كان ذلك في كانون ثان/يناير 2019، وحدثت كثير من الأمور منذ ذلك الحين. وقد تغيرت الطريقة التي يجري بها النقاش حول تغير المناخ في موطن تونبرج ، السويد، وعبر أوروبا وحتى في أماكن أبعد من ذلك. وقد لعبت الفتاة البالغة من العمر 16 عاما دورا رئيسيا فيما بدأ بـ "الإضراب المدرسي من أجل المناخ".
والجميع الآن يعرف وجه الفتاة السويدية، وهي تعد نجمة بالنسبة لملايين الأشخاص، بينما يرى آخرون مطالبها ضربا من الجنون.
وتتسبب تونبرج في حالة من الاستقطاب، فبينما تلقى ثناء من أشخاص متنوعين ما بين الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل والبابا فرنسيس وليوناردو دي كابريو وأرنولد شوارزنيجر، فإنها لا تحظى بدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي شكك مرارا فيما إذا كان تغير المناخ حتى يعتبر أمرا حقيقيا، وإذا ما كان قد تسبب فيه البشر إذا كان الأمر حقيقيا بالفعل.
والآن، عندما شاركت في مظاهرة بقمة المناخ التابعة للأمم المتحدة في مدريد، احتاجت إلى أمن لحمايتها من حشود الفضوليين ومن يتمنون لها الخير. إن تونبرج ظاهرة عالمية.
وأصبحت مظاهرات "أيام الجُمع من أجل المستقبل" حدثا منتظما في العديد من المدن حول العالم. وقد انطلقت في البداية بمشاركة مئات الأشخاص ثم لاحقا بمشاركة الآلاف. وفي 20 أيلول/سبتمبر، كان هناك 4ر1 مليون شخص في الشوارع بألمانيا فقط.
وينضم الآباؤ والأجداد لتلاميذ المدارس في مظاهراتهم. واعترفت ميركل صراحة بأن المظاهرات كان لها أثر على سياسة لإنقاذ المناخ.
وبينما يشعر الكثيرون أن الإجراءات الألمانية لم تذهب بعيدا بما يكفي، إلا أنه كان هناك القليل منهم في بداية العام ممن كانوا يعتقدون أنها كانت ستُتخذ على الإطلاق.
لقد انتقل المناخ إلى مركز الصدارة. وتخطط الرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية ، أورسولا فون دير لاين، لجعله محور نشاط الاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة.
وبينما يسحب الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة من اتفاق باريس بشأن المناخ، هناك الكثير من الولايات والمناطق والمدن والشركات الأمريكية التي تقول بوضوح "لا نزال ملتزمين به".
ولا يزال صحيحا أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري قد ارتفعت خلال العام الماضي ، وأن هناك محطات جديدة لتوليد الطاقة بالفحم لا تزال قيد الإنشاء والتخطيط وأن النمو الاقتصادي في الصين والهند يؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات.
كل هذا يحدث في الوقت الذي يحذر فيه علماء المناخ من أن العمل كالمعتاد سيؤدي إلى زيادة درجة حرارة العالم بمقدار 4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن – ومن ثم حدوث كارثة.
والهدف من اتفاق باريس الذي ترعاه الأمم المتحدة هو خفض معدل زيادة درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين، لكن من أجل أن يتحقق ذلك، يجب خفض الانبعاثات كل عام بنسبة 6ر7% اعتبارا من العام المقبل، حسب نماذج الأمم المتحدة, لكن حتى أكثر الأشخاص تفاؤلا لا يعتقدون أن ذلك سيحدث.
إن العام المقبل مهم ، ليس فقط لأن العلماء يعتبرون أن تغيير اتجاه الانبعاثات أمر ضروري ، ولكن أيضا لأنه العام الذي يتعين فيه على الموقعين على اتفاق باريس طرح برامجهم لوقف ظاهرة الاحتباس الحراري.
وستحتفل تونبرج بعيد ميلادها السابع عشر في 3 كانون ثان/يناير، وفي 20 آب/أغسطس سيكون قد مر عامين على أول احتجاج قامت به بمفردها خارج البرلمان السويدي.
ولكن قبل أيام من ذلك، وفي 17 أغسطس ، تنتهي العطلات المدرسية في ستوكهولم. وبعد قضاء إجازة لمدة عام من دراستها ، حيث أبحرت خلالها في المحيط الأطلسي في كلا الاتجاهين ، وفازت بجائزة نوبل البديلة ، وأطلقت حركة احتجاج عالمية وحصلت على لقب شخصية العام بمجلة "تايم" الأمريكية، من المقرر أن تعود تونبرج إلى المدرسة.