نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة

تأملات في الثورة الفاشلة

16/03/2024 - ماهر مسعود


بوتين وطباخه (يفغيني بريغوجين) ونبش المستور







عندما تنعدم ثقة المواطنون الروس ببوتين وبهيبة الإتحاد الروسي ، ويرفض الشباب الروسي تلبية الدعوة الإحتياطية ، وتوالي النكسات والانكسارات المتوالية التي يُمنى بها الجيش الروسي على الأراضي الأوكرانية ، والانكفاءات الروسية عن اراضي احتلها الجيش الروسي سابقاً جراء الهجمات المعاكسة الأوكرانية الناجحة ، في هذه الأوقات العصيبة فما على بوتين وعلى الكرملين ، وعلى القيادة الروسية ، من إستدرك تراجع الروح المعنوية المنهارة بدعاية يطلقها بالتفتيش في دفاتر بالية وقديمة فما كان له من منقذ سوى طباخه يفغيني بريغوجين مدير الجيش الإلكتروني ،ومؤسس ميليشيا الفاغنر والتي ارتكبت عدة جرائم في سوريا وليبيا والسودان وإفريقيا وأوكرانيا، لينقذه من المأزق الذي وصل اليه .


 
بعد كل ما حصل وأكثر من ذلك جاءت تصريحات طباخ بوتين عشية الانتخابات النصفية الأمريكية في ظل إنكار روسيا سابقا لكل الاتهامات الموجهة إليها في هذا الصدد.
فماذا يعني تجاوز بريغوجين على السياسة الخارجية للكرملين والادلاء بتصريح يضع روسيا في ورطة وعقوبات جديدة؟
هل هي زلة لسان ؟ أم تعنت وتهديد وتفاخر؟
هذا الاعتراف أتى ليدعم  ماتم تداوله سابقاً ، وجاء الخبر اليقين من  صاحب شركة (كونكورد) الذي اخذ الضوء الآخضر  لتجند سجناء في سجن روسي للقتال في صفوف مرتزقته  على الجبهة الأوكرانية.
لم يكن الزمن ببعيد عن دفاع بوتين المستميت بعدم تدخله  في الإنتخابات الأمريكية ،جاءت تصريحات يفغيني بريغوجين، الشهير بطباخ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي  يدعم غزو موسكو لأوكرانيا، ليفضح باعترافاته كذب بوتين والقيادة الروسية   والتي إعترف خلالها بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية ، والتي تهدف روسيا من خلالها الترويج لروايات تهدف إلى تقويض الديمقراطية الأمريكية ،والتي لم تكن لتصدر دون إذن مسبق من بوتين والكرملن بالتحديد ، حيث أن بوتين كشف القناع عن عربدته وتشبيحه على المجتمع الدولي ليظهر بأنه قيصر العالم من جديد، وقادر على حماية المحتالين والنصابين  في عهده بحصانة من الكرملين الذي سيحميهم وهذا ما يشيرا إلى أن التدخل الروسي السابق في الانتخابات “تمت الموافقة عليه على أعلى المستويات في الكرملين.. ويذكر بأن يفغيني بريغوجين له باع طويل  بإنشاء “جيوش إلكترونية” بحسابات مزورة تنشط على وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة للتأثير على الناخبين، عن طريق تشويه سمعة مرشحين أو نقل معلومات كاذبة وهو مؤسس مجموعة فاغنر شبه العسكرية للقتال في أوكرانيا في العام 2014، مؤكدا وجودها في أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.ولاحقاً بتأسيس مقراً لها في سان بترسبورغ . والتي قاتلت مع القوات الروسية في سوريا وقتلت الكثير من السوريين والتي تم تأسيسها في العام 2014  لإرسال مقاتلين مؤهلين إلى منطقة دونباس الأوكرانية ، والتي اطلق عليها اسم مجموعة كتيبة فاغنر التكتيكية“.
في الواقع لم تتفاجئ أمريكا بتصريحات يفغيني بريغوجين لان البيت الأبيض يعلم حق المعرفة بأن الاختراق السيبراني الروسي حدث قبل الإنتخابات الامريكية ،وأن “روسيا تدخلت وتتدخل وستواصل التدخل في العملية الديمقراطية الأمريكية ، ومن الواضح بأن يفغيني ليس بعيداً عن الدوائر الضيقة المقربة من  الكيانات المرتبطة ببوتين والتي  سعت للتأثير على الانتخابات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، لذا فإن العقوبات الأمريكية على  بريغوزين، و وكالة الأبحاث الإلكترونية التي يمولها الكرملين لم تأتي عن عبث وليس من فراغ بل استندت الى دلائل ومستندات تفيد بأن بريغوزين ومعه مجموعة من ذباب  الروس الآخرين و3 شركات روسية بإدارة حملة سرية على وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى إثارة الفتنة وتقسيم الرأي العام الأمريكي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.
