نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


باحث أمريكي:سكان مصر يصل إلى 100 مليون نقمة وليس نعمة!




القاهرة – كان مولد الطفلة ياسمين رمضان ربيع التي أكملت عدد سكان مصر 100 مليون مواطن يعيشون في البلاد، حدثا سعيدا بلا شك بالنسبة لأسرتها، ولكن وصول عدد سكان البلاد إلى 100 مليون نسمة لا يعني ذلك بالنسبة لمصر التي تكافح لاحتواء انفجار سكاني، ويقول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن ارتفاع معدل المواليد في مصر يمثل تهديدا للأمن القومي، مثله في ذلك مثل الإرهاب.
وأطلقت الحكومة المصرية العام الماضي مبادرة لتنظيم الأسرة، تحت شعار "اثنين كفاية". وافتتحت الحكومة عيادات لتنظيم الأسرة في مختلف أنحاء مصر، حيث يمكن للمواطنين الحصول على وسائل منع الحمل مقابل أسعار زهيدة للغاية. كما تتضمن الحملة إرسال متطوعين إلى المنازل لإقناع الأزواج بعدم إنجاب عدد كبير من الأطفال. ولكن كثيرا من الأطباء والنشطاء يرون أن الجهود الحكومية جاءت متأخرة لمواجهة الزيادة السكانية التي تفاقم التحديات أمام دولة يعيش حوالي ثلث سكانها تحت خط الفقر.


