وأشارت الباحثة في العلوم السياسية وحقوق الإنسان، صوفي فوللرتون، في مقال بالمجلة، إلى أن النظام "عمل بجهد" لتجنيد المؤثرين، معتبرة أنها "فكرة بارعة"، لأن هؤلاء لا مواقف سياسية لهم، ولن تشملهم أي عقوبات في حال زاروا دمشق.
وأوضحت الكاتبة أن صانعي المحتوى يدخلون إلى سوريا عبر تأشيرات يحصلون عليها فقط من خلال وكالات السياحة المرتبطة بالنظام.
ورأت فوللرتون أن النظام يستغل "سذاجة وانتهازية" صانعي المحتوى، ويضخم تعليقاتهم، معلناً أن سوريا باتت آمنة للسياحة من خلال إعلامه الرسمي.
ونبهت الكاتبة إلى أن المؤثرين يدعمون أجندة النظام من خلال تقديم انطباع زائف عن سوريا ومشاكلها، واعتبرت أن "سياحة كهذه غير أخلاقية".
ولفتت الكاتبة إلى أن مدونة الفيديو الإيرلندية جانيت نيوهام، كانت تتحدث بحماس عن زيارتها إلى باب توما في دمشق، لكنها غير واعية أنها ليست بعيدة عن فرع المخابرات الجوية الذي يعد "واحداً من أبرز منشآت التعذيب في سوريا".
--------
المؤثرون السيّاح يبيضون صورة تنظيم أسد الإرهابي بمساعدة الرعاة
A woman and a child in Raqqa, Syria, walk past a hotel destroyed by an airstrike. (Alice Martins for The Washington Post)
وقالت إنه بعد حرب طاحنة دعمتها القوات الإيرانية والميليشيات الطائفية والطيران الروسي، استطاع تنظيم بشار الأسد استعادة السيطرة على معظم سوريا التي لا يزال نصف سكانها مشردون، والنصف الثاني يعيشون في ظل الإرهاب الذي دفعهم للانتفاضة ضده عام 2011″.
إلا أن انتصار تنظيم أسد كان باهظا، فهو منبوذ يعاني من العقوبات ومدين في انتصاره لإيران وروسيا، وهو بحاجة لشريان حياة وبسرعة. ومن الصعب إقناع المستثمرين بأن البلد منفتح للاستثمار في وقت لا تزال صورته مرتبطة بالحرب الوحشية. وبعد سقوط حلب قبل ستة أعوام، حاول النظام تجنيد الصحفيين الدوليين من أجل إعادة تأهيل صورة تنظيم أسد .
إن صهر الأسد، فواز الأخرس قام بعدة زيارات إلى دمشق والتقى بالمسؤولين بمن فيهم الأسد نفسه. وكانت الجهود بمثابة كارثة علاقات عامة. فقد كتب معظم الصحفيين مقالات ناقدة حول تجربتهم. وتعلم تنظيم أسد درسا مهما من محاولة تجنيدهم “فكلما ظل ينظر فيها إلى النظام عبر العدسات السياسية فإنه سيكافح للحصول على تغطية جيدة”، ومن هنا جاء دور الجوالين المؤثرين.
وعلى مدى عدة أعوام، عمل تنظيم أسد جهده لتجنيد المؤثرين كي يقوموا بتحسين صورته. وكانت الفكرة بارعة لأن المؤثرين السياح لا مواقف سياسية لهم واهتمام المتابعين لهم متركز على الصوت والرائحة والطعام. فالنبرة الواردة في أشرطة الفيديو مرحة وبدون أي مجال للتذكير بالمأساة التي تعرض لها البلد.
ورغم صور الدمار التي احتوت عليها أشرطة الفيديو إلا أن البيوت المهدمة باتت جزءا من جمالية الصورة، مضيفة ملمحا من الخطر والمغامرة للتجربة.
وفي منشورات “انستغرام” و”تيك توك” فصورة المؤثرين وهم يقفون أمام الأحياء المهدمة ليس أمرا غير عادي. وبالنسبة لهم، فهي جزء من صورة الشرق الغريبة (اكزوتيك) إلى جانب الأسواق والمساجد والقلاع والمطاعم.
ويدخل المؤثرون إلى البلد من خلال تأشيرات يحصلون عليها فقط عندما يرتبون مكان إقامة من خلال وكالات السياحة المرتبطة بتنظيم أسد . ويقوم تنظيم أسد الإرهابي بالنظر في كل تأشيرات من أجل التخلص من الصحفيين والناشطين. وعندما يصل المؤثرون إلى سوريا يتم تعيين مرافقين لهم تحت غطاء مترجمين. وفي الوقت الذي لا يلقي معظم المؤثرين بالا للرعب الذي مر به البلد في السنوات الماضية، إلا أن البعض لديهم شعور بالذنب الأخلاقي.
وتعلق نيوهام، المؤثرة الأيرلندية: “لم يقصد أن يكون أي من الأفلام سياسيا”. وتقول في فيديو لاحق أن مدينة حمص التي كانت أول عاصمة للثورة، بأن الدمار الذي حل عليها تم على يد “قوى من خارج سوريا”. ويلقي المؤثر على “تيك توك”، داوود أخوندزاده مسؤولية الدمار في البلد على الجيش السوري الحر، ولأنه حمل السلاح ضد النظام و”نتيجة لهذا، هذا ما بقي” مشير لحي سوي بالتراب.
وتعلق الكاتبة بأن تنظيم أسد يقوم باستغلال سذاجة وانتهازية المؤثرين، ويضخم تعليقاتهم معلنا أن سوريا باتت آمنة للسياحة من خلال إعلامه الرسمي، وبدون ترديد كلام تنظيم أسد بشكل واضح أو القيام بحملة علاقات عامة، فإن هؤلاء المؤثرين يدعمون أجندة النظام من خلال تقديم انطباع زائف عن البلد ومشاكله.
فلا يزال معظم السوريين يعانون في مخيمات اللجوء بالخارج، فيما اختفى أكثر من 100.000 في سجون النظام وأقبية التعذيب. ويشاهد السوريون في المنفى الذين لا يستطيعون السفر إلى بلدهم تقارير لا تأخذ مشاعرهم بعين الاعتبار يعدها مؤثرون لا يعرفون الحساسيات ولا يهتمون بمعاناتهم ويدوسون في أحيائهم وينتهكون قداسة المقابر الجماعية.
---------
موقع رتوش