الشيخ امام عيسى
ان تكون فنانا فهذا جيد، وان تكون ملحنا فهذا ايضا جيد، وان تكون كاتبا لكلمات الاغنيات فهذا رائع، لكن ان تكون تراثا عربيا متنقلا معبرا وان تتحول الى ابو الهول الناطق، فهذه قمة المجد، ربما لم يعي الشيخ امام في حياته المدرسة التي انشاها طوال فترة دندنته الرائعة، ولم يكن يعلم ان الدندنة ستتحول الى وثيقة تاريخية تضم تاريخ الشعوب العربية من المحيط الى الخليج، او ربما كان يعلم ما يقوم به... الرب هو الاعلم الان...
الانغماس في اغاني امام له لذته، فانك لا تستطيع ان تسمعها لمجرد سماع لحن او بعض الكلمات، ولا تستطيع الا ان تندمج في الاغنية لحنا ومعنى، كما انك لن تستطيع ان تفك طلاسم كلماته الا لو كنت حقا قابلته واستمعت لاغنياته ورايت تعابير وجهه وحركاته وتعابيره المرافقة للكلمات، ومن الذكريات التي لن انساها حتى الرقود الاخير مقابلتي له في قلب بيروت باحتفالية ضخمة تحولت الى احتفالية خاصة لي بلقائي به ووقوفي امامه ومحادثته لدقيقات مرت كانها ساعات، ومن وقتها اكتشفت فعلا من هو الشيخ امام وفهمت اغانيه وثورته الدائمة.
في الالحان التي رافقت الشيخ فاصلة بل نقطة هامة، لاحظتها بعد ان اختطفتني ارض النيل، ففي الوقت الذي كنت فيه لا ازال سائحا وقبل ان اتحول الى شبه مواطن، ترددت الى الكثير من الحفلات التراثية ومنها وبشكل خاص الحفلات التي تحتضنها ازقة القاهرة القديمة والصوفية تحديدا، ولم اجد نفسي الا رابطا بين اللحن الصوفي الاسر الذي يدخلك عالما خاصا وبين الحان امام عيسى الخاصة هي الاخرى، فلدى التدقيق بين اللحنين وباكثر من اغنية لا تستطيع الا ان تلاحظ بان الشيخ الثائر استمد روحية الحانه من الالحان الصوفية التي تاسرك وتنقلك الى مكان خاص وجودي اكثر من الوجودية وحالم اكثر من الاحلام، مع التركيز على نقرات الطبلة لتدخلك في ايقاع نفسي لا ينتهي الا بانتهائه.
الشيخ امام لم يرحل، ولن يرحل، بل سيرحل ان رحل ابو الهول يوما من مركز حراسته الحامي لتراث آل فرعون، الشيخ ادى واجبه الماضي والحاضر والمستقبلي، رغم انه مات وفي قلبه غصة وحرقة من خلاف الاصدقاء خصوصا مع احمد فؤاد نجم الذي تصالح معه في ايامه الاخيرة، مات امام والحال على حاله، مات امام واغنياته باقية بمعانيها، مات امام وفلسطين لا تزال محتلة ، ولبنان يصارع طواحين الهواء، مات امام ولا شيئ تغيير.
رحلة امام كانت جميلة، فمن دراسة القران الى اقصى اليسار، والغناء الى الشعب والثورة الى التهكم على الحال والاحوال، والتنقل بين معظم السجون والنظارات، مات اخذا كفايته من "الضرب على القفا"، فاحدث ثورة داخل الثورة، وجدل داخل الجدل، وترك تراثا موسيقيا حافل وجدير بالراسة الادبية والفنية، وبقي ليكون مدرسة لجيل قديم حالم وجيل جديد يشاطره الحلم.
فالى الشيخ امام عيسى في ذكراه الخامسة عشر الف تحية وسلام والف حاحا، والف جيفارا مات، والف يا فلسطينية...
الانغماس في اغاني امام له لذته، فانك لا تستطيع ان تسمعها لمجرد سماع لحن او بعض الكلمات، ولا تستطيع الا ان تندمج في الاغنية لحنا ومعنى، كما انك لن تستطيع ان تفك طلاسم كلماته الا لو كنت حقا قابلته واستمعت لاغنياته ورايت تعابير وجهه وحركاته وتعابيره المرافقة للكلمات، ومن الذكريات التي لن انساها حتى الرقود الاخير مقابلتي له في قلب بيروت باحتفالية ضخمة تحولت الى احتفالية خاصة لي بلقائي به ووقوفي امامه ومحادثته لدقيقات مرت كانها ساعات، ومن وقتها اكتشفت فعلا من هو الشيخ امام وفهمت اغانيه وثورته الدائمة.
في الالحان التي رافقت الشيخ فاصلة بل نقطة هامة، لاحظتها بعد ان اختطفتني ارض النيل، ففي الوقت الذي كنت فيه لا ازال سائحا وقبل ان اتحول الى شبه مواطن، ترددت الى الكثير من الحفلات التراثية ومنها وبشكل خاص الحفلات التي تحتضنها ازقة القاهرة القديمة والصوفية تحديدا، ولم اجد نفسي الا رابطا بين اللحن الصوفي الاسر الذي يدخلك عالما خاصا وبين الحان امام عيسى الخاصة هي الاخرى، فلدى التدقيق بين اللحنين وباكثر من اغنية لا تستطيع الا ان تلاحظ بان الشيخ الثائر استمد روحية الحانه من الالحان الصوفية التي تاسرك وتنقلك الى مكان خاص وجودي اكثر من الوجودية وحالم اكثر من الاحلام، مع التركيز على نقرات الطبلة لتدخلك في ايقاع نفسي لا ينتهي الا بانتهائه.
الشيخ امام لم يرحل، ولن يرحل، بل سيرحل ان رحل ابو الهول يوما من مركز حراسته الحامي لتراث آل فرعون، الشيخ ادى واجبه الماضي والحاضر والمستقبلي، رغم انه مات وفي قلبه غصة وحرقة من خلاف الاصدقاء خصوصا مع احمد فؤاد نجم الذي تصالح معه في ايامه الاخيرة، مات امام والحال على حاله، مات امام واغنياته باقية بمعانيها، مات امام وفلسطين لا تزال محتلة ، ولبنان يصارع طواحين الهواء، مات امام ولا شيئ تغيير.
رحلة امام كانت جميلة، فمن دراسة القران الى اقصى اليسار، والغناء الى الشعب والثورة الى التهكم على الحال والاحوال، والتنقل بين معظم السجون والنظارات، مات اخذا كفايته من "الضرب على القفا"، فاحدث ثورة داخل الثورة، وجدل داخل الجدل، وترك تراثا موسيقيا حافل وجدير بالراسة الادبية والفنية، وبقي ليكون مدرسة لجيل قديم حالم وجيل جديد يشاطره الحلم.
فالى الشيخ امام عيسى في ذكراه الخامسة عشر الف تحية وسلام والف حاحا، والف جيفارا مات، والف يا فلسطينية...


الصفحات
سياسة








