ويقابل ذلك نموذج مختلف، هو نموذج أميركا التي أزاح المهاجرون أهل الأرض الأصليين وصنعوا للمكان لغة مستجلبة من أوروبا وتعززت بقوة السلطان والمال والثقافة، وتم قمع الأرض وحرمانها من ضميرها ومعناها، وهذا يفسر حالة القلق الثقافي المستمر في أميركا، حيث يهيمن الرجل الأبيض ويهمش كل جنس سواه من مهاجرين مثله سكنوا المكان ويشاركون الرجل الأبيض في هواء المكان وفي زرعه وخيره وحتى في عواصفه وجوائحه، وتحولت الفئات الأخرى ليتكلموا لغة الرجل الأبيض ويغنوا أغانيه ويلبسوا لباسه ويقاتلوا تحت رايته، وكل عمل لهم ينتهي ليكون رصيداً لمعنى الرجل الأبيض، والأكثر قهراً وإلغاء هو صاحب المكان الأصلي الذي يتكلم لغة المكان ويحمل هوية المكان الجذرية، ومثل ذلك في أستراليا، حيث يجري قمع الأرض ولغة الأرض لمصلحة المستعمر الذي أصبح هو المعنى المطلق وتحته يقبع المكان في صمت مطلق.
وبين النموذجين تأتي نيوزيلندا لتحاول أن تشرك أهل الأرض الأصليين في إدارة البلاد وفي تقدير لغة الأرض وهويتها، وهذا نوع من التواطؤ الحميد تتصالح فيه الهويات وتجعل الأرض تتنفس راحة تعوضها عن قلق تشتت الهوية.
---------
الاتحاد