نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الأسد ووهم العودة إلى ما قبل عام 2011




تمكن نظام الأسد تقريبا من السيطرة الكلية على معظم مناطق المعارضة بما فيها الغوطة الشرقية وحلب وغيرها مما اعتبر حينها قلاعا للمعارضة لن يتمكن نظام الأسد من العودة إليها، لكن وشكرا لروسيا في الجو والميليشيات الإيرانية على الأرض فقد تمكن الأسد من السيطرة على هذه المناطق باستثناء إدلب التي تدور المعركة حولها اليوم .


بدت استراتيجية الأسد واضحة تماما والتي تقوم على تهجير المدنيين من كل المناطق المدنية التي خرجت عن سيطرته دون وجود أية خطة أو اكتراث بعودة هؤلاء المدنيين إلى مدنهم وبيوتهم، المهم هو السيطرة على هذه الأراضي مهما كانت التكلفة العسكرية أو المدنية، ولا تبدو الخطة العسكرية المستخدمة مختلفة تماما عن تلك المستخدمة في المدن السابقة وآخرها الغوطة الشرقية ومن ثم يبدو الوضع ذاته في خان شيخون حيث يجري استهداف المستشفيات والمراكز الطبية بكثافة هائلة مما يعني تدمير أي أمل بالحياة أو الشفاء لمن تبقى تحت الحصار ومن ثم تكثيف الغارات الجوية دون أية احترام للقانون الإنساني الدولي أو للقانون الدولي لحقوق الإنسان وبشكل عشوائي على المدنيين أو المنشآت المدنية من مثل المدارس أو روضات الأطفال مما يجعل مبدأ استمرارية الحياة بحد ذاته مستحيلا ويحول الحياة فيها إلى الجحيم بعينه، وهو ما يدفع لكل السكان من دون استثناء إلى الخروج بأي شكل مع أقرب فرصة تتاح لهم، لأنهم يعرفون أن البقاء يعني خيارا وحيدا هو الموت.

بدت استراتيجية الأسد واضحة تماما والتي تقوم على تهجير المدنيين من كل المناطق المدنية التي خرجت عن سيطرته دون وجود أية خطة أو اكتراث بعودة هؤلاء المدنيين إلى مدنهم

وتشير المعطيات الأولية مع غياب كامل للمنظمات الدولية أو المنظمات الحقوقية إلى أن أكثر من 1300 مدني فقدوا حياتهم خلال العملية العسكرية السورية – الروسية الأخيرة في المعارك الأخيرة على ريف حماة وإدلب خلال أقل من حوالي 45 يوماً.

في الحقيقة لم يتوقع أي شخص موقفا مختلفا من روسيا أو النظام، فجرائم الحرب الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظام الأسد على مدى السنوات الماضية تجعل أي شخص مدركاً أن لا وجود لفكرة القانون أو القانون الإنساني الدولي في قاموس النظام وبالتالي فهو لن يتردد في القيام بأي شيء تتيح له السيطرة على ما تبقى من مناطق خارج سيطرته، لكن ما تفاجأ به السوريون هو غياب المحاسبة الدولية لما جرى ويجري بالرغم من صدور عدة قرارات دولية من مجلس الأمن تلزم نظام الأسد احترام وقف إطلاق النار والسماح بالمساعدات الإنسانية. كما ينص القرار الدولي الخاص 2401 والذي صدر في 24 شباط 2018 وألزم "كل الأطراف بوقف الأعمال القتالية، من دون تأخير، لمدة 30 يوما متتابعة على الأقل بكل نواحي سوريا، من أجل السماح بتوصيل المساعدات والخدمات الإنسانية والإجلاء الطبي بشكل دائم ومن دون عوائق، بما يتوافق مع القانون الدولي".

لكن بقي هذا القرار كما غيره من القرارات بلا معنى في سماء وعلى أرض إدلب، حيث استمرت القذائف والصواريخ تنهمر من السماء  كما بقيت الأرض مفتوحة لتمدد ميليشيات الأسد بهدف السيطرة على ما تبقى.

نجاح هذا السيناريو يعني تقريبا اصطدام نظام الأسد ومن خلفه القوات الروسية والإيرانية مع تركيا في حال قرر نظام الأسد السيطرة على تل رفعت ومنبج وغيرها من المناطق

إن تمكن النظام من استعادة السيطرة على كل المناطق عسكريا بما فيها التي ما زالت الآن خارج سيطرته من مثل إدلب وريف حلب وريف حماة والتي ما زالت تقع تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة المدعومة بشكل جزئي من قبل تركيا، ومناطق أخرى ما زالت تحت سيطرة قوات الحماية الكردية من مثل الرقة وتل أبيض والمدعومة بشكل جزئي من قبل الولايات المتحدة، وبالتالي نجاح هذا السيناريو يعني تقريبا اصطدام نظام الأسد ومن خلفه القوات الروسية والإيرانية مع تركيا في حال قرر نظام الأسد السيطرة على تل رفعت ومنبج وغيرها من المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة ممثلة في الجيش السوري الحر بدعم مباشر من قبل الجيش التركي، كما تعني اصطداماً عسكريا مع الولايات المتحدة في حال قرر نظام الأسد السيطرة على الرقة والمناطق المحيطة بها في الشرق السوري والتي تخضع لسيطرة قوات الحماية الكردية، أعتقد أن هذا السيناريو مستبعد في الوقت القريب، إذ لا تجد روسيا لها مصلحة في التصعيد العسكري المباشر مع تركيا أو الولايات المتحدة على الأرض السورية حتى ولو أن نظام الأسد يردد باستمرار رغبته في السيطرة الكاملة على الأراضي السورية، وبالتالي لن نتوقع أن يتمكن نظام الأسد من السيطرة الكاملة على كل الأراضي السورية بل ستبقى جيوب وأحياناً جيوب بحجم مدن ومحافظات كاملة خارج سيطرته كما هي حال الرقة وإدلب وريف حلب وريف حماة، وبالتالي يمكن وصف هذا السيناريو بأنه يمثل الحلم بالنسبة للنظام لكنه الأكثر لا واقعية بالنظر إلى طبيعة الخرائط الإقليمية والدولية المحيطة بسورية اليوم.

ولذلك يمكن القول إن وهم الأسد بالسيطرة الكاملة على الأراضي السورية يبدو وما يزال حلما بعيد المنال.
----------------
تلفزيون سوريا

 


رضوان زيادة
الجمعة 6 سبتمبر 2019