نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


هل ترتدي حسينيات إيران حلة المعارضة ؟ في بلاد مثخنة بالقداسة إلى حد اللطم والعويل




طهران - طارق القزيري - تقترب هذه الأيام ذكرى عاشوراء، في وقت توعدت فيه الحكومة الإيرانية معارضيها بمواجهة شديدة، إذا واصلوا مساعيهم للتشكيك في شرعية النظام بطهران. ترتبط مناسبة عاشوراء في خيال المسلمين، وخاصة الشيعة، بمقاومة السلطة، والفناء في سبيل الحق، وكذلك كراهية الظلم والظالمين، ما يترك مجالا للتساؤل عن احتمالية نجاح الإصلاحيين في توظيف هذه المناسبة ضد خصومهم في الحكم


شاب ايراني داخل إحدى الحسينيات
شاب ايراني داخل إحدى الحسينيات
وإذا كانت الطقوس الشيعية ترتبط بمناسبات عديدة، تظاهرا "لآل البيت المظلومين"، فهي أيضا ترتبط بأماكن ودور عبادة كالحسينيات.

اللطميات الحسينية
منذ بداية شهر محرم تبدأ الاحتفالات الشيعية لإحياء ذكرى معركة كربلاء، التي قتل فيها الأمويون الحسين حفيد النبي، وكل الرجال والفتيان البالغين من أسرته، وصادف ذلك اليوم كونه يوم عاشوراء أيضا، الذي يحتفل المسلمون به أيضا، لأنه يوم نجاة نبي الله موسى من فرعون مصر، وفقاً لبعض الروايات الدينية.

هذه المناسبة التي اعتبرت النكبة الكبرى في تاريخ الإسلام الشيعي، تجسدت في محاولة أحيائها دوريا، حتى تم تسمية المكان الذي يجتمع فيه الناس، على الحسين بن علي نفسه، حيث ظهرت تسمية "الحسينيات" وأحيانا تسمى بـ " المجلس الحسيني"، كمكان تقام فيه الشعائر طبقا للمذهب الشيعي، ويستعرض فيه الخطباء والمنشدون، موقعة كربلاء، بشكل مأساوي وهو ما يعرف في العراق مثلا بـ "اللطميات الحسينية" وسط عويل وبكاء من الحضور.

الحسينية والمسجد
في هذا يقول محمد الناصري من مؤسسة الكوثر الثقافية – الشيعية – من لاهاي بهولندا "مفردة الحسينية تطلق لدى الشيعة على المكان الذي يجتمع فيه المؤمنون لسماع خطب الإرشاد من المنبر الحسيني، سواء كان الإرشاد دينيا أو أخلاقيا أو اجتماعيا، خاصة ونحن نعيش ذكرى عاشوراء ومقتل السيد الحسين، ومظلوميته وحقه المغتصب".

وبالرغم من التباين بين الحسينية والمسجد، حيث لا تقام بها الصلاة أو الجمعة إلا بحكم التواجد فيها، لا بقصد إقامتها فعلا، حيث أن الحسينية تقام أساسا من أجل الحضور "للبكاء وطقوس العزاء الحسيني" فإن الحسينيات باتت لاحقا مكانا للمناسبات العامة والاجتماعية، وملتقى للعلم، والدروس، وحتى للتعارف والتواصل العمومي.

وبحسب الناصري المسؤول الإعلامي لمؤسسة الكوثر فـ "الحسينية يمكن أن تقام فيها مناشط مختلفة وخاصة الشعائر الحسينية والمناسبات كأيام عاشوراء، والمولد النبوي، وهذا ما لا يتوفر للمسجد حيث يخصص للصلاة وقراءة القرآن فقط".

الحسينيات... سلاح الثورة

بهذا الاعتبار، صارت الحسينيات مجالا للتنافس الاجتماعي، بحيث صار للعوائل النافذة والكبيرة، حسينيات خاصة بها، وما تبع ذلك من ارتباطات وعلاقات اجتماعية، بحيث صارت الحسينيات نفسها هي من يخلق ويعزز الصورة الاجتماعية لتلك العائلة أو غيرها.

