على قسد السماح فورا للمنظمات الإنسانية الدولية بزيارة المحتجزين الذين تم إجلاؤهم أو استردادهم من سجن الصناعة وتقديم الرعاية الأساسية لهم. عليها الإعلان عن عدد المحتجزين القتلى والجرحى ومن تم إجلاؤهم خلال معركة استعادة السجن، بمن فيهم الأطفال.
قال التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش إن المعتقلين محتجزين في منشأة أكثر أمنا ، والذي هو سجن جديد مولته المملكة المتحدة قرب الصناعة، بحسب ما قاله مصدران لـ هيومن رايتس ووتش. قال " مركز معلومات شمال وشرق سوريا" (مركز معلومات روجافا) لـ هيومن رايتس ووتش نحو 300 محتجز نقلوا في 24 يناير/كانون الثاني إلى سجن علايا في مدينة القامشلي، لكن لم يتضح ما إذا كانوا قد بقوا هناك.
قال سيامند علي، مسؤول المكتب الإعلامي لدى قسد لـ هيومن رايتس ووتش: "الجميع في أماكن آمنة ويحصلون على رعاية جيدة". لكنه لم يقدم أي تفاصيل.
قالت قسد إن داعش كان يستخدم الصِبية المحتجزين كدروع بشرية خلال المعركة التي استمرت 10 أيام وإن قسد اتخذت خطوات لحماية الأطفال في هجماتها المضادة على السجن، لكنها لم توضح ماهية تلك الخطوات.
تقارير عن مقتل أطفال
في منتصف معركة السجن، قال محتجزان أجنبيان لا يزالان داخل السجن لـ هيومن رايتس ووتش إن محتجزين عديدين قُتلوا في الاشتباكات، بينهم أطفال. قال معتقل كندي إنه يعتقد أن "عشرات" الأطفال قُتلوا، واصفا طفلا ينزف حتى الموت بين ذراعيه. ذكر صبي أسترالي (17 عاما)، قال إنه أصيب في رأسه ويده في غارة لمروحية من طراز "أباتشي"، إنه يقدّر مقتل بين 15 إلى 20 طفلا على الأقل، بينهم صديقان في سن المراهقة قُتلا أمام عينيه، على حد قوله.
قال الفتى الأسترالي في رسالة مذعورة في منتصف فترة الحصار طالبا عدم ذكر اسمه (لكن تحققت هيومن رايتس ووتش من هويته): "كنت جالسا في زنزانتي، وحدث انفجار. كان ثمة إطلاق نار على مبنانا [الزنازين]. هربت مع صديقاي، 14 و15 عاما، لكنهما قُتلا أمامي في الطريق..."
أضاف الصبي الأسترالي "ظللت أركض، لكنني أصبت في رأسي ويدي، وفقدت الكثير من الدماء". قال الصبي إنه شاهد "جثثا كثيرة، جثث أموات، والكثير من الجرحى يصرخون من الألم. لا يوجد أطباء هنا، ولا أحد يمكنه مساعدتي. أنا خائف جدا، وأحتاج إلى مساعدة. أرجوكم".
قال رجل كندي محتجز وصف نفسه بأنه مواطن أمريكي (18 عاما) لـ هيومن رايتس ووتش إن الطعام ومياه الشرب والأدوية نفدت من الرجال والصبية داخل السجن أثناء الحصار.
قال أيضا: "نتضور جوعا وعطشا. لا يوجد طعام ولا ماء ولا إمدادات طبية على الإطلاق. نحن خائفون، وبحاجة فقط إلى شخص ما يساعدنا على الخروج من هنا والوصول إلى بر الأمان".
كما أضاف أن الصبية كانوا محتجزين بمعزل عن البالغين، لكن عندما اقتحم داعش سجن الصناعة، عمّت الفوضى واختلط الكبار بالصبية وأيضا بالجرحى والمحتجزين الآخرين الذين يحتاجون إلى رعاية – مثل المصابين بالسل أو لديهم أمراض عقلية. تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير منذ 2020 عن تفشي مرض السل القاتل ونقص حاد في الأدوية والإمدادات الأخرى في سجن الصناعة وسجون أخرى للأفراد المشتبه بانتمائهم إلى داعش في شمال شرق سوريا.
فقدت هيومن رايتس ووتش في 26 يناير/كانون الثاني الاتصال بالمحتجزين.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على قسد العمل مع مجموعات الإغاثة لاطلاع أفراد العائلات عما إذا كان أقاربهم في سجن الصناعة أحياء أم موتى أم مصابين. لم تسمع عائلات كثيرة عن أقاربها المسجونين منذ سنوات.
قالت امرأة تقرب محتجزا غربيا كان مسجونا في الصناعة لـ هيومن رايتس ووتش: "أصلّي لإيجاد طريقة لأعرف أنه بخير".
تلقت هيومن رايتس ووتش منذ 2019 عددا من الادعاءات من محتجزين أو أقاربهم أو محاميهم تفيد بأن قسد تسيء معاملة المحتجزين المشتبه بانتمائهم إلى داعش، لكنها لم تتمكن من التحقق من صحة هذه المزاعم. على القوة التي يقودها الأكراد وأعضاء التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش، بما في ذلك القوات الأمريكية والبريطانية التي تدعم العمليات الحالية، ضمان المعاملة الإنسانية لجميع من استسلموا أو تم إجلاؤهم أو أعيد القبض عليهم، والسماح لمراقبين مستقلين بالوصول إلى المحتجزين.
