"كانت ابنتي صغيرتين جدا، ولهذا لم يخطفوهما، لكن الكثير من صديقاتهما لم يحالفهن الحظ. ذات ليلة اقتحم أحد الجيران منزلنا وقال لي: الآن قد حان وقتنا. أبناء هذا الشخص كانوا يلعبون مع أبنائي، ولكنه استولى على منزلي. لن أثق في العرب مرة أخرى ما حييت"، أضاف بنبرة صارمة غاضبة، بينما أبرز بطاقة هوية جاره، قائلا "هذا الشخص اقام في منزلي لعامين، بينما اضطررت للهرب أنا وعائلتي".
اضطر ماجد للفرار إلى بخديدا، أو بغديدا، بمحافظة نينوى، مسقط رأسه في 14 آب/ أغسطس، عندما استولت جحافل داعش على المدينة. "كنا من قبل نعيش في سلام: مسيحيون، ومسلمون، ويزيديون. أما الآن فمحكوم علينا بالنفي، معربا عن أسفه لاضطرار أشقائه للهجرة إلى كندا، قائلا "لا مستقبل للمسيحيين في العراق. أنا أيضا سأرحل في نهاية المطاف".
كان المسيحيون العراقيين ومعهم اليزيديون بصفة خاصة الفئات الأكثر تعرضا للاضطهاد من قبل داعش، اغتالوا منهم أعدادا كبيرة، قطعوا رؤوسهم وصلبوهم وعرضوهم للعقاب العلني، واسترقوهم، بالإضافة للاغتصاب، كانت هذه هي الخيارات المتاحة أمام المسيحيين الذين قرروا البقاء في مدنهم التي سيطر عليها التنظيم، رافضين اعتناق الاسلام. لم يسمح داعش بديانة غير الإسلام في دولة الخلافة التي أسسها أبو بكر البغدادي.
عام 2003، عندما غزت الولايات المتحدة وحلفاؤها العراق، كان تعداد المسيحيين يناهز مليوني نسمة، بعد أكثر من عقد، ومع وقوع أهوال تعرض لها الشعب العراقي بعد الغزو وصولا لسيطرة داعش على مناطق واسعة من العراق، تراجع تعدادهم إلى نصف مليون فقط في جميع أنحاء البلاد، بحسب تقديرات الزعيم الروحي للجالية المسيحية في بغديدا.
"ما هو المصير الذي ينتظر المسيحيين في العراق؟ محكوم عليهم بالنفي فقط. دمرت المدن، قامت عناصر داعش بتفخيخ أطلال المنازل بالمتفجرات، لم تعد هناك خدمات أساسية، لا يوجد شيء على الإطلاق. الخيار الوحيد المتاح لأبناء الجالية المسيحية هو مواصلة العيش في مخيمات، أو الفرار ..."،حسبما يقول القس العراقي جلال جاكو المقيم حاليا في إربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، مع الالاف من الرعايا المسيحيين.
"يقول يسوع من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الآخر، ويقول أيضا: أحبوا أعداءكم، ولكنه لم يختبر ميليشيات داعش. هؤلاء لا سبيل للحوار معهم أو التفاهم. أنا لا أبغضهم. ولكنهم الشيطان، ومعهم لا يوجد سوى مبدأ واحد: العين بالعين ..."، يضيف جاكو.
ويقدر بالآلاف عدد المسيحيين الذين لجأوا للفرار الجماعي من العراق إلى أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة وكندا، مفضلين منفاهم الاختياري على البقاء في وطنهم. "دعم كنائس أخرى كان حاسما للبقاء صامدين طوال هذه السنوات، ليس لأنهم منحونا حق اللجوء، ولكن لأنهم أرسلوا إلينا مواد الغذاء والملابس والأغطية"، يوضح الأب باسم الوكيل راعي كنيسة بعشيقة.
تحولت الآن، مدينة بغديدا، التي كانت في الماضي حاضرة المسيحيين في العراق، إلى مدينة أشباح، دمرت مبانيها جراء المعارك، ونهبت منازلها على يد عناصر داعش، وشوارعها باتت مهجورة، إلا من شعارات داعش المنقوشة على جدران الكنائس، لم يعد هناك أثر للخمسين ألف نفس التي كانت تعيش في المدينة الواقعة على مسافة 15 كيلومترا من مدينة الموصل، كما لو أنهم تبخروا بالفعل.
