لقد دفعت روسيا وإيران غاليا من اجل تمكين رئيس النظام السوري بشار الاسد من اجل تفكيك المعارضة وسوف تبقيان في سوريا من اجل دعمه وتثبيته، والدولة الإسلامية تمت إزاحتها من «الخلافة» لكنها لم تتم هزيمتها بعد، ووسط كل هذا فإن محنة الشعب السوري الانسانية مستمرة.
خيارات الولايات المتحدة السياسية السيئة للغاية، هي اكثر محدودية وأقل فعالية وتأثيرا من أي وقت مضى، والغارات والضربات التي تم شنها الاسبوع الماضي من جانب اميركا وفرنسا وبريطانيا بعثت برسالة محددة إلى الاسد مفادها ان العالم المتحضر لا يتساهل مع استخدام الأسلحة الكيماوية. لكن تأثيرها الرادع أمر عابر ليس أقله لأن الولايات المتحدة- القلقة والحذرة من توسيع الصراع- قد اظهرت مرتين انها لن تستخدم قوة بهدف تغيير النظام في معاقبة سوريا على استخدام أسلحة كيماوية.
علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة كانت غامضة عن عمد فيما إذا كان «خطنا الاحمر» يتمثل في استخدام غاز الكلورين، والذي لم ترد الولايات المتحدة وحلفاؤها بسببه بقوة كافية. المسؤولون الأميركيون قالوا ان الهجوم الاخير في دوما ربما اشتمل على استخدام الكلورين وغاز الاعصاب السارين الاكثر خطورة، الذي يبدو ان سوريا قد احتفظت به سرا وخفية أو انها اعادت تركيبه رغم اتفاقية 2013 التي تقضي بإزالته.
والأكثر خطورة هو ان الصراع السوري يضع الآن لاعبين كبارا ضد كل منهما الآخر: إسرائيل مقابل إيران والولايات المتحدة ضد إيران وروسيا، وتركيا مقابل الاكراد الذين يدعمهم الأميركيون. وهذه المواجهات تهدد بالتصاعد والتحول إلى نزاع دائم، حتى في حال تم تجنب سيناريوهات اكثر خطورة.
وإدراكا من دروس العراق، فإن كل إدارة حددت هدفها الرئيسي بهزيمة الدولة الإسلامية، وليس تغيير النظام. وكل منها قد سعى لتجنب التورط في حرب اوسع تتطلب التزاما اكبر واستمرارا من القوات الأميركية، وبينما إدارة ترامب قد اكدت على احباط طموحات إيران في سوريا، فإنها لم تضع ما يحتاجه ذلك الهدف من عضلات وقوة.
وكل من الادارتين دعتا إلى حل دبلوماسي للصراع المدني، رغم ان إدارة ترامب استخدمت رأس مال دبلوماسي اقل، والطريق إلى الامام سوف يبقى محفوفا بالمخاطر وغير مريح ألبتة.
أولا، يجب على اميركا وحلفائها الاحتفاظ بمستويات القوة الحالية (حوالي ألفي جندي أميركي) من اجل هزيمة عناصر الدولة الإسلامية والقاعدة والابتعاد ونبذ أي انسحاب سابق لإدانته، وداعش سوف تحتل ارضا اذا أحدثنا وأوجدنا فراغا.
ومع شركائها فإنه ينبغي على الولايات المتحدة المساعدة في تأمين واعادة بناء وتأسيس وانشاء حكومة محلية فعالة في المناطق المحررة، وهذا من شأنه ان يتيح للولايات المتحدة احباط الطموحات الإيرانية في السيطرة على اراض تمتد عبر العراق وسوريا ولبنان والاحتفاظ بالنفوذ في مناطق مهمة نفطية. وحرمان الاسد من جزء مهم من الاراضي السورية، بانتظار حل دبلوماسي، لكن التخلي عن مناطق محررة ما هو الا فرش السجادة الحمراء للإرهابيين.
ثانيا، على الولايات المتحدة ان تواصل الاستمرار في الامتناع عن خلع وإسقاط الاسد بالوسائل العسكرية، وتكاليف هذا المسعى غالبا ما تجاوز الفوائد الواضحة، والآن وبوجود دعم روسي إيراني له، فإن مخاطر تلك الاستراتيجية قد تزايدت، وعلى الولايات المتحدة ان تواصل تجنب الدخول في صراع مباشر مع روسيا، والحد من مخاطر توجه إسرائيل إلى تبادل الضربات مع إيران وتابعها حزب الله، وكذلك نزع فتيل الصراع بين تركيا والاكراد السوريين الذين لا تزال اميركا بحاجة اليهم ضد الدولة الإسلامية، ولا يعني هذا السماح بإطلاق العنان لكل من روسيا وإيران.
ثالثا، على الولايات المتحدة ان تواصل مساعداتها الانسانية الكريمة للسوريين داخل البلاد والدول المجاورة، والتوقف فورا عن سياسة النفاق غير الانسانية برفض قبول اللاجئين السوريين.
---------
الوطن
عيون المقالات
|
: مشاكل ترامب في سوريا .. ما الحــــل؟
|
|
|