نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


مشاهدات من ميدان الثورة في السودان .."لقد بدأت لتوها"




الخرطوم - جلس الشباب في غرفة صغيرة ذات جدران بنفسجية اللون في المدخل، في درجة حرارة خانقة، تدلت يد أحدهم برباط من رقبته، و وضع الآخر ضمادة على كتفه الأيمن، في المكان الذي أطلق عليه فيه الرصاص.


رفع شاب ثالث قميصه عاليا وأشار إلى جروح سببها التعرض للضرب بالهراوات على ظهره. وفي الخارج، في الشارع، كانت هناك ريح ساخنة تثير الأتربة، وساد هدوء الأموات، حيث لبى الناس نداء المعارضة التي دعتهم لشل الحركة في البلاد. كان الشاب السوداني عمار محمد الحسن/18 عاما/ وصديقاه عبد الرحيم وعلي إدريس موجودين عندما فضت قوات الأمن الاعتصام الكبير الذي كان وسط العاصمة السودانية، الخرطوم، بشكل وحشي، قامت خلاله بإطلاق النيران على المعتصمين وضربهم وطردهم وحرق خيامهم وألقت بجثث في نهر النيل. بلغ عدد القتلى وفقا لاتحاد الأطباء أكثر من 100 شخص . ومنذ ذلك الحين قطعت قيادات الجيش السوداني، التي تمسك بمقاليد الحكم، الإنترنت عن السودان خوفا من تجدد الاحتجاجات. فهل انتهى بذلك أمر ثورة أخرى في العالم العربي؟ إطلاقا، هكذا يقول إدريس، مضيفا: "لقد بدأت لتوها". يعاني السودان من عزلة دولية منذ سنوات، وتواجه المعارضة قمعا. وتردى الوضع الاقتصادي للسودان لأدنى مستوى له. وأدت الاحتجاجات الحاشدة للشعب الغاضب في نيسان/أبريل الماضي إلى انقلاب عسكري، تمت فيه الإطاحة بالرئيس عمر البشير، بعد نحو 30 سنة له في الحكم. وسرعان ما انتشر الحماس بين جموع الشعب السوداني البالغ عدده نحو 41 مليون نسمة. لم يرض المتظاهرون بالحكم العسكري، وطالبوا بحكومة مدنية واستمروا في التظاهر من خلال الاعتصام الذي أقاموه أمام القيادة العامة للجيش السوداني وسط الخرطوم. وبعد فشل المفاوضات بين جنرالات الجيش مع المعارضة بشأن تكوين حكومة انتقالية، هاجمت قوات الأمن المعتصمين يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، "حيث جاءوا بمركبات من ثلاث اتجاهات وحاصروا المتظاهرين "، حسبما يتذكر إدريس. وعندما فر بعض المتظاهرين بدأت قوات الأمن تطلق النيران، حسب إدريس، الذي قال إنه جرى نحو أحد المباني، وتبعه عدد من قوات الأمن، ثم انهالوا عليه ضربا، واستطاع الإفلات منهم. يوقن كل من إدريس والحسن وعبد الرحيم وبقية المتظاهرين الآخرين بأن قوات الأمن كانوا تابعين لقوات الدعم السريع، وهي وحدة جيش شبه مستقلة، سيئة السمعة. ويفضل سكان الخرطوم استخدام الاسم الذي كان يطلق على هذه الوحدة في السابق، وهو: الجنجويد، حيث كانت هذه المليشيا العربية مسؤولة أثناء الصراع في دارفور عن جرائم وحشية ضد السكان. اليوم فقد أصبح قائد الجنجويد، محمد حمدان داجلو، الشهير بـ حميدتي، الرجل الثاني في القيادة العسكرية بالسودان. تبدو قوات حميدتي التي يخشاها السودانيون وكأنها تسيطر في الوقت الحالي على مركز الخرطوم، حيث انتشرت السيارات التابعة لقوات الدعم السريع في شوارع السودان، تعلوها بنادق آلية، وعلى جانبها حزام من الذخيرة. لا يسمح بتصوير مواقع هذه القوات. يغفو الجنود خلف هذه السيارات أو يجلسون إلى جانبها في ظل الأشجار القريبة، بعضهم يطهي طعامه، وبعضهم الآخر يغسل ملابسه. وعندما ارتفع صوت الأذان في المدينة بدأ البعض يصلي على سجادته الصغيرة إلى جانب سلاحه. لم تعد هناك سوى آثار قليلة للاعتصام الذي استمر أسابيع أمام مقر القيادة العامة للجيش، وهو الاعتصام الذي أصبح رمزا للثورة. أزيلت الكثير من الأعمال الفنية التي رسمها متظاهرون على الجدران. وهناك في بعض الأماكن آثار الحرائق على الأرض، ربما حرقت خيام في تلك المواضع. وأصبح هناك الآن في الفناء الذي أقام فيه المتظاهرون مستشفى متنقلا لهم، عدة سيارات تابعة لقوات الدعم السريع. يحظى جنرالات السودان بدعم من السعودية والإمارات، ولكن المعارضة لم تستسلم، حيث دعت لإضراب عام، والذي أصبح ساريا منذ أمس الأول الأحد، ويهدف للضغط على الجنرالات ونقل السلطة قريبا لحكومة مدنية انتقالية. لذلك فإن هناك هدوءا مشوبا بالحذر في الخرطوم، وكأن الناس يحبسون أنفاسهم. ليس هناك سوى عدد قليل من السيارات والأشخاص في الشوارع، وأغلقت معظم المحلات والمطاعم، وأسدلت الستائر. أقام المتظاهرون في بعض أحياء المدينة حواجز من الحجارة لصد قوات الأمن، تزال مرارا وتقام مرات أخرى. أشار سكان في الجزء الشمالي من الخرطوم، أم درمان، بفخر للحواجز التي أقيمت بامتداد بعض الشوارع. ولكن إلى متى سيتحمل الناس ذلك؟ باستثناء بعض البيانات على فيسبوك وتويتر فإن المعارضة تلتزم التحفظ بشكل واسع، منذ التعامل الوحشي لقوات الجيش مع الاعتصام. أصبح من الصعب أو غير الممكن الوصول للكثير من قيادات تجمع المهنيين الذي نظم الاحتجاجات الواسعة في الأشهر الماضية. ويعتقد البعض أن المعارضة خائفة، في حين يقول آخرون إن المعارضة في حاجة لوقت من أجل تطوير استراتيجية جديدة. كيف ستبدو هذه الاستراتيجية، هذا ما يريد الشباب الحسن و عبد الرحيم وإدريس أيضا معرفته، حيث قالوا إنهم مستعدون للخروج مرة أخرى للشوارع والتظاهر، حسب عبد الرحيم. أصبحوا يشعرون هنا بالأمن والأمان، في هذا البيت الصغير الذي تمتلكه عائلة الحسن، وذلك لأن قوات الدعم السريع تخشى من القدوم إلى هنا، حسبما يقول هؤلاء بشيء من الفخر. لم تنكسر إرادة الحسن، "فلقد أصبح الوضع في ظل الحكومة العسكرية أسوأ مما كان عليه في السابق".

جيويا فورستر
الاربعاء 12 يونيو 2019