نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


عشرة أسباب لاستمرار أهمية سورية بالنسبة للمملكة المتحدة




 

خلال عامين من عملي بدور الممثل البريطاني الخاص لسورية، وجدت نفسي أبدد ثلاثة أباطيل كبيرة حول سورية، وهي أباطيل يتبادل الحديث عنها الأصدقاء البريطانيون والشرق أوسطيون على حدٍّ سواء: أولها أن الأزمة السورية قد انتهت؛ والثانية أن الأسد قد "انتصر"؛ أما الثالثة فهي أن سورية لم تعد في الواقع تهمّ المملكة المتحدة. كل ذلك خطأ. إنها ببساطة مجرد أباطيل.


 

من البديهيات أن الأزمة لم تنتهِ بعد. وأن الأسد لم ينتصر، لا في الحرب ولا في السلام (حيث معظم السوريين يعيشون خارج نطاق 65% من الأراضي السورية التي تحت سيطرة الأسد؛ وكم من السوريين القاطنين حتى في المناطق التي تحت سيطرته يعتبرونه رئيساً شرعياً أو فوّضه الشعب؟). وعلاوة على هذا كلّه، تظل سورية مهمةً للمملكة المتحدة بشكل كبير، سواء الآن أو في المستقبل. فيما يلي عشرة أسباب لتلك الأهمية:


1. جرائم الأسد لا يمكن تجاهلها. فقد أودت وحشية الأسد بحياة ما يقرب من نصف مليون إنسان. ولا تزال عائلات وأحباء ما لا يقل عن 120 ألف مفقود يعانون من فقدان أحبائهم الذين لا يُعرف مصيرهم بعد - وقد أضاف الأسد الآلاف إلى هذا الرقم في عام 2022. وبدعم من روسيا، استخدم الأسد أسلحة كيميائية عشرات المرات ضد أبناء شعبه. وها هم طغاة الغد في جميع أنحاء العالم يترقبون معرفة ما إذا كان الأسد سيفلت من العقاب. لا يمكن لنا أن نسمح بحدوث ذلك. ومهما استغرقت عمليات جمع الأدلة التي نساعد السوريين الشجعان والآليات الدولية على جمعها الآن، فإنها تظل مهمةً ويجب الحفاظ عليها وتنسيقها واستخدامها. والعالم سوف يشهد تحقيق العدالة للسوريين مهما طال الزمن وأينما حدث ذلك.

 


2. الدمار الذي حلَّ بسورية يُظهر ازدراء روسيا وإيران بالأعراف العالمية والكرامة الإنسانية. فقد أصبحت سورية بمثابة "بروفة" مروّعة للفظائع التي يرتكبها بوتين في أوكرانيا. حيث استخدم بوتين السوريين الذين تعذبهم المعاناة كبيادق في ألعابه التي يمارسها لتحقيق غاياته في الأمم المتحدة، واختبر أسلحته ودرّب جيشه، وسيطر على الهياكل الأمنية السورية كأداة ضغط على الجوار السوري. أما إيران فقد اشترت مساحات لتوسيع نفوذها الخبيث في لبنان والعراق وبقية الشرق الأوسط. وعليه، فإن على الذين يريدون أن تنعم سورية والشرق الأوسط بالسلام والاستقرار أن يستمروا في الضغط من أجل تدخّل الدبلوماسية الدولية لدعم العملية السياسية السورية، وبالتالي تمكين سورية المستقبل من أن تصبح جارةً آمنةً وبناءةً وعضواً في المجتمع الدولي.


3. أصدقاء المملكة المتحدة يحتاجون إلى سلام وازدهار جارتهم سورية. فقد شهد الأردن ولبنان والعراق انخفاضاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي عندهم بنسبة 11.3% منذ عام 2010. أما تركيا، التي تشترك بحدود على امتداد 900 كيلومتر مع سورية، فتحتاج إلى الأمن حول حدودها، وإلى سلام مع جارتها، وأن تكون سورية آمنة للسوريين. كذلك فإن أكبر صادرات سورية لم تعُد موادها الغذائية وتوابلها الرائعة كما عهدناها من قبل، حيث حلّت مكانها الجريمة والمخدرات والإرهاب. إن ما يمارسه الأسد من عنفٍ وابتزاز، وليس العقوبات الغربية التي اشتملت على استثناءات إنسانية، هو ما أسفر عن دمار الاقتصاد السوري وعن تضور السوريين جوعاً. وفي الوقت نفسه، يقتات الأسد وشركاؤه في الجريمة من صناعة ضخمة لإنتاج أقراص الكبتاغون وغيرها من المخدرات، وهو ما يساهم في تأجيج نشاط شبكات الجريمة في الأردن والمملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة. وهكذا، وحيث كانت التجارة مزدهرة مع سورية ذات يوم، نرى الآن أن حلَّ مكانها الفساد والابتزاز لمن لديهم استعداد للتجارة معها. إن المنطقة ككل، والسوريون أنفسهم، بحاجة إلى أن تنعم سورية باقتصاد مستقر ومنفتح، وأن تكون لديها سياسات سلمية ويسودها القانون.


