نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


الدين العام الباهظ ..القضية المنسية في معركة الانتخابات الإيطالية







روما - ألفيس أرميليني – من يستمع إلى السياسيين الإيطاليين الذين يخوضون معركة الانتخابات البرلمانية المنتظرة خلال أسابيع قليلة، سيجد من الصعب تصديق أن هؤلاء السياسيين يعيشون في دولة تعاني من معدل من أعلى معدلات الدين العام في العالم.

وبحسب صندوق النقد الدولي فإن اليابان ولبنان واليونان هي فقط الدول التي تسبق إيطاليا من حيث معدل الدين العام الذي يبلغ في إيطاليا حوالي 132% من إجمالي الناتج المحلي، و لم تنجح أي حكومة إيطالية تولت السلطة فى الآونة الأخيرة في خفض المعدل ليقترب من الحد الأقصى المسموح به بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي وهو 60% من إجمالي الناتج المحلي للدولة.
وقال لورينزو بيني سماجي" عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي "يبدو الأمر وكأننا لا ندرك تماما أن أي معدل دين عام مرتفع ليس فقط مشكلة بالنسبة للاستقرار المالي وإنما وقبل كل شيء مشكلة مكلفة بالنسبة للنظام الاقتصادي وعقبة في طريق النمو".


 
وفي مقالة بصحيفة "كوريير ديلا سيرا"، قارن "بيني سماجي" بين إيطاليا والدول الأخرى في جنوب أوروبا، مشيرا إلى أن مؤشرات الخطر بالنسبة لدين الحكومة الإيطالية قفزت مؤخرا لتتجاوز المؤشرات بالنسبة للبرتغال وإسبانيا وقبرص.
ورغم أن ذكريات اقتراب إيطاليا من حافة الإفلاس في نهاية 2011 مازالت حية في الأذهان، فإن الحملة الانتخابية الحالية تتجه إلى أن تصبح معركة في السخاء الحكومي من خلال الوعود الانتخابية المدعومة بحسابات مالية غامضة تتبارى في تقديمها الأحزاب،

وقال "فاوستو بانونزي" أستاذ الاقتصاد في جامعة "بوكوني" في مدينة ميلانو الإيطالية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "ليس صحيحا أن موضوع الدين العام غائب عن النقاش السياسي، لكن الأحزاب السياسية تبدو معنية بكيفية زيادة الدين العام وليس بتقليله".
تقول "حركة النجوم الخمسة" وهي قوة المعارضة الأساسية في إيطاليا، إن كل الإيطاليين يعيشون تحت خط الفقر، وأن حوالي 5 ملايين إيطاليا يجب أن يحصلوا على الدخل الأساسي من الدولة وهذا يقدر بحوالي 17 مليار يورو (2ر20 مليار دولار) سنويا.
ويطالب "لويجو دي مايو" مرشح حركة النجوم الخمسة لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة القادمة، بزيادة عجز الميزانية لتمويل التوسع في الإنفاق الحكومي، وهدد بالدعوة إلى إجراء استفتاء حول الخروج من منطقة اليورو إذا لم يسمح الاتحاد الأوروبي لإيطاليا بالتحلل من ضوابط الميزانية.
في المقابل فإن رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو بيرلسكوني يتعهد بتوحيد الضريبة عند معدل 20% وضمان حد أدنى للدخل قدره 1000 يورو شهريا باسم "دخل الكرامة"، في حين أن حليفه اليميني المتطرف "ماتيو سالفيني" يريد إلغاء إصلاحات 2011 التي رفعت سن التقاعد.
في الوقت نفسه فإن رئيس الوزراء السابق وزعيم الحزب الديمقراطي (يسار وسط) "ماتيو رينزي" يقول إنه على إيطاليا زيادة عجز ميزانيتها السنوي إلى 9ر2% من إجمالي الناتج المحلي خلال السنوات الخمس المقبلة لتمويل خطة تخفيضات ضريبية كبيرة تتراوح قيمتها بين 30 و50 مليار يورو خلال السنوات الخمس.
أما " "كارلو كوتاريللي" المستشار السابق للحكومة والذي اقترح على حكومة رينزي خفض الإنفاق العام وتم رفض اقتراحه، فكتب في صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية يقول إنه على السياسيين أن يكونون "أقل عمومية" في برامجهم الاقتصادية.

وترى "حركة النجوم الخمسة" أن خفض الإنفاق على القوات المسلحة والمشتريات العامة ومخصصات تقاعد كبار المسؤولين وزيادة الضرائب على عمليات التنقيب عن النفط والغاز وعلى البنوك وشركات التأمين سيوفر الموارد اللازمة لتنفيذ وعودها الانتخابية.

في المقابل، فإن كلا من "رينزي" و"بيرلسكوني" يقولان إن خططهما لخفض الضرائب ستمول نفسها بنفسها، من خلال زيادة النمو الاقتصادي وبالتالي زيادة حصيلة الضرائب وتقليل البطالة، ثم خفض معدل الدين العام فيما بعد.
كانت إيطاليا قد تجاوزت أزمة مالية طاحنة عام 2011 من خلال إجراءات تقشف صارمة، وقبل كل ذلك، بمساعدة البنك المركزي الأوروبي الذي اشترى كميات كبيرة من سندات الخزانة الحكومية الإيطالية. لكن من المقرر التخلص من هذه المشتريات تدريجيا في المستقبل القريب.
ومنذ ست سنوات كانت دول أوروبا الأخرى معنية بإنقاذ إيطاليا لأنها أكبر من السماح بانهيارها، حيث أن حالة الفزع التي كانت ستنتاب الأسواق في حالة إفلاس دولة بحجم إيطاليا كانت ستنتشر في باقي دول منطقة اليورو وهو ما يثير الشكوك في مستقبل الاتحاد النقدي الأوروبي.
هذه المخاطر تراجعت بشدة بمرور الوقت بحسب "دانيال جروس" مدير مركز الدراسات السياسية الأوروبية في بروكسل، وذلك على خلفية تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الإيطالية وفقا لما قاله لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ).
وأضاف "جروس" أنه إذا واجهت إيطاليا أزمة مالية كبيرة مجددا، فلن تكون هناك حوافز كثيرة لدى شركائها الأوروبيين للإسراع لإنقاذها، بينما يدركون أن خطر إفلاس إيطاليا أصبح بعيدا، وأن الحالة المالية لها "ليست كبيرة، لكن يمكن أن تتدهور"
وبحسب البروفيسور "بانونزي" لا يوجد ما يبرر التشاؤم صراحة من إفلاس إيطاليا. ورغم حاجة البلاد إلى معدلات نمو اقتصادي أعلى لخفض عبء الدين العام، فإن التوسع في الإنفاق والسماح بزيادة معدل العجز ليس أفضل الطرق للوصول إلى هذا الهدف.
ويقول "بانونزي" إن "هناك العديد من الأشياء التي يمكن قولها في الحملة الانتخابية ولكن القليل منها هو ما يمكن تحقيقه. والمثير للسخرية أنه يمكننا فقط أن نأمل مجددا في أن يواصل السياسيون تقديم الوعود التي لن يمكنهم تحقيقها".

ألفيس أرميليني
الاثنين 15 يناير 2018