نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


سياحة تونس في 2020... عام للنسيان






تونس - طارق القيزاني–- ينهمك أحمد ذياب في تصفح الأخبار المتعلقة بحركة السياحة والمطارات على هاتفه الجوال بينما تسربت الشمس إلى داخل محله الخاوي من الزبائن.
ومع إطلالة أول أيام فصل الخريف الدافئ على هضبة سيدي بوسعيد في تونس، يقضي أحمد معظم فترات النهار جالسا أمام محله لبيع التحف والمنتوجات الحرفية.
يقع المحل قبالة مرآب مخصص للحافلات السياحية. لكن هذا العام يكاد يندر قدوم الوفود السياحية إلى سيدي بوسعيد أحد أشهر الوجهات في تونس.


 
وتسببت جائحة كورونا المتفشي في العالم في تقلص حركة السياحة بنسبة فاقت 90 بالمئة منذ شهر آذار/مارس 2020. ودفع الفيروس القاتل أنشطة الحرفيين في المنطقة إلى حافة الهاوية وباتت الآن رهينة تطور الحرب على الجائحة.
وقال أحمد لوكالة الأنباء الالمانية (د. ب. أ) "لم تستثن الأزمة أي قطاع. جميعنا تضرر في قطاع السياحة. هناك من أقفل محله وفقد الأمل في العودة هذا العام وهناك من أقفل نهائيا بعد أن تكبد خسائر كبيرة".
وتابع أحمد "لم تكن أزمة مؤقتة. الوضع طال أكثر من اللازم ولا نعرف أي منحى ستتخذه الحرب ضد فيروس كورونا مستقبلا".
وفي حين خلت البازارات المنتشرة في سيدي بوسعيد من السياح والزبائن، فإن اكثر الزائرين القادمين للاستمتاع بنسمات البحر الممتدة إلى ازقة القرية المشيدة فوق هضبة، هم تونسيون. والبعض فقط من بينهم من التزم بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامات الواقية.
ولا يبدو محل أحمد وحده من يرزح تحت الازمة في سيدي بوسعيد، فالمطاعم الفاخرة، والإقامات الفندقية، والمعارض الفنية بدورها شبه خاوية وتعاني من الكساد منذ أشهر. وقد خير البعض الاغلاق مؤقتا وبدء عمليات ترميم وصيانة موسمية استعدادا للموسم السياحي في 2021.
ولا يفوت القادمين إلى سيدي بوسعيد فرصة شراء الفطائر التي اشتهرت بها محلاتها والإقبال على المقاهي ولكن يحجم أغلبهم عن اقتناء منتجات الحرفيين لثمنها الباهظ.
وقال حسان مستوري أحد الزائرين، يرافقه ابناه وزوجته "قدمنا في زيارة عائلية من بنزرت وأردنا قضاء بقية اليوم في سيدي بوسعيد. المنطقة ساحرة حتى في أوقات الركود السياحي. الواضح أن الأزمة طالت الجميع ولكنها عابرة".
وتابع حسان بينما يحمل المثلجات لابنيه "نسعى بأن نستمتع بالوقت هنا لتخفيف الضغوط ولكن نحاول أن نرتب أولوياتنا. المنتوجات الحرفية ليست أولية الآن".
فتحت تونس المطارات والموانئ بعد فترة اغلاق ناجحة استمرت قرابة ثلاثة أشهر، واستؤنفت الرحلات الدولية منذ 27 حزيران/يونيو فيما ضخت الحكومة قرابة 175 مليون يورو لمساعدة الحرفيين على الصمود في وجه الأزمة والإبقاء على فرص العمل المقدرة بنحو 400 ألف موطن شغل مباشر في قطاع السياحة.
غير أن أنشطة القطاع ظلت متعثرة حتى في ذروة الموسم السياحي الصيفي بين حزيران/يونيو وآب/أغسطس.
