وتندرج الأغنية في سياق ترويج لمظلومية مزعومة ومطالبة مبطنة مع تأييده والاصطفاف مع مريدي التدخل ابدولي والانفصال عن الدولة السورية، ولم تقتصر الانتقادات على مضمون الأغنية الجديدة وكان تعرّض "شقير" لهجوم حاد بعد ظهوره في صورة مع قائد "قسد" مظلوم عبدي.
إضافة إلى صورة أخرى جمعته بعدد من قيادات الميليشيات ذاتها، كما شارك في احتفالات "عيد نوروز" بمدينة اىقامشلي بريف الحسكة بدعوة من "قسد"، وهو ما اعتُبر من قبل منتقديه انسجاماً مع الخطاب الانفصالي الذي تحمله بعض مكونات تلك القوى.
ويُعرف سميح شقير بأنه أحد الأصوات الغنائية البارزة التي رافقت انطلاقة الثورة السورية، من خلال أعماله التي لامست وجدان السوريين، مثل "يا حيف"، "قوم يا سوري"، "حرية"، و"المطر"، والتي شكّلت رمزاً لصوت الشعب المقهور وطموحه في التغيير.
إلا أن تحوّله الأخير أعاد الجدل حول دور الفن في السياق السياسي، وحدود الانحياز بين الموقف الأخلاقي والتعبير الحر، وسط تساؤلات إن كان ما صدر عنه مجرّد اجتهاد فردي أم تموضع جديد في معادلة معقدة.
بالنسبة لجمهور الثورة السورية، لم يكن سميح شقير مجرد فنان، بل كان صوتاً وجدانياً عبّر عن آلامهم وأحلامهم، وجسّد من خلال أغنيته الأشهر "يا حيف" صدمة البدايات وسخط الشارع على الظلم. لذلك، فإن تحوّله الأخير لم يكن مجرد خلاف فني، بل خيانة رمزية بالنسبة لكثيرين، طالت "الذاكرة الصوتية" للثورة ذاتها.
إصراره على تضمين مصطلحات مثيرة للفتنة في أغنيته، وظهوره إلى جانب شخصيات محسوبة على أطراف متهمة بالتحريض والانفصال، حمل دلالات أبعد من موقف شخصي. فالبعض رأى فيه اصطفافاً واضحاً ضمن محور يسعى لتفتيت المشهد السوري لصالح مشاريع ما دون الدولة، تحت شعار الأقليات والمظلومية والتدخل الخارجي.
ردّة الفعل الشعبية جاءت غاضبة، لا سيما من أولئك الذين حفظوا أغانيه ورددوها في المظاهرات والساحات، اعتبر البعض أن شقير تنازل عن مبادئه مقابل أجندات ضيقة، بينما حاول آخرون تبرير مواقفه كـ"تعبير عن رأي فني" وإن كان صادماً.
في النهاية، يظهر أن الانزلاق إلى مربعات الطائفية أو الاصطفاف السياسي الحاد يهدد رصيد أي فنان، مهما بلغ تأثيره سابقاً. فسميح شقير الذي مثّل ضمير الثورة، يبدو اليوم في موقع الدفاع أمام جمهور لم يغفر له انكسار البوصلة وانحرافها.