الجزائر، تعقدت أموري وبات ضروريا أن أجد عمل يؤمن لي مصروفي وقوت زوجتي وأربعة من أطفالي، اضافة الى مصاريف الإيجار التي أثقلت كاهلي".

يشتاط ابو باسل القادم من حلب غضبا ثم يضيف" لماذا يقول البعض بأننا غجر ومتسولون، ويفرق البعض فيما بيننا نحن كلنا سوريون ولا تمييز بيننا، انظر هل يكتب في جواز السفر السوري بأن هذا كردي أو شيء أخر، أنا أعاني كثيرا من هذا المشكل وتكفيني مرارة البعد عن بلدي. كل ما نجمعه من دخل ندفعه للفنادق، هذا غير معقول، فأرجو من الجهات المختصة أن تمد لنا يد المساعدة وتلتفت للمشاكل التي نعاني منها".

ياسف ابو باسل، للصورة المشوهة التي اراد البعض الصاقها ببعض اللاجئين السوريين داعيا الشعب الجزائري الطيب الى مساعدتهم وتجاوز المفاهيم الخاطئة التي تخدش كرامة الناس. كما شدد على ان وجوده في الجزائر يبقى مؤقتا وانه سيعود فورا إلى سورية حال انتهاء الازمة وصمت دوي الانفجارات وتوقف عمليات خطف الابرياء، وسقوط القذائف على الامنين.

بيع المجور أهون من التسول دخول الأراضي الجزائرية مرورا بمصر، كان بالنسبة لأبو اجود الذي ينحدر من عائلة فنية بمثابة الحلم، بعد أن تعذر عليه تجاوز كل المعابر الحدودية نحو العراق أو الأردن بسبب احتدام الاشتباكات. أوزار الحرب قذفت بأبو اجود إلى بلد الشهداء، حيت استقل طائرة أتت به إلى الجزائر، بعدما عانى كثيرا من أجل الحصول على تذكرة بحجة الطلبات الكثيرة للسوريين الذين ارادوا القدوم الى هذا البلد. كان من ببن أخر من دخلوه بعد أن تقرر وقف استقبال المزيد من أبناء وطنه.

رفض ابو اجود التسول، فكر في العودة إلى سورية رغم استمرار الحرب، على تحمل هذه الإهانة، لكنه في النهاية اهتدى إلى طريقة مكنته من تامين مصروف يومه، من خلال صنعه لآلة "المنجيرة" أو "المجور" كما هو معروف في بلاده، او ما يصطلح عليه في الجزائر بـ "القصبة" التي يطلق منها أصوات عذبة تختزل وراءها معاناة السوريين المقيمين بالجزائر، وتدفع بالمارة بلا شك لشراء ذات الآلة.

من حديقة " بور سعيد" بوسط العاصمة الجزائر تنطلق ألحانه الشذية، 100 دينار ( 1 دولار) ثمن الآلة الموسيقية المصنوعة من القصب والملفوفة بلفات بلاستيكية، وتتوسطها ثقوب تصدر الأصوات. عندما يعزف ابو جود على الة المجور، يتخيل أنه في بلاد الشام، لكن الفضوليين من المارة لا يترددون في التقرب منه واستفساره عن آلته الموسيقية يدوية الصنع التي يعرضها للبيع، فيجيبهم أنه فر من الحرب لكن لا يود أن يتسول في الشوارع، فاختار بيع "القصبة" لتكون مهنة شريفة تضمن له قوت يومه.

ثقيف رفض في البداية التحدث إلينا، لما استفسرنا عن سبب وجوده وأولاده يتسولون وسط الطريق بساحة " الشهداء، قبل ان يعود ويسترسل" المال لا يكفيني لأضمن دفع إيجار البيت أنا محتاج للمساعدة. ما شجعني أكثر على المجيء للجزائر هو ما سمعته عن شيم ابناء هذا البلد، وكذا تجربة قريب زوجتي المقيم هنا منذ سنوات".

لكن الاستقرار بشكل نهائي والبحث عن عمل ليس سهلا، فمكوث ثقيف عند قريبه لم يكن حلا له كأب لثلاثة أطفال وزوجة، فما كان أمامه سوى البحث عن مصدر رزق والتسول ليعيل به عائلته ومنه استئجار بيت والاستقرار.

واضاف " تركت سورية تم ذهبت إلى الأردن وبالتحديد الى قرية على الحدود السورية الأردنية، من هنا بدأت المعاناة مكثت هناك لسنتين كاملتين، إلا أن قرار منع السوريين من دخول الأردن فيما بعد جعلني أفكر في الجزائر نظرا للمساعدة التي حظي بها السوريون الفارون من الحرب، وكون أقرباء زوجتي كانوا قد سبقوني وجعلوا قدومي للجزائر أمرا حتميا".

يرى ثقيف، أن طرق باب التسول طريقة " حلال" لكسب قوت اليوم، نافيا بشدة ان تكون له علاقة بالثوار أو جمع التبرعات لتمويل الحرب ضد النظام السوري مثلما يعتقد البعض. كما نوه أنه مريض وغير قادر على ممارسة أي عمل للاسترزاق، معترفا بانه رفض البقاء في مخيم اللاجئين بسيدي فرج الذي يعد حسب رأيه غابة بعيدة عن وسط المدينة، حيث يمضي وقته في التسول، ليعود أدراجه إلى بيته وأولاده في سيناريو يومي بات عبئا ثقيلا، في انتظار هدوء الأوضاع في بلده والعودة إلى حضن أرضه في قريته.

الجزائر عملت ما بوسعها واكثر اكدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، ان الجزائر استقبلت 24 ألف لاجئ سوري منذ اندلاع الازمة في هذا البلد، وان السلطات بذلت كل ما بوسعها من أجل تسهيل اندماج العائلات السورية، وذلك من خلال تسهيل الحاق ابنائها بالمدارس، بالإضافة إلى أن سوق العمل مفتوح لكل مواطن سوري لاجئ بالجزائر، سواء في الأعمال الحرة أو التجارة.

وتشير الأرقام الرسمية، أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا، التي استقبلت هذا العدد من اللاجئين السوريين، إلى جانب تكفلها بعدد آخر من لاجئي دول الساحل الافريقي، رغم الظرف الاقتصادي الصعب الناجم عن انهيار اسعار النفط في الاسواق العالمية.

الاكيد ان اللاجئين السوريين تركوا كل ممتلكاتهم وصرفوا مدخراتهم من اجل الهروب من الحرب، لكن يبدو ان حلم الهجرة سرعان ما تحول إلى حلم العودة إلى أحضان الوطن، هذا هو حال غالبيتهم ليس في الجزائر فقط، فهم يترقبون في كل لحظة ان تزف لهم المفاوضات خبرا سعيدا يعلن انتهاء الحرب، ويرسم لهم طريق العودة إلى مكان اشتاقوا اليه كثيرا، كثيرا.

د ب ا
الاربعاء 22 فبراير 2017