 في الواقع إن تصريحات طباخ بوتين في هذه المرحلة الدقيقة جاءت إنعكاسات للفشل الروس في الغزو الروسي لأوكرانيا ومن أجل توجيه رسالة للداخل الروسي الذي فقد ثقته بالقيادة الروسية بعد الفشل الإستخباراتي والإستطلاعي الروسي وعدم مواكبة اسلحة الدقة العالة الروسية والاسلحة الثقيلة من صواريخ سكود وصواريخ إسكندر ، ومدفعية ثقيلة ودبابات حديثة متل الدبابة T72 والدبابة T82 والدبابة  T90مواكبة السلاح الغربي المتطور ، وتضاؤل الحاضنة الشعبية المؤيدة للحرب على اوكرانيا . وفقدان القدرة التقنية القتالية الروسية التي بانت سوءتها تجاه التأثير الإلكتروني الأوكراني على الاتصالات والتشويش على الشبكات والترددات الرادارية وتعطيل الانظمة اللاسلكية ووسائط الدفاع الذاتي للطراد موسكافا وتدمير الطراد الحربي في عرض البحر كأكبر طراد روسي في البحرية الروسية . وغرقه في عرض البحر وضعف استخباراته وعجزها عن الإنذار المبكر عن التهديد بالتفجير الذي حصل في جزيرة القرم واستهدف الجسر الإستراتيجي ، لذا ركزت روسيا جهود ها من أجل  الترويج للروايات التي تهدف إلى تقويض الديمقراطية وزرع بذور الانقسام والشقاق، وليس من المستغرب أن تسلط روسيا الضوء على نجاحات سابقة من أجل شحذ الهمم ومحاولاتهم لتلفيق قصة لنجاحات أكل الزمن عليها وشرب .
لاشك بان كل السوريين يعرفون من هي مجموعة فاغنر وإجرامها والتي قامت بمجازر كبرى في سوريا إلى جانب حزب الله اللبناني  التابع لا يران والميلشيات الايرانية  والافغانية.
السوريون يعرفون أن فاغنر تتبع لبوتين فقط وليس لهم علاقة بالتفاصيل ، لكن تفاصيل امور تشير أي أن إعترافات يفغعيني فضحت المستور الذي صرح بأنه هو وراء مجموعة فاغنر الروسية المرتزقة على الاراضي السورية، وبقي الامر غاماً وعالقاً بين تجاذب وسائل الإعلام التي تخبطت في موضوع مرجعية فاغنر ومالكها . ليتبين لاحقاً و بشكل ملموس أن مؤسسها هو يفغيني بريغوجين، الذراع الايمن بوتين ،  كما يوصف إعلاميا، وهذا ما أفصح عنه بلسانه ، بأنه يقود ميليشيا عسكرية تنتشر في  سوريا وليبيا، ويدعي الدفاع عن شعوب عربية للحماية من تنظيمات مسلحة ولكن كل هذه الإدعاءات مفضوحة واصبحت في مهب الريح جراء قتلها للأبرياء في أكثر من بلد بينها سوريا،و ليبيا،و مالي، وأوكرانيا. وسوريا بالتحديد التي ساندت إجرام بشار أسد في سوريا، ووفرت دعما قتالياً عسكريا في مختلف  مراحل النزاع الليبي لقوات حفتر في شرق البلاد في حربها على حكومة الوفاق في طرابلس، إلا أن الكرملين كان دائما يتمسك ببراءته منها، وينفي على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا علاقته بها. معتبرا أنها مجرد شركة، لديها “مصالح خاصة مرتبطة باستخراج موارد الطاقة ومختلف الموارد” مثل الذهب والأحجار الكريمة. معتبرا أن ما يحركها أساسا هو “مصالحها، وإن معظم عناصرها هم من السجناء السابقين.
ما هو واضح هو أن بوتين وصل لمرحلة فتش الأوراق ولم يعد للدبلوماسية والبروتوكولات مكانه لديه وانه خرج عن الالتزامات المتعلقة بالقانون الدولي والالتزام باتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها
ولم تعد لديه مشكلة في تكذيب ما صرح به رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودينسابقاً، الذي قال عنها بانها عبارة عن إشاعات مُضلة  جملةً وتفصيلاً، مشدداً على أن بلاده لا تتدخل في الانتخابات الأمريكية، كما لا تسمح بالتدخل في شؤونها.  
ختاماً فإن تقييمات الاستخبارات الأمريكية السابقة وجدت أن التدخل الروسي السابق في الانتخابات “تمت الموافقة عليه على أعلى المستويات في الكرملين”، وشدد أيضاً على أن “الانتخابات الحرة والنزيهة هي حجر الزاوية في المجتمع الأمريكي والديمقراطية الأمريكية، ونحن لن نتسامح مع التدخل في انتخاباتنا.
ونعلم أيضاً أن جزءا من جهود روسيا يشمل الترويج للروايات التي تهدف إلى تقويض الديمقراطية وزرع بذور الانقسام والشقاق، وليس من المستغرب أن تسلط روسيا الضوء على محاولاتهم وتلفيق قصة نجاحاتهم عشية الانتخابات“.
-----------
سوريا الامل

العميد الدكتور عبد الله الأسعد
الجمعة 18 نونبر 2022