نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


عمر حميدة.. سيرة استزلام وانسجام مع مشروع حافظ الأسد الاستبدادي







لا يمكن اعتبار أن جميع الشخصيات السنية التي اعتمد عليها نظام أسد الطائفي في بداية تأسيسه مجرد ديكور شكلي كان النظام مضطراً له، بل إن بعض هذه الشخصيات، وعددها غير قليل، ساهمت بشكل فعال في تثبيت دعائم هذا النظام، لدرجة قد يصبح ممكناً القول إنه بدونها لم يكن ليستمر بمثل هذا الاستقرار، ومن بين هذه الشخصيات الضابط الحلبي الشهير عمر حميدة، الذي توفي قبل أيام.



عندما قرر هذا الشاب الالتحاق بالجيش كان خياره مفاجئاً للكثيرين، فمن جهة لم يعرف عن أبناء حلب المدينة الميل للسلك العسكري، ومن جهة أخرى كانت المؤسسة قد بدأت تتخلص من الضباط وصف الضباط السنة، وخاصة أبناء المدن، مع سيطرة حزب البعث على السلطة، لكن "عمر" الناقم على ضعف أسرته الصغيرة التي كانت تعيش في حي "باب النيرب"، معقل العشائر القوية في حلب، أصر على المضي قدماً في هذا الطريق.

وبالفعل، نجح "حميدة" في لفت أنظار رؤسائه إليه، فحصل على ترفيعات سريعة، وعندما انطلقت حرب تشرين الأول/ اوكتوبر 1973، كان قد وصل إلى رتبة مقدم، وقاد كتيبة دبابات تمكنت من اختراق خطوط الجيش الإسرائيلي في الأيام الأولى من الحرب، قبل أن تنسحب الوحدات السورية، ليعود مصاباً بجروح بليغة في يديه لن يتمكن من علاجها بشكل كامل.

ينقل البعض عن عمر حميدة أنه كان يتهم رفعت، شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد، بالوقوف خلف تقصير الأطباء في علاج ذراعيه، بسبب الولاء الذي أظهره مبكراً لشقيقه، الأمر الذي جعل الأسد يثق به وينقله من السلك العسكري إلى العمل الأمني، بينما يقول آخرون إن السبب الحقيقي هو وشايته، مع ضباط آخرين، بمجموعة عسكرية كنت تخطط لانقلاب عام 1978.

تم ترفيع "حميدة" إلى رتبة عميد عام 1979، وتسلم قيادة فرع أمن الدولة بحلب، ليشكل مع الضابط الحلبي الآخر "مصطفى التاجر" الذي شغل منصب رئيس فرع الأمن العسكري، ثنائي الرعب في المدينة، حيث أطلق حافظ الأسد يد الاثنين فيها مقابل تعهدهما السيطرة عليها وقمع الاحتجاجات النقابية، ومن ثم حركة الإخوان المسلمين العسكرية فيها بذلك الوقت.

وإذا كانت وفاته، يوم الأربعاء الماضي، قد شكلت فرصة للتذكير بالجرائم التي ارتكبها خلال فترة قيادته لهذا الفرع على مدار أكثر من عشرين عاماً، وجعلت العديد من المعتقلين السابقين أو أقاربهم، يتحدثون عن قصص مروعة وقعت على يديه، فإن مجرد ذكر اسم عمر حميدة ظل يشكل كابوساً بالنسبة للحلبيين طيلة فترة عمله، خاصة عن طبيعة تعامله مع المعتقلين، إذ كان من أول رجالات الأمن الذين طبقوا فكرة الرهائن، أي القبض على النساء والرجال من ذوي المطلوبين، لإجبارهم على تسليم أنفسهم، واستمرت سطوته حتى بعد سنوات من قمع الانتفاضة، حيث استخدمه النظام مجدداً من أجل ضبط القوى العشائرية في حلب وتطويعها بشكل كامل.

فبعد أن استقرت الأمور لصالح النظام بداية الثمانينيات، كلف حافظ الأسد ابنه باسل بمهمة السيطرة على سوق التهريب وفرض هيمنة عائلة الأسد عليها، تحت غطاء محاربة تجار المخدرات والتخلص من البلطجية، الذين عرفوا منذ ذلك الوقت بـ"الشبيحة"، وبما أن هذه السوق كان يسيطر عليها في حلب قادة العشائر، فقد مثلت اللحظة التي طالما انتظرها عمر حميدة

عقد رئيس فرع أمن الدولة، الحاقد على عشائر حلب، صلات وثيقة بباسل الأسد، ومع مطلع التسعينيات بدأ بالتضييق على هذه العشائر وملاحقة وجهائها واعتقالهم، وفرض الإتاوات عليهم وإشراك أولاده وبعض أقاربه في السيطرة على سوق التهريب وتجارة المخدرات في المدينة، ما سمح له ببناء ثروة كبيرة تضاف للثروة التي جمعها من ابتزاز أسر المعتقلين السياسيين، حيث اضطرت آلاف العوائل لدفع مبالغ مالية كبيرة له ولمصطفى التاجر مقابل تأمين زيارة لمعتقل في سجن تدمر، أو الحصول على معلومات عن أبنائها، لكن غالباً ما كانت تخسر أموالها دون طائل.

ورغم إحالته إلى التقاعد، ظل "حميدة" يحظى بمكانة خاصة لدى النظام، ولعل المثال الأبرز على ذلك الخلاف الشهير الذي وقع بين آل حميدة وعشيرة آل بري عام 2000، والذي أسفر عن سقوط ضحايا من الطرفين، حيث واجهت أسرة حميدة عشيرة بري المتنفذة في حلب بقوة، بينما كان الجميع يعتقد أنها ستكون لقمة سهلة بعد أفول نجم "العميد الركن" الذي كان يحميها.

بعد وفاة حافظ الأسد وتسلم ابنه بشار الحكم، تراجع نفوذ عائلة حميدة في حلب بسبب الإقصاء الممنهج للحرس القديم في النظام، قبل أن يعود اسمها للظهور مجدداً في الأشهر الأخيرة الماضية مع تزايد عمليات ضبط شحنات المخدرات والحشيش المصدرة إلى الخارج عن طريق موانئ النظام ومعابره البرية، حيث يتهم ابن شقيق "العميد عمر" بالشراكة في تصنيعها، الأمر الذي رأى فيه الكثيرون استمرار الضابط الراحل بالحظوة حتى أيامه الأخيرة، كدليل على حجم الخدمات التي قدمها للنظام على مدار عشرين عاماً من العمل الأمني.
---------
اورينت نت

عقيل حسين
الاثنين 25 يناير 2021