وخلال هذه الفترة لم يتعد عدد السياح الأجانب الوافدين على تونس عبر رحلات غير منتظمة حوالي 70 ألف حتى نهاية آب/أغسطس، وهو رقم لا يقارن بملايين السياح الوافدين من دول أوروبية ودول الجوار في مثل تلك الفترة من كل عام.
وقال أحمد ذياب "حتى مع قدوم بعض السياح فإن ذلك لن يفيد الحرفيين والأسواق والمزارات السياحية في شيء لأن أغلبهم يمكثون في النزل ويخشون التجوال".
وأضاف ذياب "كان لنا أمل بعد فتح الحدود أن نشهد فترة انتعاش لكن الموجة الثانية من وباء كورونا زادت الوضع تعقيدا. الآن أصبح هذا العام للنسيان".
وقال صاحب محل مجاور له جلس بجانب أحمد "أعمل منذ نحو أربعين عاما في السياحة ولم أشهد موسما صعبا مثل 2020. ولكن لدينا ثقة بأن الأمور ستكون أفضل في المستقبل بعد كورونا. السياحة قطاع حيوي في تونس ويتمتع بقاعدة صلبة".
بعد سنوات من التعافي من آثار الهجمات الارهابية الكبرى التي شهدها عام 2015 والتي خلفت نحو 60 قتيلا من السياح في هجومين استهدفا متحفا ونزلا، تواجه السياحة التونسية اليوم عدوا مجهريا أكثر خطورة حيث لا تعرف إلى أي مدى سوف تستمر تأثيراته
وبحسب بيانات البنك المركزي تراجعت عائدات السياحة بنسبة فاقت 60 بالمئة حتى شهر آب/أغسطس بواقع 5ر1 مليار دينار تونسي (550 مليون دولار) مقارنة بقرابة 4 مليار دينار تونسي في نفس الفترة من 2019 والذي شهد تدفق عدد قياسي من السياح فاق تسعة ملايين.
أوضح محمد علي التومي الذي شغل منصب وزير السياحة حتى آب/أغسطس في 2020 لـ(د .ب. أ) أن "البداية كانت جيدة في 2020 . خلال شهري يناير/كانون ثان وشباط/فبراير الماضيين حققنا زيادة 28% مقارنة بنفس الفترة في 2019 قبل ظهور الفيروس".
ويتوقع التومي بعد تفشي الفيروس في عدة ولايات أن تبلغ خسائر السياحة مع نهاية 2020 حوالي 2 مليار دولار.
وللحد أكثر ما يمكن من الخسائر، اضطرت أغلب النزل على الساحل الشرقي إلى إعلان تخفيضات إلى النصف للسياح التونسيين.
وقال مدير قسم الحجوزات في نزل "اكوا بارك" بالمنسيتر هارون الساحلي لـ(د. ب. أ) "في العادة يعج النزل بالسياح الروس ولكن هذا العام الغينا جل الحجوزات الخارجية بسبب الجائحة. ما زلنا نعمل مع السوق الداخلية وقد حققنا أرقاما جيدة".
ومثل نزل "اكوا بارك" أنقذ السياح التونسيون اغلب النزل التي ظلت ناشطة في المناطق السياحية مثل المنستير وسوسة والمهدية وجربة والحمامات، من خطر الافلاس ولكن لا يعرف حتى متى ستصمد بعد انتهاء فترة الذروة للموسم السياحي.
وقال وزير السياحة الحبيب عمار "تأثير كوفيد 19 على القطاع السياحي كان كبيرا ويتوقع أن يستمر لأشهر. لكن نحن متأكدون من أن القطاع سيستعيد عافيته سريعا بمجرد انتهاء الجائحة".
وتابع عمار "لدينا صعوبات هيكلية في القطاع لكن تونس تظل وجهة أساسية للسياحة في حوض المتوسط ومن الصعب تجاهلها".

طارق القيزاني
الخميس 24 سبتمبر 2020