.
وخلال وجوده في واشنطن، أعرب العاهل الأردني عن خشيته من الفراغ الأمني الذي يمكن أن يخلّفه انسحاب القوات الروسية من سوريا، وتحديداً من الجنوب، محذّراً من أن هذا الفراغ ستملؤه الميليشيات المرتبطة بإيران والتي تهدّد أمن الأردن. ومنذ تلك اللحظة كثّفت عمّان من تصريحاتها حول عصابات تهريب المخدرات والأسلحة من سوريا عبر الشريط الحدودي، محمّلة إيران بشكل مباشر أو غير مباشر المسؤولية عن ذلك، ومطالبة بالتحرك العاجل لمعالجة هذا الواقع، بينما لم يُخفِ البعض أن الأردن قد يطالب بمنطقة عازلة على حدوده الشمالية أسوة بما تسعى إليه تركيا في شمال سوريا. لكن مصادر أورينت التي لم تؤكد أو تنفِ هذا التوجّه لدى عمّان، شدّدت على أن ما حمله الملك عبد الله إلى واشنطن كان على درجة كبيرة من الأهمية، ويمكن اختصاره بأنه يمثّل انقلاباً كاملاً على أجندته السابقة التي كان يسوِّق لها بخصوص نظام أسد خلال العامين الماضيين. وتقول المصادر إن عاهل الأردن أبلغ الإدارة الأمريكية أنه بات على قناعة بأن هذا النظام لا يمكن التعويل على إصلاحه أو تغيير سلوكه من خلال الإغراءات أو الانفتاح التدريجي عليه كما كان يأمل قبل عام على الأقل، وخاصة فيما يتعلق بإبعاده عن إيران.
وحسب المصادر فإن الأردن أطلع الولايات المتحدة على تفاصيل تتعلق بإستراتيجية إيرانية ينفّذها حزب الله وميليشيات جيش النظام تستهدف المملكة الهاشمية بما يمكن تسميته غزو المخدرات والأسلحة التي لا تستهدف الأردن فقط، بل ودول الخليج بشكل كامل. المصادر أوضحت أن الملك عبد الله جاء إلى واشنطن هذه المرة بمزاج وأفكار مختلفة عن زيارته السابقة التي حمل معها خطة اللاورقة، التي مهدت لغض طرف أمريكي عن التطبيع الجزئي مع نظام أسد على مبدأ الخطوة مقابل خطوة، لكنه في هذه الزيارة أكد للإدارة الأمريكية أن لا جدوى من هذا النظام لأنه لم يعد يملك من أمره شيئاً وأن القرار في سوريا بات إيرانياً بشكل كامل، وأن الوجود الإيراني في الجنوب أكبر بكثير مما يبدو، وبات يهدد بشكل فعلي المملكة الهاشمية، مطالباً بمقاربة مختلفة. وحول ما إذا كان الأردن قد طرح أفكاراً بخصوص هذه المقاربة، أشارت المصادر إلى أن الملك عبدالله لم يخف في تصريحاته عقب اللقاء مع بايدن الرغبة في تعزيز الوجود الروسي على الحدود مع سوريا، الأمر الذي يؤشر غالباً إلى عدم تفاعل الإدارة الأمريكية مع فكرة إقامة منطقة عازلة جنوب البلاد.
وقال في حديث مع "أورينت نت": فكرة المنطقة الآمنة في الجنوب هي فكرة قديمة، لكن النموذج الذي قدمته فصائل الجنوب سابقاً لا يشجع عمان ولا واشنطن على إقامتها، لذلك أعتقد أن الملك عبدالله طلب من إدارة بايدن مبدئياً تقديم مساعدات تقنية واستخباراتية من أجل احتواء خطر الميليشيات الطائفية والمشروع الإيراني الذي يبدو واضحاً أنه بدأ يركز على اختراق الأردن وعلى مختلف الصعد، بما في ذلك نشر التشيع، بالإضافة طبعاً إلى المخدرات والسلاح، واستخدام المملكة، إلى جانب كل ما سبق كمرر جديد نحو دول الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية. بربندي، وهو معارض سوري مقيم في الولايات المتحدة، نوه إلى أن الأردن عندما قدم ورقة اللاورقة للإدارة الأمريكية في أول عهد بايدن حول نظام أسد العام الماضي، كان دافعه الرئيسي في ذلك اقتصادياً، حيث تواجه المملكة أزمة اقتصادية كما هو معروف، وعمان كانت تأمل أن يؤدي تخفيف العقوبات عن النظام واتخاذ بعض الخطوات التطبيعية معه إلى تغيير سلوك النظام وتقديمه تنازلات سياسية وانسانية، وبنفس الوقت الاستفادة من أي انتعاش اقتصادي جراء ذلك، وهذه خطة لم تكن أردنية فقط بل أمريكية أيضاً وبتأييد من عدد من الدول العربية، لكن بمرور الوقت ومع رفض النظام تقديم أي تنازلات تأكد الجميع بالفعل أن الأسد يكذب، وزاد من الوضع سوء أن ميليشيات تهريب المخدرات إلى الأردن تضاعفت قوتها وأصبحت أكثر تنظيماً واحترافية بعد أن حظيت بتدريب وتمويل على أعلى المستويات داخل النظامين في سوريا وإيران.