وفي إيران حيث أن نظام السياسي له توجه إسلامي، وفقا لمنهج المذهب الشيعي الإثني عشري، فقد تم استخدام الحسينيات إبان التمهيد للثورة وحتى إعلانها، ضد نظام شاه بهلوي المخلوع، فتحولت الأناشيد والمراثي، في سيرة الحسين، بشكل أكثر صلة بالواقع ومشاكله، بحيث صارت هجاء لنظام الشاه وممارساته، وتدريجيا، صارت تلك الحسينيات أماكن لتجمع المعارضين المؤيدين للشيوخ الشيعة. وصار للقيّمين عليها مجال أوسع للحديث عن الشؤون السياسية أكثر فأكثر...

فهل يمكن في ضوء ما يجري في إيران اليوم من مواجهة بين الحكومة و"المعارضة الخضراء" أن تلعب الحسينيات دورا سياسيا لعبته سابقا ضد أعداء "آيات الله" حتى قيام الجمهورية الإسلامية؟.

هل تخضرّ الحسينيات؟
بالنظر لما يجري في الشارع الإيراني الآن، خاصة بعد وفاة آية الله حسين منتظري، الذي أعتبر مرشدا للحركة الإصلاحية في البلاد، وبعد الشدة التي واجهت بها السلطات "التظاهرات الخضراء"، فإن المعارضة باتت تنتهز فرصة المناسبات الحكومية والمرخص بها، للنزول للشوارع، مثلما حدث في "الذكرى الثلاثين لحادثة السفارة الأمريكية ورهائنها" وستكون مناسبة عاشوراء والبكائيات الحسينية، فرصة أخرى أمام الإصلاحيين لإثبات تواجدهم في الشارع.

ولكن المفارقة الآن تظهر بارتباط ذكرى عاشوراء والإمام المظلوم بموت آية الله منتظري، وهو الخليفة المفترض لآية الله الخميني، الذي اختلف معه بسبب قضايا الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين، ليوضع تحت قيد الإقامة الجبرية، وتتحول معارضته لبيانات تنتقد الأوضاع في البلاد، حتى وصل به الأمر لبيان اعتذار للشعب الإيراني حيث كتب " أنني أعتذر للأمة الإيرانية العظيمة بسبب القمع والجرائم التي ارتكبت في السنوات الـ 20 الماضية ".

استثمار كربلاء
ومن شان الربط بين منتظري وأئمة الشيعة المظلومين، واستثمار ذلك على مستوى الحسينيات ومناسبات الرثاء الشيعي للحسين، أن ينال من الأسس الذي قام عليه الحكم السياسي الحالي في إيران أي " الجمهورية و الإسلامية".


فخصوم المرشد علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد، يصرون على وصف حكومة الأخير باللاشرعية، أي تعطيل الشق الأول وهو الجمهورية بالمعنى السياسي للكيان، والنجاح في الاحتجاج ضمن القوس الشيعية، سيجعل الشق الثاني وهو الإسلامية، عرضة للسقوط، وهو أمر ستحاول حكومة طهران تفاديه بشتى الطرق... ولكن ذلك ليس بالسهل.

وكما يقول مهدي خلجي من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى "إذا تجنبت الحكومة العنف انطلاقاً من احترام القيم الدينية لشهري محرم وصفر، فإن ذلك قد يعني قيام تحديات علنية لأسس إيديولوجية الجمهورية الإسلامية، وإذا ما اتخذت الحكومة إجراءات مشددة ضد المظاهر الدينية، فإن الاستياء ضد الجمهورية الإسلامية يمكن أن يزداد بدرجة كبيرة".

خيار آخر أمام الإصلاحيين أن يضيفوا شقا يفتقدونه في مواجهة النخبة الحاكمة.. بأن تكون ثورتهم خضراء ومقدسة أيضا، في بلاد مثخنة بالقداسة إلى حد اللطم والعويل

طارق المقريزي - إذاعة هولندا العالمية
السبت 26 ديسمبر 2009