"هرب كل من كان يحيا في هذه المدينة، وسيطول بهم الترحال لسنوات قبل أن يرجعوا إلى منازلهم مرة أخرى، لأن الدمار طال كل شيء، يؤكد لـوكالة الأنباء الألمانية(د. ب. أ)، مازن نيسان، عنصر من المليشيات المسيحية التي تحرس شوارع المدينة. "ولدت في بغديدا، وأفخر بمشاركتي في طرد عناصر داعش من مدينتي. لكن الآن نحتاج لدعم المجتمع الدولي لكي لا يتكرر ذلك مرة أخرى"، يوضح العنصر المسلح.
يسيطر على القلة المدنية التي تمكنت من العودة لمنازلها هنا شعور بالهجران والتخلي، بعد عامين لكي يستعيدوا النذر القليل المتبقي من متعلقاتهم التي لم يطلها الخراب. "أين كانت الأمم المتحدة والدول المسيحية منذ عامين؟ لقد سمحوا بارتكاب مذابح في العراق. لا مستقبل لنا هنا طالما أنه لا ضمان لأمننا"، يتحسر الشاب المسيحي إيفان ميخو، الذي فتح كشكا لبيع المواد الغذائية بجوار معسكر الميليشيات المسيحية.
"فتحت هذا المكان، بعد أيام قلائل من تحرير المدينة. هذه أرضي. أنا مسيحي عراقي واريد البقاء هنا. ولكن احتاج للشعور بالأمان"، يضيف ميخو.
كما يخيم الحزن الشامل على قرى البرطلة، تل كف والكرمليس، وغيرها من القرى المسيحية المحررة مؤخرا مثلها في ذلك مثل بغديدا و بعشيقة، بعد أن حولتها ميليشيات أبو بكر البغدادي لكومة تراب، كما نهبت كنائسها وتم تدمير أيقوناتها، فضلا عن تدنيس مقدساتها.
"سلبونا كل شيء. ولكن لا زال لدينا أمل ألا يدير لنا العالم ظهره مرة أخرى، نأمل أن يكون قد وعي الدرس. هذا لا يمكن أن يتكرر مرة أخرى"، يؤكد شيفا مارزجنج، وهو جندي مسيحي، يقاتل مع قوات الجيش العراقي، حيث يضيف على سبيل التحذير "بعد فقدان شقيقي، قررت حمل السلاح، ولن أتخلى عنه مطلقا، لأني أدرك أنه في غضون بضعة أعوام، سيتكرر الأمر مرة ثانية".
يسيطر على المسيحيين القلائل الذين لا يزالوا يقاومون الشعور ذاته: الخوف من المستقبل. ولكنهم مع ذلك يصرون على البقاء في وطنهم العراق يقاومون ترقبا مجيئ هذا المستقبل.
اضطر ماجد للفرار إلى بخديدا، أو بغديدا، بمحافظة نينوى، مسقط رأسه في 14 آب/ أغسطس، عندما استولت جحافل داعش على المدينة. "كنا من قبل نعيش في سلام: مسيحيون، ومسلمون، ويزيديون. أما الآن فمحكوم علينا بالنفي، معربا عن أسفه لاضطرار أشقائه للهجرة إلى كندا، قائلا "لا مستقبل للمسيحيين في العراق. أنا أيضا سأرحل في نهاية المطاف".
كان المسيحيون العراقيين ومعهم اليزيديون بصفة خاصة الفئات الأكثر تعرضا للاضطهاد من قبل داعش، اغتالوا منهم أعدادا كبيرة، قطعوا رؤوسهم وصلبوهم وعرضوهم للعقاب العلني، واسترقوهم، بالإضافة للاغتصاب، كانت هذه هي الخيارات المتاحة أمام المسيحيين الذين قرروا البقاء في مدنهم التي سيطر عليها التنظيم، رافضين اعتناق الاسلام. لم يسمح داعش بديانة غير الإسلام في دولة الخلافة التي أسسها أبو بكر البغدادي.
عام 2003، عندما غزت الولايات المتحدة وحلفاؤها العراق، كان تعداد المسيحيين يناهز مليوني نسمة، بعد أكثر من عقد، ومع وقوع أهوال تعرض لها الشعب العراقي بعد الغزو وصولا لسيطرة داعش على مناطق واسعة من العراق، تراجع تعدادهم إلى نصف مليون فقط في جميع أنحاء البلاد، بحسب تقديرات الزعيم الروحي للجالية المسيحية في بغديدا.
