نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


أموال رفعت الأسد







الخبر الذي قرأناه أخيراً عن شروع فرنسا بمحاكمة رفعت الأسد بتهمٍ عديدةٍ أبرزها "بناء إمبراطورية عقارية كبيرة في البلاد باستخدام أموال من خزائن الدولة السورية"، يستحقُّ النقاش.


 
 
بلغ رفعت الأسد من العمر الحادية والثمانين، منها خمسٌ وثلاثون سنةً أمضاها في أوروبا، متنقّلاً كالطاووس بين دولها، مستثمراً مئات ملايين الدولارات في أسواقها العقارية، دون أن يقول له أحدٌ ما قاله المثل الشعبي السوري بطريقةٍ ساخرةٍ: "ما أحلى الكحل في عينك".
 
ونكاد نجزم بأنَّ أحداً في فرنسا لم يكن ليحاكم رفعت الأسد لولا اندلاع ثورة الكرامة التي كسرت زمناً كاملاً من التعامي عن المجزرة، الجارية بصمتٍ، في سوريا.
 
خمسٌ وثلاثون عاماً من العيش والبذخ في أوروبا لأشهر مجرمي الإبادة الجماعية في النصف الثاني من القرن العشرين في سوريا، لم تحرّك قلماً جاداً، في القضاء أو في الصحافة، وعلى السواء، لملاحقة هذا الشخص أو حتى التضييق عليه وعلى مشاريعه التجارية.
 
القائمون على أعظم دساتير الدول، التي جعلت من مبادئ حقوق الإنسان أعظمَ الأناجيل، كانوا سيحاكمون رفعت الأسد لو أنه قتل عصفوراً داخل فرنسا في غير موعد الصيد، أو لو أنه قطع شجرةً بدون إذنٍ من البلدية.
 
لقد علَّمتنا ديموقراطية الغرب أنها ديموقراطية مُسوَّرة، ولأبنائها فقط. ديموقراطية لها سور وبوَّابة. وخارج السور والبوَّابة يمكن للمرء أن يفعل ما يريده، شرط أن يخلع ملابسه الملوَّثة بالدم ويغسل يديه جيّداً قبل دخول البوَّابة.
 
لذلك نجد بأنَّه -ويا للسخرية- من بين الاتهامات الموجَّهة لرفعت الأسد تهمة "الاحتيال الضريبي"؛ أي أنه ولكي لا يدفع الضرائب المستحقَّة على ممتلكاته قام بتسجيلها بأسماء شركات في الملاذات الضريبية الآمنة.
 
وهكذا تحاكم فرنسا رفعت الأسد على تهرُّبه من دفع الضريبة على أموالٍ منهوبةٍ من الشعب السوري!
 
وهكذا تحاكم فرنسا رفعت الأسد لاستعماله ملاذات ضريبية آمنة، ولا تحاكم نفسها على تحوُّلها إلى ملاذ آمن لأمثاله من المجرمين!
 
إنَّ هذه المحاكمة لن تكون، قطعاً، نقطة بيضاء في تاريخ فرنسا، بل على العكس هي لحظة كاشفة وفاضحة ومجلجلة. لأنَّ إدانة رفعت الأسد بعد عقودٍ من عيشه الباذخ في فرنسا، هي إدانة لفرنسا أيضاً.
 
***
 
في حزيران 2017 قامت السلطات في إسبانيا بمصادرة 507 عقارات تعود ملكيتها إلى رفعت الأسد. وها هي فرنسا، اليوم، تصادر أمبراطوريته العقارية التي تتألف من قصور ومنازل فاخرة وشقق ومزارع ومكاتب في أرقى المناطق وأغلاها.
 
وبالطبع لا أحد يسأل: وفق أيّ منطقٍ تقوم تلك الدول بمصادرة أموالٍ هي من حقّ الشعب السوري؟!
 
وفق أيّ منطقٍ تُصادَر مئات الملايين من الدولارات لتُصرَف على انتعاش الدول المصادِرة، في حين أنَّ أصحاب تلك الأموال، من السوريين، مشرَّدون في مخيَّمات القهر والموت البطيء؟!
 
***
 
إنَّ تزامناً حصل بالصدفة، بين كارثة احتراق كاتدرائية نوتردام في باريس، وتقديم رفعت الأسد للمحاكمة في باريس أيضاً، لا أريد تفويته من دون أن أقول ما في نفسي:
 
ربما تكفي عقارات رفعت الأسد المصادَرة لترميم الكاتدرائية المحترقة، ولا حاجة لأن يتبرَّع أحد. لكنها لن تكفي، بالتأكيد، لترميم صورة الغرب لدينا، كمساهمٍ أكيدٍ في بؤسنا ماضياً وحاضراً؛ في الماضي كاستعمار، وفي الحاضر كراعٍ للدكتاتوريات.
-----------
زمان الوصل
 

ماهر شرف الدين
الخميس 18 أبريل 2019