نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التانغو" فوق حطام المنطقة

22/05/2025 - عالية منصور

واقع الديمقراطية في سورية الجديدة

09/05/2025 - مضر رياض الدبس

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت


”لا أحد يمثلنا“ المشاركة السياسية خارج متناول ذوي الإعاقة في العراق





يعقد العراق انتخابات برلمانية في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021. ما لم يحدث تغيير، سيواجه مئات آلاف الأشخاص ذوي الإعاقة حواجز أمام المشاركة وقد لا يتمكن بعضهم من التصويت.

لا يزال العدد الدقيق للأشخاص ذوي الإعاقة في العراق غير معروف لأن الحكومة لم تجمع إحصاءات موثوقة. في عام 2019، قالت "لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" إن بعد عقود من العنف والحرب، أصبح في البلاد أحد أكبر أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم. لكن رغم ذلك، لم تعمل الحكومة على إزالة العقبات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة لدى محاولتهم الانخراط في الحياة السياسية، ما يحد من قدرتهم على التصويت أو تقلد المناصب


. يقع اللوم في المقام الأول على التشريعات التمييزية في العراق وعدد من الحواجز العملية. تتطلب التشريعات إصلاحات عاجلة لكي يواكب العراق المعايير الدولية. ويمكن تصحيح العديد من الحواجز العملية الآن، قبيل انتخابات أكتوبر/تشرين الأول، لتمكين جميع العراقيين من المشاركة على قدم المساواة في العملية السياسية. على العراق التزامات قانونية دولية لاتخاذ هذه الخطوات. صوّت البرلمان للانضمام إلى "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" في عام 2013، رغم عدم توقيعه بعد على البروتوكول الاختياري للاتفاقية. تطالب المادة 12 من الاتفاقية الدول بتأكيد "تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع آخرين في جميع مناحي الحياة". تدعو المادة 29 الدول إلى احترام الحقوق السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة. لكن القوانين العراقية قاصرة إلى حد بعيد فيما يتعلق بهذه النقاط. إذ يمنح القانون المدني لعام 1951 السلطات القضائية سلطة حرمان الأشخاص الذين لديهم إعاقات معينة، مثل الذهنية، والنفسية-الاجتماعية، والبصرية، والسمعية، من "أهليتهم القانونية". هذا الحرمان يمنع عنهم الحق في التصويت أو الترشح في الانتخابات. كما يستخدم القانون المدني أيضا لغة مسيئة ومهينة لوصف الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية، والذهنية، والحسية، والنفسية-الاجتماعية. تتطلب المادة 29 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من الدول التأكد من أن تكون مرافق التصويت ومواده "مناسبة وميسرة وسهلة الفهم والاستعمال". ورغم ذلك، تقدم السلطات العراقية للأشخاص الذين لديهم إعاقات بصرية، وسمعية، وذهنية معينة معلومات شحيحة أو لا تقدم أي معلومات حول التصويت، سواءً قبل الانتخابات أو خلالها. في المواد المكتوبة والمنشورة على الإنترنت، أو في مراكز الاقتراع، لا تُقدّم المواد الانتخابية بصيغ صوتية، أو لغة برايل، أو لغة الإشارة، أو صيغ سهلة القراءة. كما لا تحتوي مقاطع الفيديو المنشورة على موقع "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق" (الهيئة المنظمة لانتخابات العراق، يشار إليها في بقية التقرير بـ "المفوضية") على ترجمة أو لغة إشارة للأشخاص الذين لديهم إعاقات سمعية. قد يكون وصول الأشخاص الذين لديهم إعاقات جسدية إلى مركز الاقتراع صعبا أو مستحيلا بسبب حظر السلطات سير المركبات في يوم الانتخابات لأسباب أمنية (المعروف في العراق باسم "حظر حركة السيارات"). للحظر تأثير مباشر على الأشخاص الذين يستخدمون العكازات أو الكراسي المتحركة أو غيرها من مُعينات