الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرّح بأن “الهجمات الإسرائيلية تخلّ بتوازن المنطقة منذ سقوط النظام السوري”. وكان بشار الأسد قد فرّ إلى روسيا بعد سقوط نظامه الاستبدادي في أوائل ديسمبر، حيث مُنح لاحقًا حق اللجوء هناك.
هذه المواجهة الجوية الأخيرة قد تشعل حربًا أوسع، وتهدد محاولات الرئيس السوري الحالي، أحمد الشرع — القائد السابق لفصيل مسلح — لإعادة الاستقرار وتقريب بلاده من الولايات المتحدة.
هناك قوى معطِّلة تتربص بالسيطرة على دمشق.
فأردوغان، الذي ساهم في إسقاط الأسد، يسعى الآن إلى جر سوريا إلى فلكه. أما الصين، التي دعمت نظام الأسد الوحشي حتى سقوطه، فتحاول اليوم التأثير على الحكومة السورية الجديدة سعيًا للهيمنة عليها لاحقًا.
الشرع يقاوم محاولات بكين.
يقول جوناثان باس، الذي أجرى محادثات مطولة مع الشرع في دمشق حول حرية الدين وقضايا أخرى:
“سوريا اليوم يقودها مصلح حقيقي.”
ويضيف الدكتور شرفان إبش من منظمة “بهار” الإنسانية الناشطة في سوريا:
“إنها لحظة حرجة في مسار انتقال سوريا.”
لكن قبل أن يحقق الشرع أي تقدم، عليه إنهاء الصراع في أجواء بلاده.
ولا يوجد سوى شخص واحد قادر على الفصل بين إسرائيل، الحليف الاستراتيجي القديم لأميركا، وتركيا، الحليف الصعب داخل الناتو — ذلك الشخص هو الرئيس دونالد ترامب.
لماذا يجب أن يتدخل ترامب؟
هناك سببان رئيسيان:
1. فرصة اقتصادية تاريخية:
الشرع يريد فتح بلاده أمام التجارة والاستثمار.
بعد عقود من الحروب وسوء الإدارة، تحتاج سوريا إلى كل شيء: البناء، السلع، والخدمات.
وهذه فرصة ذهبية للشركات الأميركية التي طالما كانت محرومة من دخول هذه المنطقة.
2. مواجهة النفوذ الصيني:
يقول معاذ مصطفى من المنظمة السورية للطوارئ:
“سوريا معروضة على من يسبق إليها.
الصين تواصل الضغط لسد الفراغ، وكلما تأخر الأميركيون زادت فرص احتلال الصين اقتصاديًا لسوريا.”
ويضيف الدكتور إبش من منظمة “بهار”:
“لا نريد أن تكون الصين الخيار الوحيد أمام سوريا لإعادة الإعمار.”
ويشير الدكتور هيثم البيزم من منظمة “العدالة العالمية” الأميركية إلى أن الرئيس الشرع لم يقبل العروض الصينية رغم الإلحاح، لكنه قد يضطر إلى القبول بها إذا لم يجد بديلاً.
ويؤكد باس، المدير التنفيذي لشركة “أرجنت LNG”، أن بكين ضغطت بقوة على المسؤولين السوريين لقبول تمويلها، لكن السوريين أبدوا تخوفًا من العواقب البعيدة المدى للوجود الصيني.
وأخبر الشرع باس صراحةً:
“أريد أن أبني مجتمعًا تعدديًا، أمة أقرب إلى أميركا لا إلى الصين.”
فرصة تاريخية أمام ترامب
العقوبات الأميركية المفروضة منذ عهد الأسد تمنع حاليًا الاستثمار الأميركي، لكن بإمكان ترامب رفعها.
ومن المقرر أن يزور ترامب السعودية الأسبوع المقبل، تحديدًا يوم 13 مايو.
وتسعى دمشق إلى ترتيب لقاء بين ترامب والشرع في الرياض لبحث دخول الشركات الأميركية إلى سوريا.
يقول الشرع لباس:
“أريد أن أبرم صفقة مع دونالد ترامب؛ إنه الرجل الوحيد الذي أثق به.”
ويضيف:
“هو الوحيد القادر على إصلاح هذه المنطقة، حجرًا فوق حجر.”
ويختم باس بالقول:
“هذه لحظة تستطيع فيها الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ عقود إقامة علاقات تجارية واستثمارية حيوية مع سوريا، والمساهمة بالتالي في إحلال السلام في الشرق الأوسط بأسره.”
المخاطر من الصين
ومع ذلك، إذا استولت الصين على سوريا — التي تحد إسرائيل عبر مرتفعات الجولان — فلن يتحقق السلام.
فبكين دعمت إيران بشكل كامل في هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر، عبر الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والدعائي والعسكري.
وإذا بسطت الصين نفوذها على دمشق، ستكرر هذا النمط وتزعزع استقرار المنطقة.
يقول باس:
“إذا ترسخت الصين في سوريا، فستترسخ معها إيران.
المخاطر على أميركا جسيمة؛ لأن إسرائيل ستصبح مهددة عبر وكيل صيني-إيراني مباشر على حدودها.”
ويذكر المقال أن ترامب كان قد غرد سابقًا في ديسمبر 2018 قائلاً:
“هل تريد أميركا أن تكون شرطي الشرق الأوسط دون أن تجني شيئًا سوى إنفاق الأرواح والتريليونات؟”
الإجابة بالطبع: لا.
لكن كما أوضح الشرع لباس، فإن سوريا اليوم لا تطلب التدخل العسكري الأميركي، بل تطلب السلع، والاستثمار، والخدمات الأميركية.
إنها فرصة تاريخية لا ينبغي أن تضيع.