4. هناك 12 مليون نازح سوري بحاجة إلى منازل في سورية. إن الكرم الذي أبدته تركيا ولبنان والأردن باستضافة 6 ملايين لاجئ يضع ضغطا كبيراً على تلك الدول، فضلاً عن خلق ظروف فظيعة عادة، وانعدام الأمن للاجئين أنفسهم. كذلك يوجد 6.7 مليون نازح داخل سورية، وقد واجه العديد منهم هزات وقلاقل عديدة في حياتهم وما زالوا يعيشون في حالة من الخوف بسبب استمرار العمليات العسكرية. أما الدعم الإنساني فلا يمكن التكهّن به نظراً لتحكّم روسيا وتدخل النظام في الترتيبات الإنسانية. ولسوف تواصل المملكة المتحدة دعم الدول المضيفة للاجئين السوريين طالما أن الظروف القاسية في سورية تعني عدم تمكنهم من العودة بأمان وبكرامة وبمحض إرادتهم.


5. يحتاج أكثر من 15 مليون سوري إلى مساعدات إنسانية، وهي زيادة مذهلة بنحو مليونين من الرجال والنساء والأطفال المحتاجين للمساعدة منذ عام 2021. ولقد تسببت الأزمة في معاناة هائلة للسكان اشتملت على انتهاكات جسيمة ومنهجية للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما يؤدي التدهور الاقتصادي السريع وتأثيرات تغير المناخ إلى تزايد الاحتياجات وتفاقم الحاجة للمساعدة. ولا تزال الاستجابة البريطانية للأزمة السورية هي أكبر استجابة لنا في أي مكان على الإطلاق. وعلى الرغم من الوضع العالمي الصعب، فإننا لن نتخلى عن مسؤوليتنا في إنقاذ الأرواح، وحماية الناس من الأذى، وبناء إمكانات السوريين وقدراتهم على الصمود والاعتماد على الذات على المدى الأطول.


6. لا تزال سورية مرتعاً خصباً للإرهابيين. لقد حقق التحالف الدولي، بفضل الشركاء المحليين، إنجازات عظيمة في حرمان داعش من الأراضي التي كان استولى عليها فعلياً في كل من سورية والعراق. لكن داعش كان مسؤولاً عن أكثر من 500 هجوم على الأراضي العراقية والسورية خلال العام الماضي، وبأساليب متزايدة التعقيد. والتهديد الذي يشكله داعش متزايد، بكل معنى الكلمة، وسيظل كذلك إلى حين إيجاد حل لـثلاثين ألفاً من عناصر داعش المحتجزين في سورية والعراق، إلى جانب 60 ألفاً في مخيم الهول وغيره من المخيمات، ومعظمهم من النساء والأطفال الذين عايشوا وحشية داعش ونفوذه. وسيبقى وجود التحالف طالما ظلت هناك حاجة له، بينما نواص العمل بجهد أكبر من أي وقت مضى لإيجاد حلول إنسانية وعدالة دائمة لنزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة داخل سورية.


7. أفغانستان هي المكان الوحيد الأكثر خطورة على المرأة من سورية، وفقًا للمؤشر العالمي للمرأة والسلام والأمن – سورية (georgetown.edu) فقد شهد العنف ضد المرأة زيادة مقلقة خلال العامين الأخيرين، ما أدى إلى تعميق العوامل التي تحرم الفتيات من التعليم وتقوض الفرص الاقتصادية والسياسية للمرأة. وقد كان لنا الفخر بالترحيب بوفد رائع من السوريين لحضور مؤتمر إنهاء العنف الجنسي في حالات النزاع الذي عُقد في لندن في العام الماضي. ويعتبر دعم النساء والفتيات في صميم سياسة وبرامج المملكة المتحدة في سورية، وقد حان الوقت لزيادة عملنا مع النشطاء بمجال حقوق المرأة، والمنظمات التي تترأسها النساء، وكذلك مع النساء المشاركات في الحياة السياسية.