الحركة. تستخدم المفوضية المباني المدرسية التي لم تتضرر من المعارك كمراكز اقتراع، والتي غالبا ما تحتوي على درج أو تكون غير موائمة للأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة أو الأجهزة الأخرى المعينة على الحركة. توجد صناديق الاقتراع في بعض مراكز الاقتراع في الطابق الثاني في مبانٍ بدون مصاعد، ما يصعّب من الوصول إليها. لا يوجد لدى المفوضية في الوقت الحالي صناديق اقتراع متنقلة أو تصويت إلكتروني، وهو ما قد يحسّن بشدّة من قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على التصويت. تمنح المفوضية التصويت المبكر فقط لعناصر الجيش، والشرطة، وبعض قوات الأمن الحكومية الأخرى في مكان عملهم قبل يومين من الانتخابات البرلمانية. قالت سهى أمين خليل (44 عاما)، من محافظة الأنبار، ولديها إعاقة جسدية وتستخدم كرسيا متحركا، إنها لم تشارك قَط في أي انتخابات طوال حياتها: كل يوم انتخابي هو اليوم الأكثر كآبة بالنسبة لي. يذهب الجميع للتصويت بينما أنا عالقة في المنزل في انتظار انتهاء اليوم. أريد أن أصوّت مثل أي شخص آخر، وأختار من يمكنهم تمثيلنا لأنهم يعرفون معاناتنا. قال أشخاص ذوو إعاقة لـ هيومن رايتس ووتش إن العوائق تجبرهم على الاعتماد على المساعدة للوصول إلى مراكز الاقتراع. عندما تأتي هذه المساعدة من أعضاء في حزب سياسي ممن لديهم إذن باستخدام المركبات، يحاول هؤلاء الأعضاء أحيانا التأثير على كيفية تصويت الأشخاص ذوي الإعاقة. يضطر الأشخاص غير القادرين على الوصول إلى صناديق الاقتراع من دون مساعدة أو غير قادرين على ملء بطاقات الاقتراع الخاصة بهم بمفردهم إلى الاعتماد على أحد أفراد الأسرة أو موظفي المفوضية للإدلاء بأصواتهم، ما يثير مخاوف بشأن الخصوصية والحق في التصويت باستقلالية. لدى أحمد محسن الغزي إعاقة جسدية ويستخدم عكازات، ويدير "صوت المعوّق العراقي"، وهي مؤسسة في بغداد يقول إنها تضم 7 آلاف عضو، جميعهم من الأشخاص ذوي الإعاقة. أجرت الجمعية دراسة استقصائية بعد الانتخابات البرلمانية لعام 2018 لتقييم المشاركة، ذكر فيها فقط 200 عضو من أصل 5 آلاف أنهم تمكنوا من التصويت. أشار أولئك الذين لم يتمكنوا من التصويت إلى عدم القدرة على الوصول إلى مركز الاقتراع بسبب حظر التجول، أو دخول مركز الاقتراع على كرسي متحرك، أو الوصول إلى الطابق الثاني حيث توجد صناديق الاقتراع. تشير الأدلة المتوفرة إلى مواجهة الأشخاص ذوي الإعاقة عقبات كبيرة في الترشح للمناصب العامة. تمكنت هيومن رايتس ووتش من تحديد ثمانية فقط أشخاص من ذوي الإعاقة ترشحوا لشغل مناصب عامة منذ 2005 - ستة في الانتخابات البرلمانية واثنان في انتخابات المحافظات. يبدو أن العقبات تنبع من التشريعات التمييزية، بما فيها الأحكام التي تتطلب من المرشح أن يكون "كامل الأهلية" وعدم استعداد الأحزاب السياسية للبحث عن الأشخاص ذوي الإعاقة ودعم ترشيحهم. قالت نغم خضر الياس (47 عاما)، وهي امرأة من بغداد لديها إعاقة جسدية وتستخدم كرسيا متحركا: "أشعر بالحزن الشديد عندما أرى جميع أعضاء البرلمان ولا يوجد من يمثلنا". حتى الآن، دافعت المفوضية عن سياساتها. قالت لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في ديسمبر/كانون الأول 2020، في معرض ردها على النتائج المهمة التي توصلت إليها "لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة": "مؤسستنا هي مؤسسة تنفيذية معنية فقط بتنفيذ القانون الانتخابي الناظم لجميع تفاصيل العملية الانتخابية". لكن المفوضية هي الجهة التي تختار مراكز الاقتراع ولديها سلطة وضعها في مواقع موائمة لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير وسائل النقل. أيضا، لديها القدرة على نشر معلومات يمكن الاطلاع عليها بشكل ميسّر حول الانتخابات وبرامج الأحزاب السياسية