نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

واقع الديمقراطية في سورية الجديدة

09/05/2025 - مضر رياض الدبس

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت


فرق الأطفال الموسيقية في فنزويلا وسيلة لمكافحة الفقر والعنف والعزلة الاجتماعية





كاراكاس - نيستور روخاس - تثير صورة طفل يتدلى كمان من كتفه ويسير على قدميه قادما من إحدى المناطق العشوائية بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس الكثير من العواطف ،وهذه الصورة هي جزء من برنامج حكومي ينفذ في فنزويلا ينقل الموسيقى الكلاسيك إلى الأحياء الفقيرة بالبلاد كوسيلة لمكافحة الفقر والعنف والعزلة الاجتماعية


سيمون راتل مايسترو أوركسترا برلين السيمفوني
سيمون راتل مايسترو أوركسترا برلين السيمفوني
وهذا البرنامج الذي يطلق عليه إسم نظام الفرق الموسيقية والجوقات للشباب والصغار والذي تم البدء في تنفيذه عام 1975 بمبادرة من الموسيقار والخبير الاقتصادي خوسيه أنطونيو أبريو تم تكراره في كثير من دول العالم وفاز بالعديد من الجوائز الدولية، واقترح مؤخرا سيمون راتل مايسترو أوركسترا برلين السيمفوني منح أبريو جائزة نوبل للسلام.

ويقول أبريو / 71 عاما / الذي يعمل مستشارا حول أسلوب تشكيل مجموعات موسيقية على غرار طريقة فنزويلا في دول بعيدة جدا مثل استراليا إن هذا النظام يهدف إلى هزيمة الفقر عن طريق الغنى الروحي.

ونمت البذرة التي زرعها أبريو وانتشرت في أنحاء أمريكا الجنوبية وفي المكسيك وبنما، كما انتشرت في الولايات المتحدة في مدن مثل بوسطن ولوس أنجلوس ونيويورك، وكذلك في منطقة الكاريبي وفي عدد من الدول الأوروبية من بينها هولندا وإيطاليا واسكتلندا وأسبانيا والسويد.

وفي فنزويلا تلك الدولة التي تعاني من أعمال العنف تبنت الحكومة مبادرة أبريو وحولتها إلى برنامج اجتماعي طموح قدم المساعدة إلى 350 ألف طفل وشاب على الأقل حيث علمهم عزف الموسيقى الكلاسيك عن طريق نظام تم تطويره على مدى ثلاثة عقود.

وثمة 232 مركزا على الأقل لتعليم الموسيقى ويوجد بكل منها ثلاثة فرق موسيقية على الأقل، وتم تخريج ثلاثة أجيال من الموسيقيين من مدارس الموسيقى هذه، ومن بين الخريجين الموسيقار الموهوب جوستافو دوداميل وهو المايسترو الحالي لأوركسترا لوس أنجلوس السيمفوني.

ويدير مكتب نائب الرئيس الفنزويلي المؤسسة التي تقوم بالتنسيق بين أنشطة نظام تعليم الموسيقى، وتمتلك المؤسسة مقرا خاصا بها في العاصمة كاراكاس وتضم قاعات للتدريب والبروفات وإقامة الحفلات الموسيقية، وهناك خطة لبناء موقع آخر يضم مجمعا دوليا للموسيقيين واعتمدت هيئة تطوير سكان الإنديز مبلغ 140 مليون دولار لهذا المجمع.

ووصل فيلم وثائقي بعنوان " اللعب والكفاح " من إخراج ألبرتو أرفيلو إلى جوهر المشروع، فهو يحكي قصة ستة أطفال ويصور حياتهم اليومية وحبهم للفن، وكيف تغيرت حياتهم عندما اتجهوا إلى عزف الموسيقى الكلاسيك، وقال إدواردو مينديز المدير التنفيذي لنظام الفرق الموسيقية والجوقات للشباب والصغار لوكالة الأنباء الألمانية ( د.ب.أ ) : " إننا لسنا مصنعا لإنتاج الموسيقيين ولكننا نعمل على تشكيل المواطنين "، مؤكدا أن المايسترو أبريو يستحق جائزة نوبل على إنجازاته.

وتخرج مينديز كموسيقار من وحدة لتدريس النظام بمدينة ميريدا بمنطقة جبال الإنديز، ويقول إن المنظمة التي يديرها تلقت عدة طلبات لإنشاء مدارس مماثلة في دول أخرى على الرغم من أنها لا تمتلك استراتيجية للتسويق يمكنها التحدث عنها.

ويوضح أنه يتم تطبيق البرنامج بشكل مختلف في الدول الواقعة خارج أمريكا اللاتينية، مشيرا إلى أن منظمته أعربت عن إعجابها بالطريقة التي يتم بها تعديل البرنامج لكي يتلائم مع ظروف المجتمعات الأخرى، ويقول إنه في حالة فنزويلا فإن الهدف يتمثل في إعداد مواطنين أفضل ومحاولة إبعاد الأطفال عن الشوارع والمخدرات والعنف، غير أن الأمور تختلف في الدول الأخرى.