"ما هو المصير الذي ينتظر المسيحيين في العراق؟ محكوم عليهم بالنفي فقط. دمرت المدن، قامت عناصر داعش بتفخيخ أطلال المنازل بالمتفجرات، لم تعد هناك خدمات أساسية، لا يوجد شيء على الإطلاق. الخيار الوحيد المتاح لأبناء الجالية المسيحية هو مواصلة العيش في مخيمات، أو الفرار ..."،حسبما يقول القس العراقي جلال جاكو المقيم حاليا في إربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، مع الالاف من الرعايا المسيحيين.
"يقول يسوع من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الآخر، ويقول أيضا: أحبوا أعداءكم، ولكنه لم يختبر ميليشيات داعش. هؤلاء لا سبيل للحوار معهم أو التفاهم. أنا لا أبغضهم. ولكنهم الشيطان، ومعهم لا يوجد سوى مبدأ واحد: العين بالعين ..."، يضيف جاكو.
ويقدر بالآلاف عدد المسيحيين الذين لجأوا للفرار الجماعي من العراق إلى أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة وكندا، مفضلين منفاهم الاختياري على البقاء في وطنهم. "دعم كنائس أخرى كان حاسما للبقاء صامدين طوال هذه السنوات، ليس لأنهم منحونا حق اللجوء، ولكن لأنهم أرسلوا إلينا مواد الغذاء والملابس والأغطية"، يوضح الأب باسم الوكيل راعي كنيسة بعشيقة.
تحولت الآن، مدينة بغديدا، التي كانت في الماضي حاضرة المسيحيين في العراق، إلى مدينة أشباح، دمرت مبانيها جراء المعارك، ونهبت منازلها على يد عناصر داعش، وشوارعها باتت مهجورة، إلا من شعارات داعش المنقوشة على جدران الكنائس، لم يعد هناك أثر للخمسين ألف نفس التي كانت تعيش في المدينة الواقعة على مسافة 15 كيلومترا من مدينة الموصل، كما لو أنهم تبخروا بالفعل.
"هرب كل من كان يحيا في هذه المدينة، وسيطول بهم الترحال لسنوات قبل أن يرجعوا إلى منازلهم مرة أخرى، لأن الدمار طال كل شيء، يؤكد لـوكالة الأنباء الألمانية(د. ب. أ)، مازن نيسان، عنصر من المليشيات المسيحية التي تحرس شوارع المدينة. "ولدت في بغديدا، وأفخر بمشاركتي في طرد عناصر داعش من مدينتي. لكن الآن نحتاج لدعم المجتمع الدولي لكي لا يتكرر ذلك مرة أخرى"، يوضح العنصر المسلح.
يسيطر على القلة المدنية التي تمكنت من العودة لمنازلها هنا شعور بالهجران والتخلي، بعد عامين لكي يستعيدوا النذر القليل المتبقي من متعلقاتهم التي لم يطلها الخراب. "أين كانت الأمم المتحدة والدول المسيحية منذ عامين؟ لقد سمحوا بارتكاب مذابح في العراق. لا مستقبل لنا هنا طالما أنه لا ضمان لأمننا"، يتحسر الشاب المسيحي إيفان ميخو، الذي فتح كشكا لبيع المواد الغذائية بجوار معسكر الميليشيات المسيحية.
"فتحت هذا المكان، بعد أيام قلائل من تحرير المدينة. هذه أرضي. أنا مسيحي عراقي واريد البقاء هنا. ولكن احتاج للشعور بالأمان"، يضيف ميخو.
كما يخيم الحزن الشامل على قرى البرطلة، تل كف والكرمليس، وغيرها من القرى المسيحية المحررة مؤخرا مثلها في ذلك مثل بغديدا و بعشيقة، بعد أن حولتها ميليشيات أبو بكر البغدادي لكومة تراب، كما نهبت كنائسها وتم تدمير أيقوناتها، فضلا عن تدنيس مقدساتها.
"سلبونا كل شيء. ولكن لا زال لدينا أمل ألا يدير لنا العالم ظهره مرة أخرى، نأمل أن يكون قد وعي الدرس. هذا لا يمكن أن يتكرر مرة أخرى"، يؤكد شيفا مارزجنج، وهو جندي مسيحي، يقاتل مع قوات الجيش العراقي، حيث يضيف على سبيل التحذير "بعد فقدان شقيقي، قررت حمل السلاح، ولن أتخلى عنه مطلقا، لأني أدرك أنه في غضون بضعة أعوام، سيتكرر الأمر مرة ثانية".
يسيطر على المسيحيين القلائل الذين لا يزالوا يقاومون الشعور ذاته: الخوف من المستقبل. ولكنهم مع ذلك يصرون على البقاء في وطنهم العراق يقاومون ترقبا مجيئ هذا المستقبل.