 
ويعد فشل الإدارة المصرية أهم عوامل ارتفاع زيادة معدل المواليد في مصر. وعندما أوقفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تمويلها لبرنامج مصر لتنظيم الأسرة في عام 2008، كان معدل الإنجاب في البلاد آنذاك 3 أطفال لكل سيدة، مقابل 6ر5 طفل في عام 1976. كما ارتفع معدل استخدام وسائل منع الحمل من 8ر18 في المئة إلى 3ر60 في المئة خلال نفس الفترة التي أنفقت فيها الولايات المتحدة 376 مليون دولار لتمويل برامج تنظيم الأسرة في مص، بحسب تقرير عن المشكلة السكانية في مصر أعده الباحث الأمريكي تيموثي كالداس، المتخصص في ملف التحولات السياسي والاجتماعية في مصر والعلاقات المصرية الأمريكي، وقد عمل أستاذا زائرا بإحدى الجامعات الخاصة في مصر.
ومنذ ذلك الوقت، تجاهلت الحكومات المصرية المتعاقبة قضية تنظيم الأسرة، ليرتفع معدل الإنجاب إلى حوالي 5ر3 طفل لكل سيدة، في حين أن متوسط معدل الإنجاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يصل إلى 8ر2 طفل لكل سيدة
ونقل التقرير الذي أوردته وكالة "بلومبرج" للأنباء عن عدد من الأطباء القول إن مبادرة "اثنين كفاية" لم تحظ بتنظيم جيد، بل وافتقدت إلى الاستراتيجية الواضحة لخفض معدل الإنجاب. كما أن الموارد المالية المخصصة للمبادرة ضئيلة للغاية، مقارنة بالبرامج السابقة، وكذلك تعاني بعض عيادات تنظيم الأسرة المشاركة في المبادرة من نفاد وسائل منع الحمل. وتقدم عيادات تنظيم الأسرة بعض الثقافة الإنجابية للمترددين عليها، ولكن التربية الجنسية من المحظورات في المدارس المصرية. وهذا يعني أن كثيرا من المصريين يفتقدون إلى المعرفة العملية بخيارات تنظيم الأسرة المتاحة أمامهم.
وفي نفس الوقت، فإن غياب الخدمات العامة للفئات الأشد احتياجا في مصر من الفقراء والمسنين، يمثل وجها آخر من وجوه فشل الإدارة المصرية في التعامل مع ملف الانفجار السكاني، فكثير من المصريين يختارون إنجاب عدد كبير من الأبناء على أمل أن يتولى هؤلاء الأبناء رعايتهم في المستقبل، وهي ظاهرة موجودة في الدول التي ترتفع فيها معدلات الفقر والتي تفتقد إلى شبكات الضمان الاجتماعي المناسبة. وفي حين يعيش في مصر نحو 30 مليون شخص تحت خط الفقر، فإن 4ر9 مليون شخص فقط هم الذين يحصلون على مساعدات مالية من الحكومة عبر برامج الحماية الاجتماعية مثل "تكافل" و"كرامة"، التي تم تبينها في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي طبقته مصر بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي خلال السنوات الماضية. وتضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي تقليص الدعم الحكومي في مجالات عدة، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 30% قبل أن يتراجع العام الماضي إلى نحو 6ر9%.
ويرى كالداس، الذي عمل أيضا مستشارا مستقلا في إدارة المخاطر وباحثا غير مقيم في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن، أن المستقبل يبدو قاتما بالنسبة للمواليد الجدد في مصر، مثل الطفلة ياسمين التي تحمل رقم "100 مليون". فنقص المساعدات الحكومية للفقراء ساهم في ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال، وأصبح نحو نصف الأطفال دون الخامسة يعانون من فقر الدم و29% منهم يعانون من توقف النمو. وسيتحول هذا إلى انخفاض في انتاجية العامل المصري مع وصول هؤلاء الأطفال إلى سن العمل، ليضاف تحد جديد إلى التحديات الاقتصادية التي طال أمدها في مصر .
كما أن ضعف مستوى التعليم الحكومي، يقلص من فرص استفادة الاقتصاد المصري من ضخامة حجم القوة العاملة. وبحسب تقرير التنافسية الدولية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، يحتل الخريج المصري المركز 133 من بين 141 دولة، على مؤشر المهارات العملية. كما أن مصر تحتل المركز 129 بين 141 دولة من حيث كفاءة التدريب المهني. ورغم أن الدستور المصري يلزم الحكومة بتخصيص 4% ،على الأقل، من إجمالي الناتج المحلي للإنفاق على التعليم، فإن الحكومات لا تلتزم بهذا النص على الإطلاق.
ويضاعف العدد الكبير للسكان في مصر، العديد من المشكلات الأخرى، ومنها على سبيل المثال أزمة المياه. فرغم محدودية موارد المياه في مصر، التي تعتمد بشكل شبه حصري على نهر النيل، فشلت الحكومات المتعاقبة على نحو منهجي في تطوير أنظمة مناسبة للحد من هدر المياه، الناجم عن المشروعات العملاقة المستنزفة للمياه، أو إلقاء المخلفات في نهر النيل .
ومازال الفشل يلاحق جهود المسؤولين المصريين للمحافظة على المياه. ففي عام 2018 قررت الحكومة تخفيض المساحة المزروعة بالأرز باعتباره محصولا كثيف استهلاك المياه، لكن سرعان ما عادت مساحات الأرز إلى الزيادة في العام التالي. كما أن العاصمة الإدارية الجديدة التي تقيمها مصر حاليا ستحتاج إلى حوالي 650 ألف متر مكعب من المياه يوميا بعد الانتهاء من بنائها. والفشل في التوصل لحلول فعالة لمواجهة مشكلة هدر المياه في مصر سيكون له عواقب وخيمة، خاصة مع استمرار النمو السكاني السريع.
ومن أجل وقف تدهور مستوى المعيشة في مصر، يرى الخبراء أن البلاد في حاجة إلى تحقيق نمو اقتصادي بمعدل يبلغ ثلاثة أمثال معدل نمو السكان. وقال الرئيس السيسي إن مصر تحتاج إلى نمو الاقتصاد بمعدل 5ر7% سنويا، على الأقل، لمواجهة النمو السكاني. وفي المقابل، فإن معدل نمو الاقتصاد حاليا دون 6%، في حين تسجل القطاعات غير النفطية انكماشا.
وبحسب "بلومبرج"، فإن المستثمرين في مصر يواجهون صعوبات عدة تبدأ من غموض اللوائح المنظمة، ولا تنتهي بالمشكلات في الالتزام بالعقود، مما ضيق الخناق على القطاع الخاص.
وفي أحدث كتبه "إصلاح الاقتصاد السياسي في مصر" قال خالد إكرام، المدير السابق لإدارة مصر بالبنك الدولي، إن الكثير من المشكلات الاقتصادية الجوهرية في مصر ليست ناجمة عن نقص الموارد المالية وإنما عن فشل الإدارة. وفي ظل النمو السريع لسكان البلاد، يتقلص هامش الخطأ المسموح به أمام الإدارة.

د ب ا
الخميس 20 فبراير 2020