نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


الأسد يُفاوض تل أبيب على شروط تعويمه




شهدت قاعدة حميميم في شهر كانون الأول/ديسمبر (نهاية العام الماضي 2020) لقاءً جمع بشار الأسد بمسؤول أمني إسرائيلي، وبحضور عسكري واستخباراتي روسي، ووفقاً للمعلومات الموثوقة فإنّ اللقاء حضره من الجانب السوري رئيس مكتب الامن الوطني علي مملوك، ومستشاره الخاص للشؤون الأمنية والاستراتيجيَّة اللواء بسام حسن، ومن الجانب الإسرائيلي الجنرال غادي إيزنكوت من رئاسة هيئة الأركان، والجنرال السابق في الموساد آري بن ميناشي، وبحضور أليكساندر تشايكوف قائد القوات الروسية في سورية.


 

وقد عرض الأسد في هذا اللقاء عدّة مطالب، أبرزها العودة لجامعة الدول العربية، والحصول على مساعدات مالية لسداد الدين الإيراني؛ وبالتالي فتح المجال لنظامه لإخراج إيران من سورية، ودعمه لتثبيت حكمه، وإعادة العلاقات مع المحور السني العربي، ودعم سورية اقتصادياً، ووقف العمل بالعقوبات المفروضة على سورية وإيقاف قانون العقوبات سيزر.
وبالمقابل طلب الجانب الإسرائيلي تفكيك ما يُسمى بـ "محور المقاومة والممانعة"، وإخراج إيران من سورية بشكل كامل، وإخراج قوات حزب الله اللبناني وكامل المليشيات الأجنبية من سورية، وتشكيل حكومة بالمناصفة مع المعارضة السورية، وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية السورية بشكل كامل، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السورية بشكل كامل، واعادة الضباط المنشقين بضمانة روسية أمريكية إسرائيلية.
ورغم أنَّ هذا اللقاء الأولي لم ينتهِ إلى اتفاقات محدَّدة؛ إلا أنه يُشكل بدايةً لمسار تدفع روسيا باتِّجاهه بقوة، ويُعتقد أنَّه سيشهد توسعاً كبيراً في عام 2021، حيث ترى موسكو أنَّ بناء علاقة مباشرة بين نظام الأسد وتل أبيب يمكن أن يُشكّل طوقَ النجاة للنظام؛ وبالتالي لمسعاها في الحصول على الاعتماد الدولي لمشروعها للحل السياسي في سورية. 
ويمثِّل السلام مع إسرائيل حلَّاً مثالياً لنظام الأسد للخروج من حالة الحصار الدبلوماسي والاقتصادي التي يعيشها منذ عشر سنوات تقريباً، كما قد يمنح نظامه بطاقة عبور لعقود قادمة في الحكم، ما لم يحصل انفجار شعبي آخر، أو تنشأ ظروفٌ أخرى غير محسوبة في المستقبل. 
وبلا شك، فإنَّ إسرائيل من جهتها سترحِّب بالتعاون الرسمي من طرف النظام، وفي تحويل علاقتها الممتدَّة معه منذ نحو نصف قرن إلى طابع أكثر رسمية، وهي تُدرك أنَّه الخيار الأفضل بالنسبة لأمنها مقارنة مع أيِّ فاعل مرَّ على سورية خلال السنوات العشر الماضية، وهو الإدراك الذي دفعها طيلة العقد الماضي للحيلولة دون سقوطه بأيِّ شكل. 
ومن جهتها تُدرك إيران أنَّ الأسد يبحث بكلِّ شكل عن مخارج تُعيده إلى المنظومة الدولية، وتساعده على التخلّص من القيود الإيرانية والروسية، أو من إحداها على الأقل، ولذا فإنّ طهران تسعى إلى عرقلة جهود النظام، وقبل ذلك عرقلة جهود روسيا التي تُهندس هذه التوجهات. 
