فبينما الركاب ينتظرون انطلاق الباص أو البولمان يصعد صبيَّان يحمل كل منهما البضاعة ذاتها (بسكويت، أو علكة، أو جرابات...). ويبدأ كل منهما بالمناداة على بضاعته بسعر مرتفع وموحَّد. فجأة يصرخ أحدهما بوجه الآخر ثم يعلن إنزال سعر بضاعته قليلاً، فيردّ عليه الآخر بإنزال السعر أكثر، وهكذا يستمرّ "التحدّي" بينهما فينزلان بالسعر أكثر فأكثر حتى يصلا إلى سعر معين فينسحب أحدهما من الباص وهو يصرخ متصنّعاً الغضب... ليقوم الآخر ببيع بضاعته كلّها!
فقط الركاب الحمقى – وما أكثرهم – هم من يصدّقون تلك المسرحية فيهرعون للشراء حاسبين أنهم قد استفادوا من "النزاع" الذي قد حصل بين البائعين فاشتروا بأرخص الأسعار!
***
تذكرت هذه الحيلة وهؤلاء الباعة المتواطئين مع بعضهم البعض، وأنا أتابع مجريات وتفاصيل ما يُسمّى زوراً "الخلاف" الروسي الأميركي في سوريا.
فلو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لرأينا الطائرات الروسية تتساقط كالذباب بفعل الصواريخ الأميركية المضادة للطائرات التي لا تسمح أميركا حتى الآن بتزويد معارضي النظام بها.
لو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لكنا على الأقل سمعنا ببعض التحرشات التي من المفترض أن تحصل بين الطائرات الروسية وطائرات التحالف في السماء السورية.
لو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لرأينا "الناتو" يستغل حادث إسقاط تركيا للطائرة الروسية بشكل مختلف فلا يترك أردوغان وحيداً في مواجهة بوتين.
لو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لما سُمح لبوتين بنشر منظومة "صواريخ إس 400" بكل هذه الأريحية.
لو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لسمعنا اعتراض إسرائيل (الابنة الأميركية المدلّلة) على الوجود الروسي في سوريا (على العكس من ذلك صارت إسرائيل تنفذ عملياتها في سوريا بأمان أكثر).
***
لم نعد نحتاج إلى أدلّة أو تسريبات للتأكد من أن الملف السوري تمّ تلزيمه أميركياً إلى روسيا. سيف الوقائع على الأرض أصدق إنباءً من كل كتب المحللين والمسرّبين. وقد جاء مؤتمر "جنيف 3" كمسرح بائس لعرض مسرحيّ أخلاقيّ أُمميّ زائف، كتبه الروس وأخرجه الأميركان، من أجل التنصّل من الواجب السياسي والأخلاقي تجاه النكبة السورية... وقد وصل هذا التنصّل إلى درجة دفعت دولة عظمى مثل أميركا إلى استعمال حيلة مكشوفة وهزيلة... ربما كفَّ حتى باعة الكراجات عن استعمالها اليوم!
------------
كلنا شركاء
فقط الركاب الحمقى – وما أكثرهم – هم من يصدّقون تلك المسرحية فيهرعون للشراء حاسبين أنهم قد استفادوا من "النزاع" الذي قد حصل بين البائعين فاشتروا بأرخص الأسعار!
***
تذكرت هذه الحيلة وهؤلاء الباعة المتواطئين مع بعضهم البعض، وأنا أتابع مجريات وتفاصيل ما يُسمّى زوراً "الخلاف" الروسي الأميركي في سوريا.
فلو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لرأينا الطائرات الروسية تتساقط كالذباب بفعل الصواريخ الأميركية المضادة للطائرات التي لا تسمح أميركا حتى الآن بتزويد معارضي النظام بها.
لو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لكنا على الأقل سمعنا ببعض التحرشات التي من المفترض أن تحصل بين الطائرات الروسية وطائرات التحالف في السماء السورية.
لو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لرأينا "الناتو" يستغل حادث إسقاط تركيا للطائرة الروسية بشكل مختلف فلا يترك أردوغان وحيداً في مواجهة بوتين.
لو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لما سُمح لبوتين بنشر منظومة "صواريخ إس 400" بكل هذه الأريحية.
لو كان ثمة خلاف حقيقي بينهما لسمعنا اعتراض إسرائيل (الابنة الأميركية المدلّلة) على الوجود الروسي في سوريا (على العكس من ذلك صارت إسرائيل تنفذ عملياتها في سوريا بأمان أكثر).
***
لم نعد نحتاج إلى أدلّة أو تسريبات للتأكد من أن الملف السوري تمّ تلزيمه أميركياً إلى روسيا. سيف الوقائع على الأرض أصدق إنباءً من كل كتب المحللين والمسرّبين. وقد جاء مؤتمر "جنيف 3" كمسرح بائس لعرض مسرحيّ أخلاقيّ أُمميّ زائف، كتبه الروس وأخرجه الأميركان، من أجل التنصّل من الواجب السياسي والأخلاقي تجاه النكبة السورية... وقد وصل هذا التنصّل إلى درجة دفعت دولة عظمى مثل أميركا إلى استعمال حيلة مكشوفة وهزيلة... ربما كفَّ حتى باعة الكراجات عن استعمالها اليوم!
------------
كلنا شركاء