نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


لماذا يقبل الصينيون الرقابة الشاملة على شبكات التواصل الاجتماعي؟




بكين - أندرياس لاندوير– تسعى الصين قبل 2020 إلى استحداث منظومة شبكات تواصل اجتماعي محكمة يمكن من خلالها إجراء قياس بالنقاط حول مدى ولاء المواطنين والتمييز بين الصالح والطالح منهم.

وتقوم شركة "علي بابا" الشهيرة ومعها شركة "تنسنت" حاليا بقياس مدى نزاهة والملاءة المالية لدى الملايين من مستخدمي الانترنت، لتقرير منحهم قروضا ائتمانية من عدمه.
بالنسبة للكثيرين، يمثل هذا اعتداء عميقا على الخصوصية، وهو نوع من "الأخ الأكبر" كما تصوره رواية العبقري صاحب الرؤية جورج أورويل في روايته "1984"، فيما يحذر الغرب من عصر "الشمولية الرقمية" في الصين.


 
وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو أن الأمر يزعج الصينيين كثيرا، بل على العكس أبدى غالبيتهم ترحيبا بنظام احتساب النقاط، وفقا لدراسة أعدتها جامعة برلين الحرة.
وكشف الدراسة أن 49 بالمئة من 2209 شخصا شملهم استطلاع أعربوا عن "تأييدهم القوي" لهذا الإجراء، مقابل 31 بالمئة أشاروا إلى موافقتهم الضمنية على نفس الإجراء.
وتظهر نتائج الاستطلاع الذي تم عبر شبكة الانترنت أن أكثر من 80 بالمئة من من الصينيين يستحسنون المنظومة، وهي نتيجة مثيرة للاندهاش. ومن ثم يتساءل كثيرون عن السبب.
ووفقا للباحثين الذين أجروا أيضا مقابلات شخصية، توجد لدى الكثيرين أزمة ثقة شديدة العمق في المجتمع الصيني، وهو ما أكده أكثر من 76 بالمئة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع، أي أن لا أحد يثق في أحد.
وتؤثر فضائح التغذية أو فضيحة التطعيمات الملوثة التي شهدتها تلك البلاد الآسيوية مؤخرا على درجة الثقة في قدرة المنظومة الرقابية على حماية المواطنين من المخادعين وغيرهم من المواطنين الفاسدين، فالفساد متفشي تماما والسلطات تواصل سلبيتها تجاهه، علاوة على أن القضاء في المنظومة الشيوعية يفتقر إلى الاستقلالية.
وفي تصريح لــ (د.ب.أ)، تقول البروفيسور جنيا كوستكا، المشرفة على الدراسة: " ينظر الكثيرون بإيجابية نحو نظام النقاط المعتمدة في الشبكات الاجتماعية، لانهم لديهم شعور غريزي بعدم الثقة في أحد".
كما توضح كوستكا أن هذه المنظومة تتضمن نوعا من التوجيه، فهي لا تقتصر على تقييم الأشخاص فحسب، بل والشركات أيضا، مضيفة: "رغم ذلك، هي تمثل فقط ثاني أفضل الحلول، لأن الأفضل بالنسبة للحكومة كان إنشاء منظومة من اللوائح والمعايير وفرضها بالطرق المناسبة".
وتؤكد كوستكا أنه يمكن خلق الثقة من خلال سلطات تتمتع بالكفاءة، وفي ظل دولة قانون، وإشراف فعال، إلا أن كل ما يهم الحكومة هو جمع هذه البيانات لإحكام السيطرة على الشبكات الاجتماعية.
وتقوم كبرى شركات الانترنت في الصين، وهي رائدة في مجال السداد عن طريق الهواتف الذكية على مستوى العالم، في الوقت الراهن بتجميع بيانات لا حصر لها حول سلوك وتوجهات المستهلكين، وملاءتهم المالية ونزاهتهم. وفي بعض الأحيان، من الممكن أن تؤثر نقاط صديق المستخدم في مستوى تقييم الشخص نفسه.
وتقول البروفيسور كوستكا: "رغم أن عملية التحول المتسارعة التي تشهدها الصين، فقد تطور النظام الائتماني في المصارف وأنظمة التشريع والقانون بصورة أكثر بطئا".