8. نتطلع جميعنا إلى أن يصبح جميع أطفال سورية جيلاً مسالماً ومزدهراً. نظام التعليم السوري، الذي كان يُفتخر به في السابق، بات يعاني من أزمة حادة، إذ إن ما يقرب من 7 ملايين طفل ومراهق وموظف في مجال التعليم بحاجة إلى مساعدة تعليمية عاجلة. كما أن واحداً من كل 5 أطفال لا يحصل على أي شكل من أشكال التعلم. ويعرف السوريون أن سيكون لديهم جيل ضائع يعاني صدمة نفسية بسبب الصراع. إنهم يعلمون أن هذا الجيل بحاجة إلى تعليم جيد من أجل التنمية الاقتصادية المستقبلية، وتعظيم الفرص والكرامة للفتيات والفتيان في سورية، ودرء عوامل الانجذاب نحو الجماعات الإجرامية. وقد استثمرت المملكة المتحدة، التي تعمل عن كثب مع شركاء مثل قطر، 76 مليون جنيه إسترليني في التعليم منذ عام 2015. لكننا الآن بحاجة إلى أن يتحد السوريون والداعمون الدوليون حول حملة جديدة للتعليم لتغيير مسار الأطفال السوريين، وإحياء الأمل في نفوسهم، وفتح الآفاق لمستقبل أكثر إشراقاً.


9. الصداقة السورية-البريطانية تستحق أن تنمو وتزدهر. يعيش الآن حوالي 48,000 سوري في المملكة المتحدة، وهم يساهمون يومياً في حياتنا التعليمية والتجارية والثقافية وحياتنا في القطاع الثالث. ونحن فخورون بأكثر من 700 سوري درسوا في جامعات المملكة المتحدة برامج الماجستير الممولة من خلال برنامج تشيفننغ العالمي للمنح الدراسية. ونريد بناء صداقات من أجل المستقبل، ومشاركة الثقافات الغنية والمتنوعة في كل من بريطانيا وسورية.


10. سورية تتحدى القواعد والمؤسسات الدولية. بادر وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، إلى تذكير العالم مؤخراً بأمر "القادة الحكماء والرحماء الذين سنّوا القوانين وأسسوا المؤسسات التي حالت دون الانتكاس العالمي إلى النظام القديم، حيث كان القوي يفترس الضعيف". وقد كان الأسد، مثله مثل بوتين، مستعداً لتدمير القوانين التي تحمي كل دولة، وبالتالي كل شخص في جميع أنحاء العالم. وكما قال كليفرلي "لقد أتاح النظام الدولي للمزيد من إخواننا من بني البشر العيش في سلام وازدهار أكثر من أي وقت مضى". هذا هو "السبب الأهم بعينه الذي يجعل السياسة الخارجية البريطانية تسعى جاهدة إلى تجديد المبادئ والمؤسسات التي قام عليها هذا النظام الدولي". وهذا هو السبب أيضا في أن التمسك بهذه الأمور في سورية مهمٌ للعالم بأسره، الآن وفي المستقبل على حد سواء.


سأقابل اليوم المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن وقادة لجنة التفاوض السورية. وستلتزم المملكة المتحدة مجددا بدعمنا للمسار المتفق عليه الذي تيسّره الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي سلمي في سورية. حيث إن محاولات التعامل مع الأسد خارج هذا الطريق لن تكون عقيمةً فحسب، بل إنها تهدد بإلحاق ضرر دائم بالمبادئ التي حسّنت حياة الملايين، وحمت الناس في جميع الدول من مقولة "القوة فوق الحق". كذلك لن تفلح تلك المحاولات في حماية جيران سورية أو المجتمع الدولي الأوسع من الأضرار التي تصدّرها سورية اليوم. إن ما يحدث للسوريين مهم للغاية لهم ولنا نحن أيضا. وهذا هو السبب في أن المملكة المتحدة ستظل مصممة على المساعدة في إيجاد حل سلمي، مهما كان الأمر صعباً، وستواصل الاستثمار في النساء والرجال والأطفال السوريين، وفي المستقبل الكريم والآمن الذي يستحقونه.
----------
العربية نت


جوناثان هارغريفز
الاربعاء 25 يناير 2023