بموجب القانون الدولي، يتعين على جميع أطراف النزاع اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين من الأذى. في حالة الشك في أن الشخص هدف عسكري مشروع، يجب اعتباره مدنيا. لا يجوز للقوات استهداف الأهداف العسكرية إلا إذا كان المكسب العسكري المتوقع يفوق الضرر المتوقع على المدنيين أو الممتلكات المدنية. يرقى الاعتقال لأجل غير مسمى دون تهمة إلى مرتبة العقاب الجماعي للمعتقلين وأفراد عائلاتهم، وهي جريمة حرب.
عدد المحتجزين الأجانب في سجن الصناعة، كالمشتبه في انتمائهم إلى داعش وعائلات أفراد التنظيم، قرابة 45 ألف رجل وامرأة وطفل من حوالي 60 دولة محتجزون في ظروف مهينة للغاية وغير إنسانية في شمال شرق سوريا؛ أغلبهم أطفال صغار محتجزين مع أمهاتهم في معسكرات مغلقة. دعت قسد وسلطات إقليمية أخرى الدول مرارا إلى استعادة مواطنيها، قائلة إنها تفتقر إلى الموارد لرعايتهم ومحاكمة المشتبه في ارتكابهم جرائم خطيرة. استعادت بضع دول فقط، بخلاف دول آسيا الوسطى، مواطنيها أو اتخذت خطوات مهمة أخرى لوضع حد لإساءة معاملتهم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن إعادة السيطرة على السجن لا تحل الأزمة الدولية الناجمة عن الاحتجاز التعسفي وغير محدد المدة لهؤلاء الأجانب.
على جميع الدول التي لها مواطنين محتجزين في شمال شرق سوريا استعادة مواطنيها أو المساعدة في عودتهم لإعادة تأهيلهم أو إعادة دمجهم أو مقاضاتهم عند الاقتضاء. على التحالف بقيادة الولايات المتحدة وهيئات "الأمم المتحدة" والدول المنخرطة في أزمة شمال شرق سوريا المساعدة في إعادة توطين المحتجزين الآخرين، وعقد الملاحقات القضائية لهم عند الحاجة في بلدان ثالثة إذا كانوا معرضين لخطر سوء المعاملة في بلدانهم الأصلية. ينبغي إطلاق سراح جميع هؤلاء المحتجزين فورا ما لم يمثلوا أمام قاضٍ مستقل يمكنه البت في شرعية احتجازهم وضرورته.
قد تكون الحكومات التي تساهم بنشاط في هذا الحبس التعسفي متواطئة في الاحتجاز غير القانوني والعقاب الجماعي لآلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال الصغار.
قالت تايلر: "مثّلت أزمة سجن الصناعة نتيجة متوقعة لغض الحكومات الطرف عن مصير مواطنيها وباقي المحتجزين في ظروف مروعة في شمال شرق سوريا. ينبغي أن يكون هذا الاعتداء جرس إنذار للبلدان بأن تصدير مسؤوليتها عن مواطنيها لن يحل المشكلة، بل سيزيد فقط من معاناة هؤلاء المحتجزين، ومعظمهم من الأطفال الصغار، ويحرم ضحايا داعش من العدالة"
تفاصيل شحيحة عن الضحايا واسترجاع السجناء
أعلنت قسد في 31 يناير/كانون الثاني مقتل 77 من موظفي السجن، و40 من مقاتليها، و4 مدنيين في المعركة التي استمرت 10 أيام لاستعادة السجن، و374 من "عناصر تنظيم ’داعش‘ الإرهابي مع المهاجمين". رغم استفسارات هيومن رايتس ووتش ووسائل الإعلام المتكررة، لم تقدم قسد تفاصيل إضافية، مثل عدد المحتجزين القتلى وعدد الأطفال منهم، وعدد الجرحى، وعدد المحتجزين الذين انضموا إلى التمرد، وعدد البالغين والأطفال الذين استعادوهم، وعدد البالغين والأطفال المفقودين.
في 31 يناير/كانون الثاني، أقر قائد في قسد بمقتل أطفال مسجونين بعد أن ذكرت "نيويورك تايمز" مشاهدتها لجثتي صبيين مراهقين قتلا بالرصاص قرب السجن، يظهر عليهما أنهما محتجزان هاربان. أضافت الصحيفة أن السكان المحليين أخبروها أن الصبيين أصيبا برصاص قسد، لكنها لم تتمكن من تأكيد أي تفاصيل عنهما أو عن وفاتهما. قال القائد إن "عددا محدودا" فقط من القتلى أطفال.
قالت قسد إن قرابة 300 مقاتل من داعش اقتحموا سجن الصناعة. ذكرت في 27 يناير/كانون الثاني استسلام 3,500 محتجز - جميع السجناء تقريبا، لكن تبين إعلانها في اليوم السابق عن استعادتها السيطرة الكاملة على السجن أنه سابق لأوانه، مما أثار تساؤلات حول هذه الأرقام.