أمر أكده الدكتور بسام العموش، وهو وزير سابق في الحكومة الأردنية، مشيراً إلى أن بلاده تتجنب تدويل قضية الجنوب السوري ودخول إسرائيل بشكل مباشر في هذا الملف، لكن يبدو أن على الجيش الأردني أن يتصدى بنفسه للمخاطر التي تتعرض لها البلاد.
وقال في تصريحات ل"أورينت نت": كما هو واضح فقد تزايدت حملات التهريب والاشتباكات الحدودية وأصبحت مستمرة وبشكل يومي، حيث يواجه الجيش الأردني أفواجاً من عصابات تهريب المخدرات والأسلحة، ومن الواضح أن لدى هذه الميليشيات استراتيجية لفتح ثغرة شمال شرق الحدود الأردنية السورية.
وأضاف: ما يريده الأردن أن تضبط سوريا حدودها، لكنها تبدو غير قادرة على ذلك، ومن هذا المنطلق أجرت القيادة الأردنية مباحثات سابقة مع روسيا كي تبقى المنطقة الحدودية تحت قبضة قواتها طالما أن القوات الرسمية السورية غير قادرة على ضبط هذه الجماعات. وحول الخيارات التي يمكن لعمان أن تلجأ إليها مع استمرار الوضع الراهن قال العموش: قد يكون تحديد منطقة آمنة أحد الحلول لأن الأردن لا يريد التصعيد على حدوده واختلاط الأوراق بما يمهد ربما لتدخل إسرائيلي على الخط وبهذا يتم تدويل القضية الحدودية، وإلى أن يتم إيجاد حل فعال فإن الجيش الأردني سيستمر بالضرب بيد من حديد ضد عصابات التهريب عبر حدوده، وبخاصة أنه تهريب لأغراض سياسية تقف خلفها إيران.
يقر الاردن اليوم إذن بأن انفتاحه على النظام سابقاً كان قراراً خاطئاً ولم يأت باي نتيجة إيجابية، بل أدى إلى مضاعفة الأخطار والمشكلات التي باتت تمس أمنه القومي بشكل مباشر وحساس، الأمر الذي يدفع عمان إلى إعادة النظر بسياستها تجاه نظام أسد بشكل عام، وإلى البحث عن حلول عاجلة وناجعة لمواجهة خطر المشروع الإيراني الذي بات يهدد المملكة كما لم يحدث من قبل. وسواء كان ذلك من خلال إقامة منطقة آمنة واسعة تشمل جنوب سوريا، أو منطقة عازلة مقتصرة على الشريط الحدود، أو من خلال السماح لروسيا بتعزيز قواتها ووجودها على هذه الحدود بشكل مراقب وعن كثب، أو بأي طريقة أخرى، فإن المهم من وجهة نظر القيادة الأردنية أن يتم التحرك لاحتواء هذا الخطر.
انقلاب أردني على الأسد
لكن مصادر سوريّة مطّلعة في الولايات المتحدة كشفت لـ"أورينت نت" عن أن التهديدات الأمنية التي يتعرّض لها الأردن، ومصدرها النظام الإيراني بشكل مباشر هذه المرة، كانت الملف الرئيسي الذي بحثه الملك عبد الله مع الإدارة الأمريكية، مشيرة إلى أن عمّان باتت مقتنعة الآن وبناء على معطيات مادية ملموسة أن نظام ميليشيا أسد لا يمكن إصلاحه، وأنه بات رهينة بشكل كامل بيد طهران.وخلال وجوده في واشنطن، أعرب العاهل الأردني عن خشيته من الفراغ الأمني الذي يمكن أن يخلّفه انسحاب القوات الروسية من سوريا، وتحديداً من الجنوب، محذّراً من أن هذا الفراغ ستملؤه الميليشيات المرتبطة بإيران والتي تهدّد أمن الأردن.
