نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


هل يكبح فوز أردوغان التطبيع السياسي مع الأسد؟





ما إن لاحت ملامح الحسم في انتخابات الرئاسة التركية مساء 29 أيار/مايو، وقبل أن تصفو الأجواء من الصخب الإعلامي الموازي لاحتفالات حزب العدالة والتنمية وحلفائه، حتى بدأت تتوارد العديد من الأسئلة عن ماهية السياسة التركية حيال القضايا الساخنة، وفي طليعتها القضية السورية.


 
ولعل ما زاد بوتيرة تدافع الأسئلة تصريح الناطق باسم رئاسة الجمهورية في تركيا إبراهيم قالن صبيحة 29 أيار، مؤكداً استبعاده لأي لقاء في المدى المنظور بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أن هكذا لقاء ينبغي أن يكون مسبوقاً بلقاءات على المستوى الوزاري واستخبارات الطرفين. والواضح من تصريح السيد قالن هو خفوت نبرة الحماس والترويج لتسارع عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، وذلك خلافاً لما كان عليه الأمر قبل أن تُحسم الانتخابات التركية، إذ سبق لوزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو أن صرّح قبل يوم واحد، بأن أنقرة باشرت بالإجراءات العملية لإعادة اللاجئين وذلك بالتشارك والتشاور مع نظام دمشق، الأمر الذي يثير أكثر من تساؤل في المشهد السوري: هل بات موقف تركيا من التطبيع مع الأسد قبل نتائج الانتخابات يختلف عما بعدها؟ وهل كانت سخونة الاستعجال التركي بالحديث عن إعادة العلاقة مع نظام دمشق مسألة ذات صلة بالحملة الانتخابية فحسب، أم أن قرار أنقرة حيال التطبيع مع الأسد كان قراراً إستراتيجياً ولا يمكن ان يعوقه أو يؤثر في سيرورته أي حدث عارض؟ 
ويتخذ الصراع الدولي من الجغرافية السورية ساحة صراع لم تعد أهدافها محصورة داخل سوريا أو بما يخصها فحسب، بل يصح القول إن حل القضية السورية بات رهينة توافقات حول مسائل دولية أخرى. ومن هنا يمكن القول إن التقارب التركي مع نظام الأسد لم يكن مرهوناً بمصلحة تركية-سورية بقدر ما كان متشابكاً مع العلاقات التركية-الروسية بالدرجة الأولى، ذلك أن ما يجمع بين موسكو وأنقرة من مصالح، وخصوصاً في الجانب الاقتصادي، يكاد يفوق في أهميته المسألة السورية بالنسبة إلى تركيا على الأقل.
وغني عن القول أن أنقرة لم يكن يغيب عنها وعورة المسعى التطبيعي مع نظام الأسد لأسباب عديدة، ليس أقلها الدعم والتنسيق الذي قدمته تركيا لفصائل وقوى سياسية مناوئة للأسد طيلة 12 سنة، فضلاً عن التواجد التركي في العديد من مدن وبلدات الشمال السوري، ولكن مع ذلك فقد أبدت الحكومة التركية حماساً تجاه التقارب مع الأسد حرصاً على استمرار علاقاتها مع روسيا التي أبدت بدورها استعداداً كبيراً لدفع نظام الأسد إلة التقارب مع تركيا، وعلى الرغم من حصول سلسلة من اللقاءات بين الطرفين التركي والسوري، سواءً على المستوى العسكري أو الأمني أو الوزاري، فإن ثمة عقبات يمكن تسميتها بالمفصلية ما زالت تحول دون تقارب حقيقي بين الطرفين، إذ لا يمكن إغفال الدور الإيراني الذي يحرص أن يكون حاضراً بقوة في أي تفاهمات دولية أو إقليمية تطال مصير الأسد، ولعل هذا بات شديد الوضوح من خلال التشدّد الذي تبديه حكومة النظام حيال أي تقارب مع تركيا، إذ لا يزال الشرط الأساسي الذي يتمسك به نظام الأسد قائماً، ونعني مطالبته بانسحاب تركيا من كافة مدن وبلدات الشمال السوري قبل البدء بأي تقارب حقيقي بين الطرفين، فيما تجد تركيا أن خروجها من الأراضي السورية مشروط بخروج أو زوال قوات سوريا الديقراطية من شمال شرق سوريا، وحيال هذين المطلبين التعجيزيين من كلا الطرفين يبدو الجانب الأميركي هو من يمسك بمفصل هذا الخلاف، باعتباره الجهة الوحيدة القادرة على إخراج قسد أو تذويبها، وهكذا يجد الأتراك والروس أنفسهم مدفوعين من جديد إلى ضرورة التفاهم مع الجانب واشنطن التي لا تبدو مستعجلة لتقديم أي مبادرة، ليس بخصوص قسد فحسب بل تجاه القضية السورية برمتها.
الواضح أن قطار التطبيع مع نظام الأسد لن يتوقف، أقله على صعيد المسار الأمني والعسكري الذي تحدد طبيعته وسرعته عدة عوامل من أهمها هاجس التهديدات الإرهابية، وعودة اللاجئين ومناطق النفوذ التركي في شمال سوريا، وهذه الأمور تحتاج إلى تعاون وتنسيق أمنى وعسكري بين البلدين.
أما التطبيع السياسي فلا شك أن الحسابات، بعد الفوز المريح لحزب العدالة والتنمية وتحالفه، على صعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، سوف تختلف ويتحرر صانع القرار التركي من الضغوط سواء الداخلية أو الخارجية، ولم يعد مضطراً بشكل كبير وليس في عجلة من أمره للمضي قدماً فيه. وربما يصبح هذا المسار مرتبطاً بطبيعة التوجهات التركية في المرحلة القادمة، هل ستكون  مع المحور الشرقي؟ وبهذه الحالة سوف يستمر التطبيع تلبية لاحتياجات تحالفها مع روسيا والصين وإيران، أم أن للعلاقة مع الولايات المتحدة والغرب حسابات ومصالح أخرى لا يمكن إغفالها؟ 
من غير المستبعد أن يستمر الخطاب التركي حول التقارب مع الأسد قائماً، باعتباره ذا صلة وثيقة بموضوع اللاجئين الذي يدفع الحكومة التركية إلى تحديث أجوبتها باستمرار حيال الشارع التركي، وكذلك حرصاً على استمرار تماسك علاقاتها مع روسيا، ولكن هل سيكون لهذا الخطاب الذي يهدف إلى استمرار التوازن في العلاقات مع الأطراف الإقليمية قادراً على تحقيق نتائج عملية على الأرض؟ هذا ما هو مستبعد على المدى القريب.
------
المدن

العقيد عبد الجبار العكيدي
الاربعاء 7 يونيو 2023