وأشار مينديز على سبيل المثال إلى حالة اسكتلندا حيث يبدأ الأطفال في منطقة ريفية تنتج الويسكي في تناول الخمور في مرحلة عمرية مبكرة لأنهم يتعرضون لها، وعندما يصلون إلى سن 35 أو 40 عاما يكونوا قد سقطوا ضحية إدمان الكحوليات.

ويضيف أن المشروع في اسكتلندا ظهر كنظام لتكوين الفرق الموسيقية لشغل أوقات فراغ الأطفال وتحفيزهم على أداء هواية تبعدهم عن هذه المشكلة.

وعلى الرغم من أن متوسط عمر الطفل الذي سيبدأ في الالتحاق بنظام المدارس الموسيقية يدور حول الخامسة إلا أن بعض مراكز التدريس تقبل الأطفال من سن عامين، ويكون أول اتصال لهم بالموسيقى في مركز الرعاية اليومية ويبدأ المعلمون في تغذيتهم بحب الموسيقى مع التركيز على الموسيقى كنشاط جماعي، ثم يتم إدخال الصغار في فرق موسيقية وتشجيعهم على العزف، ويقول مينديز إنه يتم تشجيع الأطفال منذ اليوم الأول على العزف على الآلات الموسيقية التي بحوزتهم.

ويتم التركيز على تحقيق الامتياز في التنفيذ والعزف الجماعي والتضامن والتدريب اليومي خلال ستة أيام كل أسبوع مع الإشراف المتواصل، ويضيف مينديز إن هذا المنهاج الذي يتضمن التدريس الجماعي والمباشر للموسيقى هو مسألة مبتكرة.

ويوضح مينديز أنه منذ 35 عاما عندما دشن أبريو في البداية مشروعه كان الناس يرون أنه ومشروعه لا يتصفان بالتعقل والمنطق، بينما رأى الكثير من مدارس الموسيقى البارزة في فنزويلا إن هذا المشروع لا معنى له.

ويضيف مينديز أن أكثر مدارس الموسيقى في العالم أهمية تبدي اليوم إعجابها بهذا المنهاج لأنها رأت النتائج الإيجابية له، وأنا لا أقول إن منهاجنا هو الأفضل ولكني أقول إنه مختلف ويعمل.

وفي الصيف الماضي تلقت فرقة تيريزا كارينو الموسيقية للأطفال والشباب الفنزويلية عروضا لإقامة حفلات في ألمانيا وهولندا وأسبانيا وإنجلترا، ويقول مينديز إن هذه الفرقة التي يبلغ متوسط أعمار أعضائها 17 عاما حصلت على تقديرات " خمس نجوم " بعد تقديم حفلاتها في إنجلترا.

وفي ألمانيا عزفت هذه الفرقة السيمفونية الخامسة لبيتهوفن في مهرجان بيتهوفن الذي تم تنظيمه في مدينة بون الألمانية مسقط رأس هذا الموسيقار الكبير بمشاركة من سيمون راتل الذي شارك الفرقة بالعزف على آلات النقر مما أثار موجة من الإعجاب الحماسي بين الجمهور بالقاعة.

ويوضح مينديز أن نظام الأوركسترا لم يتخلى عن الأطفال الذين ينتمون إلى الطبقتين الوسطى والعليا، وتوجد بعض مراكز تعليم الموسيقى في الأحياء الغنية ولكن يتم التركيز على التجمعات السكانية المهمشة التي تعاني من الفقر والعنف وأضرار المخدرات.

ويضيف قائلا : " إننا نعتقد أنه ينبغي علينا أن ننقل الفرص والإمكانات إلى الأطفال المحرومين منها، ومع عملنا سيبدأ الأطفال في تغيير الطريقة التي يرون الأشياء بها ليس فقط فيما يتعلق بالموسيقى ولكن فيما يتعلق بالبشر والنواحي الإنسانية.

وتم الإشادة بأنطونيو أبريو لما قدمه من عمل وحصل على العديد من الجوائز اشهرها جائزة جرامي الفخرية عام 2009 وجائزة ولي عهد أسبانيا للفنون عام 2008 وجائزة سيول للسلام العام الحالي.

ويعد سيمون راتل معجبا حقيقيا بأبريو، وسافر راتل إلى كاراكاس في منتصف العام الحالي لقيادة أوركسترا الأطفال هناك، وهو يصر على أنه يجب منح أبريو جائزة نوبل للسلام.

ويقول راتل إنها جائزة للسلام بالطبع وسيقول الناس إن أبريو لم يقم بإنهاء حرب، ولكنني زرت الأحياء العشوائية الفقيرة في فنزويلا ورأيت أنها منطقة حرب.

وأضاف راتل في مقابلة مع صحيفة الأوبزرفر البريطانية في تشرين أول/ أكتوبر الماضي إن ما فعله أبريو ونظام تدريس الموسيقى في فنزويلا أدى إلى جلب الأمل من خلال الموسيقى إلى مئات الآلاف من البشر الذين لولا ذلك البرنامج لكانوا قد تعرضوا للسقوط ضحية للمخدرات والعنف

نيستور روخاس
الاربعاء 8 ديسمبر 2010