نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

واقع الديمقراطية في سورية الجديدة

09/05/2025 - مضر رياض الدبس

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت


سورية: تساؤلات بعد رفع العقوبات الأميركية






عمّت سورية الفرحة، ولم تزل، بعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من العاصمة السعودية الرياض، رفع العقوبات حتى من دون التأكد حتى الآن، هل هو رفع أو إلغاء، مؤقت ومشروط أم دائم، لأن ما ذاقه السوريون، جراء العقوبات والحصار، خاصة خلال سني الثورة، أبعد أي استفسارات وشكوك عن سرقة فرحتهم وبدء التعويل والآمال على ما بعد العقوبات.


 البلد يعاني، منذ عام 1979 العقوبات الأميركية، وقت أدرجت سورية ضمن أول قائمة استحدثتها واشنطن ضمن ما أسمتها "الدول الراعية للإرهاب" وما تلاها من عقوبات، منذ قانون محاسبة سورية حتى قانون قيصر والكبتاغون خلال الأعوام الأخيرة، ما أنهك سورية وأتعب أهليها، بعد دخولهم قوائم الأقل دخلاً والأكثر بطالة ، وتحولت بناهم الاقتصادية، ما بين متهالك ومنتج بالحد الأدنى، إلى ما يمكن وصفه بأنه خارج التطور الذي لم تبدله محاولات الأسدين، الوارث والوريث، التوجه شرقاً أو إخراج أوروبا وأميركا عن الخريطة، كما قال وزير خارجية الأسد، وليد المعلم.

عادت الآمال من جديد بالتوجه غرباً وبناء تحالفات مع "خصوم الأمس"، رغم المخاوف من تقلبات "التاجر ترامب" والمبالغة بالثمن الذي قد يصل رهن ثرواتهم ومقدراتهم، أو حتى تجرعهم كأس سم التطبيع مع العدو الإسرائيلي، من دون ضمانات تحفظ حدودهم وتعيد حقوقهم، بواقع ما يقال عن شروط الاستقواء التي تتسرب تباعاً بالتوازي مع أشكال رفع العقوبات وزمنه.

قصارى القول: ربما اليوم، وبعد برودة خبر رفع العقوبات الأميركية الاقتصادية وما رافقه من انفعالات عاطفية، لا بد من طرح الأسئلة والتفكّر في كيفية الاستفادة من الطور الجديد الذي ستدخله سورية، لعلّ بالتساؤل تحوّطاً أكثر منه مد اليد لسرقة أفراح السوريين المستحقة.

وأول الأسئلة، هل إلغاء للعقوبات أو تعليقها لأجل، ريثما تنفذ سورية الشروط الخمسة التي تكررت وعلى لسان غير مسؤول، أميركي وأوروبي، وهل سيكونان على كامل العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة، أم على مراحل وسلال، بواقع ما يقال عن ضرورة موافقة الكونغرس على إلغاء بعض العقوبات والتي لا يشملها قرار الرئيس ترامب؟

هل ستقتدي الدول الأوروبية بقرار ترامب، فتلغي العقوبات، بعد رفعها المؤقت، في فبراير/شباط الماضي عن قطاعات الطاقة والنقل والخدمات المصرفية، لتنعتق سورية من قيود العقوبات وتبدأ مسيرة تحولها وربما تغيير بنى وهياكل اقتصادها وحتى تسليحها، بما يتوافق مع العلاقات الجديدة مع الغرب؟

كيف سينعكس إلغاء العقوبات واستبعاد المنظومة المصرفية السورية، عن نظام التحويل المالي العالمي "سويفت" على تحويل أموال المغتربين إلى ذويهم بالداخل، من دون ابتزاز ونسب شركات الحوالات؟ وهل سيكون الباب مشرعاً لتهافت الاستثمارات والأموال، وتزول ذرائع الدول التي منّت السوريين بالمساعدات العاجلة، لولا "سويفت" والعقوبات؟

هل يمكن لسورية والسوريين أن يتمادوا بأحلامهم، بعد رفع العقوبات، ويعولوا على استرداد الأموال المنهوبة، بعد ضمان رفع العقوبات عودة الأموال الحكومية المجمدة، لنرى عودة الاحتياطي الأجنبي في مصرف سورية المركزي، على الأقل لما كان عليه قبل الثورة عام 2011 بنحو 18 مليار دولار، ليتمكن من التدخل بالسوق ويحمي الليرة السورية من التذبذب والتراجع؟

