تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


انتحار الصقر





بعد قيام "الأمن العام" في لبنان بتسليم 5 سجناء سوريين معارضين إلى نظام الأسد، وصلني خبرٌ يفيد بأنَّ بقية السجناء السوريين المهدَّدين بالتسليم قاموا بتعليق مشانقهم احتجاجاً، وأنَّ اثنَيْن منهم قاما بشنق نفسَيْهما فعلاً.

***


حكايات كثيرة طالما سمعتها في طفولتي عن بعض الطيور الجارحة، منها اثنتان أثَّرتا بي كطفلٍ، وقتذاك، وألهبتا عاطفتي:
 
الأُولى أنَّ الصقر إذا وضعته في قفصٍ يقوم بقتل نفسه. بل يقال إنَّ الصقر ما أن يتمَّ اصطياده حتى تتسارع ضربات قلبه ويحاول الانتحار. ولذلك دأب الصيَّادون على طمر جسد الصقر - فور أسره - في التراب، مع إبقاء رأسه خارجاً، ورشّ الماء حوله حتى يعتاد واقعه الجديد.
 
والثانية أنَّ النسر حين يصل إلى آخر العمر يقوم بالتحليق إلى أعلى ما يستطيعه، ثمَّ يطوي جناحَيْه تاركاً جسده ليهويَ من عليائه، في سقوطٍ حرٍّ، نحو حتفه المحتوم.
 
بالطبع، ما يجمع بين الحكايتَيْن ليس الانتحار فحسب، وإنما "الكرامة" إذا جاز لنا إطلاق هذه الصفة الإنسانية على طائرَيْن. فالصقر ينتحر حين تُسلَب منه حرّيته، والنسر ينتحر حين تُسلَب منه قوَّته.
 
إنَّ الكرامة، بهذا المعنى، تكاد أن تكون شأناً غريزياً لدى بعض الحيوانات، فكيف لا تكون كذلك لدى بعض البشر!
 
***
 
السجناء السوريون الذين علَّقوا مشانقهم بأنفسهم، عادوا إلى غريزتهم واستهدوا بوحيها، كما تفعل الصقور والنسور. ما تبقَّى لهم من كرامةٍ إنسانيةٍ لن يغامروا به في مكان معادٍ للكرامة الإنسانية.
 
لقد سجنهم حلفاءُ الأسد في لبنان لأسباب سياسية بحتة، وها هم يبدأون بتسليمهم إلى سجونٍ ربما لن يتسنَّى لهم فيها ظهور "قيصر" آخر يقوم بتسريب صور تعذيبهم.
 
ولأنه سبق لي أن عشتُ حالةً مماثلةً لهذه الحالة، قبل سنوات من الثورة، حيث سُجنتُ لدى "الأمن العام" في لبنان بنيَّة تسليمي إلى نظام الأسد، أفهم ما يشعر به الذي فضَّلَ الانتحار على الوقوع في يد جلَّاد سادي ومريض.
 
أفهم كيف يكون الموتُ خياراً منطقياً ومُقنعاً في محطَّةٍ حاسمةٍ من حياة الإنسان.
 
أفهم كيف ينبت للسجين – في لحظةٍ معيَّنةٍ - جناحا صقر يطيرٍ بهما إلى حبل المشنقة.
----------
رمان الوصل
 

ماهر شرف الدين
الثلاثاء 15 أكتوبر 2019