والمشاركة في الحياة السياسية قبل يوم التصويت. كما يمكنها تقديم دعم أفضل وتسهيلات تضمن قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على المشاركة بإنصاف ومساواة في العملية السياسية. فيما يتعلق بيوم الانتخابات في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ينبغي للمفوضية تيسير إجراءات التصويت، ومرافقه، ومواده. يشمل ذلك ضمان توفر وسائل النقل إلى مراكز الاقتراع للأشخاص ذوي الإعاقة، واختيار مراكز اقتراع ميسَّرة الاستخدام، وضمان وجود صندوق اقتراع واحد على الأقل على ارتفاع قريب من الأرض لتسهيل التصويت للأشخاص قصار القامة أو على كرسي متحرك في جميع مراكز الاقتراع، وضمان حصول الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية على محتوى غير بصري. كما ينبغي للمفوضية ضمان أن تكون مواد المعلومات الانتخابية الخاصة بالمفوضية، على الإنترنت أو في مراكز التسجيل والاقتراع، ميَسَّرة وسهلة الفهم بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية، أو السمعية، أو الذهنية، أو الإدراكية. ينبغي للمفوضية أيضا ضمان توفر المساعدة في التصويت للأشخاص ذوي الإعاقة الذين قد يحتاجون إلى الدعم. يجب أن يكون للأشخاص ذوي الإعاقة الحق في اختيار الأشخاص الذين يرغبون في تلقي المساعدة منهم. ينبغي للمفوضية استشارة الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم في كل هذه الجهود وإشراكهم، تماشيا مع مبدأ "لا غنى عنّا فيما يخصنا". ينبغي للبرلمان العراقي الذي سيتم انتخابه مراجعة التشريعات المحلية ذات الصلة وإجراء التعديلات التي تكفل الامتثال الكامل لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ينبغي له تعديل القانون المدني بشأن الأهلية القانونية بحيث يُحترم حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأهلية القانونية والحصول على دعم في اتخاذ القرار، إذا لزم الأمر، بدلا من حرمانهم من القدرة على ممارسة حقوقهم. ويشمل ذلك قوانين الانتخابات في العراق الاتحادي وإقليم كردستان. ينبغي للبرلمان أيضا تعديل جميع القوانين واللوائح بحيث تعكس مصطلحات متصلة بالإعاقة يفضلها مجتمع الإعاقة. يجب إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم، واستشارتهم في جميع هذه العمليات. للمانحين الدوليين للعراق دور يلعبونه عبر دعم إدخال خيارات التصويت البديلة لتعزيز مواءمة التصويت مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك صناديق الاقتراع المتنقلة، والتصويت المبكر، والتصويت الإلكتروني - مع كون خيار التصويت بالبريد غير محتمل نظرا لضعف النظام البريدي في العراق. كما يمكنهم دمج نهج شامل للإعاقة في اتفاقيات المانحين الحالية والمستقبلية حول البرامج والسياسات المتعلقة بالمشاركة السياسية. كما ينبغي للحكومة العراقية والمانحين الدوليين زيادة الوعي بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في المشاركة في الحياة السياسية، بما يشمل توفير التدريب للأشخاص ذوي الإعاقة، ومسؤولي الانتخابات، والأحزاب السياسية، والسلطات العامة، ووسائل الإعلام حول كيفية إعمال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المشاركة السياسية. يجب إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم، واستشارتهم في تصميم وتنفيذ جهود زيادة الوعي. يجب أن تشمل هيئات مراقبة الانتخابات التابعة للأمم المتحدة و"بعثات المساعدة الأوروبية" التي ستراقب الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أشخاصا من ذوي الإعاقة كمراقبين. يمكنهم تشجيع التغيير من خلال التوثيق والإبلاغ عن المعاملة التمييزية والقيود التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة أثناء الانتخابات.

هيومن رايتس ووتش
الثلاثاء 21 سبتمبر 2021