خطّة إيرانية لضرب الأردن
وتضيف: نقل الملك عبد الله معلومات استخباراتية وتفاصيل أمنية تؤكد بشكل حاسم أن نظام دمشق مستمر بالتلاعب بالجميع والكذب على العالم عندما يُظهر بعض التغيّر، أما عملياً فإنه بات أداة بيد نظام الملالي في إيران، وجزءاً من مشروع طهران في زعزعة أمن المنطقة، وخاصة من خلال عصابات تهريب المخدرات والسلاح.وحسب المصادر فإن الأردن أطلع الولايات المتحدة على تفاصيل تتعلق بإستراتيجية إيرانية ينفّذها حزب الله وميليشيات جيش النظام تستهدف المملكة الهاشمية بما يمكن تسميته غزو المخدرات والأسلحة التي لا تستهدف الأردن فقط، بل ودول الخليج بشكل كامل.
المنطقة الآمنة فكرة قديمة
لكن الديبلوماسي السوري المعارض بسام بربندي استبعد فكرة المنطقة العازلة، مؤكداً أن مطالب الأردن تركزت على طلب المساعدة الأمريكية من أجل ضبط الحدود مع سوريا.وقال في حديث مع "أورينت نت": فكرة المنطقة الآمنة في الجنوب هي فكرة قديمة، لكن النموذج الذي قدمته فصائل الجنوب سابقاً لا يشجع عمان ولا واشنطن على إقامتها، لذلك أعتقد أن الملك عبدالله طلب من إدارة بايدن مبدئياً تقديم مساعدات تقنية واستخباراتية من أجل احتواء خطر الميليشيات الطائفية والمشروع الإيراني الذي يبدو واضحاً أنه بدأ يركز على اختراق الأردن وعلى مختلف الصعد، بما في ذلك نشر التشيع، بالإضافة طبعاً إلى المخدرات والسلاح، واستخدام المملكة، إلى جانب كل ما سبق كمرر جديد نحو دول الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية.
الخيار الروسي
وسبق للأردن أن أجرى مباحثات مع الجانب الروسي حول الوضع الأمني على حدوده مع سوريا، مطالباً موسكو بتحمل مسؤولياتها في هذه المنطقة، بناء على التفاهمات التي تعهدت من خلالها موسكو بإبعاد إيران عن الحدود مسافة خمسين كيلو متراً على الأقل.أمر أكده الدكتور بسام العموش، وهو وزير سابق في الحكومة الأردنية، مشيراً إلى أن بلاده تتجنب تدويل قضية الجنوب السوري ودخول إسرائيل بشكل مباشر في هذا الملف، لكن يبدو أن على الجيش الأردني أن يتصدى بنفسه للمخاطر التي تتعرض لها البلاد.
وقال في تصريحات ل"أورينت نت": كما هو واضح فقد تزايدت حملات التهريب والاشتباكات الحدودية وأصبحت مستمرة وبشكل يومي، حيث يواجه الجيش الأردني أفواجاً من عصابات تهريب المخدرات والأسلحة، ومن الواضح أن لدى هذه الميليشيات استراتيجية لفتح ثغرة شمال شرق الحدود الأردنية السورية.
وأضاف: ما يريده الأردن أن تضبط سوريا حدودها، لكنها تبدو غير قادرة على ذلك، ومن هذا المنطلق أجرت القيادة الأردنية مباحثات سابقة مع روسيا كي تبقى المنطقة الحدودية تحت قبضة قواتها طالما أن القوات الرسمية السورية غير قادرة على ضبط هذه الجماعات. وحول الخيارات التي يمكن لعمان أن تلجأ إليها مع استمرار الوضع الراهن قال العموش: قد يكون تحديد منطقة آمنة أحد الحلول لأن الأردن لا يريد التصعيد على حدوده واختلاط الأوراق بما يمهد ربما لتدخل إسرائيلي على الخط وبهذا يتم تدويل القضية الحدودية، وإلى أن يتم إيجاد حل فعال فإن الجيش الأردني سيستمر بالضرب بيد من حديد ضد عصابات التهريب عبر حدوده، وبخاصة أنه تهريب لأغراض سياسية تقف خلفها إيران.
يقر الاردن اليوم إذن بأن انفتاحه على النظام سابقاً كان قراراً خاطئاً ولم يأت باي نتيجة إيجابية، بل أدى إلى مضاعفة الأخطار والمشكلات التي باتت تمس أمنه القومي بشكل مباشر وحساس، الأمر الذي يدفع عمان إلى إعادة النظر بسياستها تجاه نظام أسد بشكل عام، وإلى البحث عن حلول عاجلة وناجعة لمواجهة خطر المشروع الإيراني الذي بات يهدد المملكة كما لم يحدث من قبل. وسواء كان ذلك من خلال إقامة منطقة آمنة واسعة تشمل جنوب سوريا، أو منطقة عازلة مقتصرة على الشريط الحدود، أو من خلال السماح لروسيا بتعزيز قواتها ووجودها على هذه الحدود بشكل مراقب وعن كثب، أو بأي طريقة أخرى، فإن المهم من وجهة نظر القيادة الأردنية أن يتم التحرك لاحتواء هذا الخطر.