وتُدرك طهران أنَّ قدرتها على الضغط الفعلي على روسيا محدودة جدَّاً، كما تُدرك أنَّ علاقة نظام الأسد معها علاقة براغماتيَّة بحتة، ولذا فإنّها لا تُعوّل على احترام الطرفين روسيا أو نظام الأسد لالتزاماتهم معها، بل تسعى إلى تسريع عملية تجُّذرها في بُنية الدولة والمجتمع في سورية، بما يجعل اقتلاعها من أيِّ طرف بما في ذلك روسيا والنظام أمراً بالغ الصعوبة، لكنَّه ليس مستحيلاً بطبيعة الحال. 
وتُفسِّر لقاءات الأسد مع الإسرائيليين الخطاب الإيراني الأخير، والذي قدَّمه الناطق باسم المشروع الإيراني في المنطقة حسن نصر الله نهاية كانون الثاني/ديسمبر2020 في خطاب وفي مقابلة مطولة، حيث سعى نصر الله إلى توريط الأسد شخصياً فيما قال إنَّه نقل تكنولوجيا وأسلحة إلى غزَّة، كي يؤكد للأسد نفسِه أنَّه كان شريكاً كاملاً في المشروع الإيراني، وأنَّه لن يكون بإمكانه الانسحاب من هذا المشروع بالسلاسة التي يتخيَّلها. 
كما كرَّر نصر الله في رسائل نهاية العام والتي جاءت بعد لقاء حميميم التأكيد على أنَّ إيران هي من منعت سقوط الأسد، وليس الروس، كما لو أنَّه يريد أن يقول: إنَّ إيران بدورها هي من يحمي النظام اليوم لا روسيا، وإنها قادرة على خلخلة أمنه إن أرادت. 
ويبدو أنَّ عام 2021 سيكون مليئاً بالمستجدَّات فيما يتعلَّق بالصراع الروسي-الإيراني داخل سورية من جهة، وسعي روسيا والنظام لبناء جسور الثقة مع تل أبيب من جهة أخرى، وهي مستجدَّات ستتأثر بشكل مباشر بالطريقة التي ستتعاطى بها الإدارة الأمريكية الجديدة مع طهران ومع مشروعها الإقليمي وخاصة في سورية. 
ورغم توجُّه الكثير من المحللين إلى أنَّ واشنطن ستعمل على إعادة إحياء الاتفاق النووي مع طهران باعتباره أولويَّة في التوجهات الأمريكية في المنطقة، إلا أنَّه ما من مؤشِّرات على أنَّ واشنطن في عجلة من أمرها في هذا الإطار، ولا على كونِها تملك مصلحة في حماية الوجود الإيراني في المنطقة، أو إبقاء هذا الوجود خارج التفاوض. 
ويُعتقَد أنَّ الإسرائيليين قد تحضَّروا إلى مرحلة وصول بايدن جيداً من خلال مسارين؛ الأول هو رفع وتيرة الاستهداف المباشر للمصالح الإيرانية، داخل إيران وخارجها، والثاني هو إطلاق مبادرات سياسية مع الأطراف الفاعلة، سواء مع الطرف الروسي من خلال إعادة إدماج النظام في المنظومة الدولية عبر مسار التطبيع، أو مع أطراف عربية حديثة التطبيع العلني، من أجل تقديم البدائل المالية والسياسية للأسد، وتشجيعه على التعاون مع الطروحات الإسرائيلية. 
ومما لا شك فيه أنَّ دخول دمشق إلى مسار التطبيع يُمكن أن يُشجِّع العواصم الغربية على طي صفحة الماضي، والنظر في منظومة العقوبات الدولية والوطنية، وهو ما سيفتح الباب أمام ولادة الأسد من جديد، مستنداً إلى شرعية دولية عميقة هذه المرَّة، دون أن يكون بحاجة إلى المتاجرة بفلسطين وقضيتها، ودون أن يتعرّض حتى لضغوط للإفراج عن المعتقلين في فرع فلسطين وغيره! 
وعلى ما يبدو فإنَّ دروس الأشهر الأخيرة كانت كفيلة بدفع الأسد للذهاب إلى حميميم راغباً غير مُكره، فقد كان درس السودان كافياً لإقناع كلِّ المُعاقَبين والمنبوذين من النظام الدولي بأنَّ مفتاح الخروج من سجن العقوبات إلى "جنَّة" القبول الدولي موجود في تل أبيب، وهو درس ربَّما سيسعى العديد من المنبوذين في المنطقة للاستفادة منه في عام 2021. 
------------
مركز جسور


محمد سرميني
الاثنين 18 يناير 2021