نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

واقع الديمقراطية في سورية الجديدة

09/05/2025 - مضر رياض الدبس

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت


السعودية والصين.. من القطيعة الدبلوماسية إلى الشراكة الاستراتيجية








أمام الفتور في العلاقات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تزدهر العلاقات الصينية السعودية مع قليل من الضجيج، رغم أن التبادل الدبلوماسي بين الطرفين لم يتم رسميا إلا قبل نحو ثلاثة عقود فقط.


وتجري الرياض وبكين مباحثات من أجل تسعير بعض الصادرات السعودية النفطية إلى الصين باليوان، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، ويمثل ذلك خطوة ثورية في الاقتصاد العالمي إن تم تنفيذها، ومن شأن ذلك زعزعة مكانة الدولار كعملة رئيسية في تسعير البترول، ما قد يثير اعتراض واشنطن.
ووفق ذات الصحيفة، فإن السعودية وجهت دعوة للرئيس الصيني شي جين بينغ، لزيارتها، لتعزيز العلاقات بين البلدين، ومن شأن ذلك زيادة حدة الفتور بين واشنطن والرياض.

** من القطيعة إلى التعاون العسكري

رغم أن الصين تعتبر حاليا الشريك التجاري الأول للسعودية، إلا أن العلاقات الدبلوماسية كانت مقطوعة بين البلدين لفترة طويلة.
فبعد قيام الصين الشعبية في 1949، لم تعترف بها السعودية إلا في 1975، حيث انحازت الرياض في تلك الفترة للموقف الأمريكي الداعم للصين الوطنية (تايوان).
إلا أن اعتراف السعودية بالصين الشعبية، لم يكلل سريعا بتبادل السفراء إلا بعد 15 عاما، بسبب استمرار الرياض في الاعتراف بتايوان.
وخلال هذه الفترة كانت العلاقات فاترة بين البلدين، إلى غاية 1980، عندما حدثت أزمة بين الرياض وواشنطن، التي رفضت بيع خزانات وقود بعيدة لطائرات "إف 15 إيغل" للسعودية، ما دفع الأخيرة للبحث عن بدائل، وكانت الصين إحدى هذه الخيارات.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1985، انعقد أول اجتماع رسمي بين الصين والسعودية في عمان، وبعد بثلاثة أعوام اتفق البلدان على تزويد الرياض ما بين 50 إلى 60 صاروخا من نوع "دونغ فنغ 3" الصينية متوسطة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية.
وأدى اكتشاف الولايات المتحدة لوجود قاعدة صواريخ صينية الصنع في السعودية عام 1988، إلى أزمة بين البلدين.
لكن الرياض رفضت الرضوخ للضغوط الأمريكية، بل واصلت علاقاتها غير الرسمية مع بكين، واعتبر عام 1988 بداية الانطلاق الفعلي للتعاون التجاري بين الصين والسعودية.
لكن العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الصين والسعودية لم تُفعل إلا في 1990، بعد أن قطعت الرياض علاقاتها بتايوان، التي استمرت لأكثر من أربعة عقود.
وشكلت زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، إلى الصين في 2017، نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين باعتبارها أول زيارة رسمية لعاهل سعودي إلى بكين، وجاءت عقب زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للرياض في 2016.
وعلى هامش زيارة الملك سلمان لبكين، وقّع الطرفان اتفاقيات بأكثر من 65 مليار دولار، بينها إنشاء مصنع صيني للطائرات من دون طيار بالسعودية، بعد رفض الولايات المتحدة تزويد الرياض بهذه التكنولوجيا، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وفي نفس العام، وافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على مساعدة السعودية على بناء برنامجها النووي السلمي، حتى لا تلجأ إلى دولة أخرى، لكن المفاوضات انهارت بعد أن رفضت السعودية أن "تكون طرفاً في أي اتفاق من شأنه أن يحرمها من إمكانية أن تتولى بنفسها تخصيب اليورانيوم"، وفق وكالة رويترز البريطانية.
وكانت الصين البديل الجاهز للتعامل مع التصلب الأمريكي، حيث شرعت السعودية عام 2020، في تشييد منشأة نووية سلمية بمساعدة الصين، بحسب "وول ستريت جورنال".
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، كشفت صور أقمار اصطناعية وتقييمات استخبارية أمريكية أن السعودية "بنت منشآت لتصنيع الصواريخ الباليستية بمساعدة الصين"، بحسب شبكة "سي أن أن"، الأمريكية.
ونقلت الشبكة عن متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوله إن الصين والسعودية "شريكان استراتيجيان شاملان"، و"يحافظان على تعاون ودي"، في جميع المجالات "بما في ذلك التجارة العسكرية".

** مبادلات تضاعفت 22 مرة في عقدين

وقفز التبادل التجاري بين السعودية والصين من 3 مليارات دولار في عام 2000، إلى 67 مليار دولار في 2020، أي أنه تضاعف أكثر من 22 مرة خلال عقدين.
حيث تعد الصين الشريك التجاري الأول للسعودية تليها الولايات المتحدة.
بينما تمثل السعودية أكبر شريك للصين في غرب آسيا وشمال إفريقيا.
وتمكنت السعودية خلال هذه السنوات القليلة من أن تصبح المُصدّر الأول للنفط إلى الصين، متفوقة على روسيا، الجارة الشمالية والشريك الاستراتيجي لبكين.
إذ صدّرت السعودية ما معدله 1.8 مليون برميل يوميا في نوفمبر/تشرين الأول 2021، متراجعة عن معدل 2.06 مليون برميل يوميا في نوفمبر 2020، ومع ذلك حافظت على تقدمها على روسيا التي بلغت صادراتها إلى الصين 1.67 مليون برميل يوميا بشكل مستقر.
وهذه الكميات الهامة من الصادرات النفطية السعودية للصين، جعل الميزان التجاري لصالح الرياض بـ11 مليار دولار، حيث صدرت للصين 39 مليار دولار، واستوردت منها 28 مليار دولار في 2020، بحسب بيانات موقع "ITC Trade".
وحجم التبادل التجاري بين السعودية والصين أكبر بكثير من نظيره مع الولايات المتحدة، التي تعتبر شريك استراتيجي للرياض.
إذ بلغ التبادل التجاري بين السعودية والولايات المتحدة 37 مليار دولار، منها 24 مليار دولار صادرات المملكة إلى الولايات المتحدة مقابل واردات بقيمة 13 مليار دولار، في 2018، بحسب المصدر السابق ذكره.
وهذه الأرقام تعكس كيف تمكنت الصين من تعزيز علاقاتها مع السعودية خلال الثلاثين عاما الأخيرة من بوابة التعاون التجاري والعسكري، متجاوزة بذلك الولايات المتحدة، التي استغلت بكين طريقة تعاملها مع الرياض لملء المساحات الشاغرة التي تركتها واشنطن في أكبر دولة خليجية.
 

وكالات - سي ان ان - الاناضول
الجمعة 18 مارس 2022