وهل يتابع السوريون بتمادي أحلامهم، فيعولوا على منتدى، عربي أو دولي، يلي رفع العقوبات، لتتوجه الأنظار والأموال إلى سورية، فيعاد الدم إلى القطاعات المهدمة والدوران لعجلة الاقتصاد المنهك بعد تراجع كامل الناتج المحلي الإجمالي لنحو 16 مليار دولار؟

ولعل الأهم، كيف سينعكس رفع العقوبات على المواطن السوري، بعد أن دفع ثمن العقوبات وعانى الأمرين، بمعنى الكلمة وليس تشبيهاً، خاصة خلال حلمه الثوري بالحرية والعيش الآدمي خلال العقد الماضي، لينصرف إلى متع الحياة وامتلاك مستجدات التكنولوجيا ومفرزات الحضارة وتطوير ذاته وإمكاناته، ولا يبقى أسير نفقات العيش وتأمين شروطها ولو بالحد الأدنى؟

والانعكاس لا يكون هشاً ووهمياً كالذي شهدته الأسواق، أمس واليوم، جراء التحسن الوهمي لسعر الصرف الذي جاء لأسباب نفسية سياسية من دون أي مقومات وعوامل اقتصادية تضمن ثبات السعر الجديد، بل بالاستناد إلى اقتصاد حقيقي، منتج ومصدر، يضمن أعمالاً منافسة ودخولاً مناسبة، ويمنح سعر الصرف استقراراً والليرة عزاً، حتى لو لم يتم حذف أصفار منها.

نهاية القول: شكر وعرفان لكل من ساهم برفع العقوبات الأميركية عن سورية، من السعودية وقطر مروراً بتركيا، مع ارتسام ملامح الأمل التي تبدت على جميع السوريين، جراء توقع التحول الجذري في الاقتصاد وفتح الأسواق أمام البضائع والسلع الأساسية، منذ تصريح ترامب خلال منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، برفع جميع العقوبات المفروضة على سورية، لأن شعبها "تحمل ما يكفي من الكوارث والحروب والقتل"

بعد ذاك، ربما لا بد من متابعة الأسئلة حول كيفية استثمار حكومة الرئيس أحمد الشرع رفع العقوبات، والتي يعقد عليها السوريون، آمالاً وانتعاشاً ليبلغوا، بعد التهديم والفقر والتراجع على كل المستويات والقطاعات، مصاف دول الجوار على الأقل.

هل سنجد مواكبة، قانونية وتنظيمية وأمنية، لما يوازي الآمال الداخلية وشروط رؤوس الأموال، البشرية والمادية الخارجية، لتعلن سورية مبدأ "هيا للعمل" وترفع، بالتوازي مع رفع العقوبات، جميع السقوف والمعوقات التي أوجدتها حكومة الأسدين خلال بنائها بنية الاقتصاد المغلق وشكل النظام الاستبدادي؟

وهل ستنجح الحكومة السورية الجديدة في خلق المغريات، على الأقل للمهاجرين السوريين، ليعودوا ويساهموا بنهضة بلدهم، بعد أن أدمنوا الحرية والأجور المرتفعة ومنتجات الحضارة بأوطانهم الجديدة، إن لم نتماد ونقُل، خلق فرص حتى للرساميل الدولية لتأتي وتساهم ببناء سورية؟

إذاً، كيف ستستثمر الحكومة السورية نتائج رفع العقوبات الأميركية؟ هو السؤال اليوم، بعد رمي الكرة في ملعبها وسحب ذريعة العقوبات وقيود الحصار، سواء ببناء اقتصاد متطور من دون أن ترتهن للخارج أو تتبع لنموذج وهيكل محدد، أو، وهو الأهم ربما، كيف ستسخر البحبوحة بعد العقوبات في رأب التصدعات الداخلية وتقوية سورية من الداخل، لتبتعد عن التشظي والتوتر، والتي إن ضعفت أو تفتّتت، فلن تفيدها الأموال أو رفع العقوبات التي قد يعاد فرضها من جديد؟
-----------
العربي الجديد

 

عدنان عبد الرزاق
الجمعة 16 ماي 2025