ويواجه الأفراد مشاكل كثيرة عند طلبهم الحصول على قروض ائتمانية تجارية، ولو صغيرة من البنوك، ولكن لو تم ذلك عن طريق شركة "سمسم كريدت" التابعة لشركة "علي بابا" أو "تنسنت"، فإن الأمر يختلف تماما حيث يعتمد القرار على تقييم النقاط المعتمدة لحساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي لدى أنظمة هذه الشركات.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات تفرض نظام النقاط المعتمدة بصورة إجبارية في أكثر من 40 مشروع في أنحاء البلاد، حيث تجبر كل من يريد الحصول على قرض ائتماني من مصرف بفوائد عادية أن يكون "مواطنا صالحا"، إذا كان يريد شراء شقة على سبيل المثال.
وفي حال لم يكتمل معدل النقاط المطلوب، أو قيام المواطن بخرق القانون أو قواعد المرور، يتعثر صرف القرض. كما أن نشر تعليقات ناقدة على شبكات التواصل الاجتماعي قد يؤدي مستقبلا إلى سحب نقاط، وهو ما يحذر منه منتقدو المنظومة. إلا أن هذه النقاط يمكن تعويضها عبر التبرعات أو العمل التطوعي.
وتوضح كوستكا أنه "بدون صحافة حرة، لا يمكن توعية الناس بشأن المشكلات التي ينطوي عليها المشروع، أو حتى التعبير عن الشكوك حول إمكانية استغلال البيانات من قبل السلطات.
لايكاد يوجد في الصحافة التي تسيطر عليها الحكومة أي نوع من النقد، فيما تروج الحكومة للمنظومة بحجة أنها تريد خلق مزيد من الثقة."
وتحذر البروفيسور كوستا: "هنا يكمن مصدر الشك في إذا كان الشعب يصدق ذلك، لأن الحكومة تتصرف بوصفها بديلا عن منظومة القضاء المتداعية. من ناحية أخرى، لا ينظر الغالبية إلى هذا كونه نظاما رقابيا، بل على العكس يرونه أداة تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتعويض الفراغ المؤسسي والتشريعي".
كما يمهد نظام النقاط الاجتماعية المعتمدة التي تديره شركات الانترنت، السبيل أمام فرض نظام للنقاط السياسية المعتمدة. تقول كوستكا: "في الوقت الراهن، تفوق مميزات المنظومة عيوبها، مما يجعلها تسعى لأن يعتاد الناس عليها ويحبذونها"، في إشارة إلى المنظومات التجارية التي يستخدمها أكثر من 80 بالمئة ممن شملهم استطلاع الرأي، في حين يؤكد 7 بالمئة فقط أنهم مع نظام النقاط المعتمدة في الشبكات الاجتماعية الذي أقرته السلطات وما زال محدود الانتشار. وتتفاوض المنظومتان حاليا على كيفية توحيد بياناتهما.
واعتادت المنظومة الشيوعية في الصين على التفتيش في حياة الناس الخاصة بشكل دائم. لذا تقول كوستكا: "اعتاد الناس على أن كل أمورهم تحت السيطرة. ومن ثم فإنهم لا يعتبرون قيام الحكومة بجمع بيانات بهذه الطريقة ينطوي على تجاوز كبير".
من جانبها، تسعى القيادات لترويض المواطنين، حيث أشار كثيرون ممن شملهم الاستطلاع إلى أنهم غيروا بالفعل من نمط سلوكهم أو أنهم أصبحوا يمارسون نوعا من الرقابة الذاتية على الانترنت.
ويشارك واحد من بين كل خمسة، أي نسبة 18%، محتويات أخرى، لأنه أصبح ضمن منظومة النقاط الاجتماعية المعتمدة. نفس النسبة تقريبا تشمل الأشخاص الذين تخلصوا من بعض صداقاتهم على الانترنت نظرا لأن لديهم تقييم نقاط منخفض قد يؤثر على معدل ولائهم شخصيا في المستقبل.
(د ب أ) ط ز/ م س

أندرياس لاندوير
الاربعاء 15 غشت 2018