.
كل شيء بات جاهزاً، واذا كان النظام تشاطر وفرض في اللحظة الاخيرة شرطاً في البروتوكول الموقع مع الامم المتحدة، يمنع المفتشين الذين دخلوا امس الى ساحة الجريمة من تحديد المسؤول عن القصف الكيميائي ويترك لهم فقط القول ما اذا كان هذا السلاح قد استعمل ام لا، فان الأدلة المتوافرة حتى الآن والتي يمكن ان تدين النظام تبدو حسيّة اكثر منها ظرفية، اولاً لأن عينات من ساحة الجريمة وصلت الى مختبرات العواصم الغربية، وثانياً وهو الأهم لأن النظام المريب يكاد يقول خذوني، وهذا ليس خافياً على اميركا وفرنسا وبريطانيا وباقي العواصم، بما في ذلك طهران تقريباً [راجع تصريح حسن روحاني] والدليل ان النظام تعمّد، على رغم اتصال جون كيري بوليد المعلم، تأخير دخول المفتشين ساحة الجريمة مدة خمسة ايام ما دفع واشنطن ولندن وباريس الى القول إنه لو لم يكن لديه ما يريد اخفاءه لكان عليه ان يسمح بدخول فوري للمفتشين، وخصوصاً عندما زعم ان المعارضة هي التي استعملت الكيميائي.
يعرف الروس ان تحذيرهم من ضرب النظام بات بلا معنى، وعندما يتوافر اجماع دولي على ان ما جرى هو "جريمة ضد الانسانية" فذلك يعني ان مناورات تعطيل مجلس الامن انتهت، لأن القانون الدولي يسمح بضرب اي دولة ترتكب مثل هذه الجريمة، وعلى رغم ان فلاديمير بوتين كان يحلم بالحصول ولو على جائزة ترضية من المأساة السورية اي قيام الدولة العلوية، فانه خسر كل شيء في الغوطتين الغارقتين في موت جماعي ساهمت التقنيات الروسية في تصنيعه.
إن لم يكن السلطان قابوس مكلفاً إفهام الايرانيين ان زمن القرقعة بالتهديدات انتهى، فان جيفري فيلتمان سيبلغهم الامر مباشرة: إما ان يذهب الاسد الى جنيف ليوقع على حل ينهي عهده، وإما ان تتساقط صواريخ الـ"كروز" على اهدافها المحددة وينطلق الهجوم الدولي للسيطرة على الترسانة الكيميائية ومنع وصولها الى المتطرفين اياً كانوا.
واذا لم يحصل شيء من كل هذا، يكون الاسد قد حصل على رخصة دولية للمضي في سلسلة جرائمه ضد الانسانية!
--------------
النهار