نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


مشوار طويل ينتظر أكاديمية نوبل السويدية للخروج من أزمتها




ستوكهولم – في أواخر عام 2019 ،في الأسبوع السابق على الاحتفال بتوزيع جوائز نوبل، بدا كل شيء وكأن الأمور عادت إلى طبيعتها تماما في الأكاديمية السويدية المانحة للجوائز العالمية المرموقة، والتي هزتها فضيحة، أدت عام 2018 لحجب جائزة نوبل في الآداب. وجرت العادة أن تعقد الأكاديمية اجتماعاتها لكي تعلن أسماء الفائزين بعد ذلك، في مبنى البورصة القديمة (Börshuset) بالسويد، والكائن بالحي القديم بوسط العاصمة ستوكهولم.


 

في ظل إضاءة ثريات ضخمة، وقفت الفائزة بالجائزة المؤجلة ، البولندية أولجا توكارتشوك، لتجيب بكل هدوء وثقة وصبر على أسئلة الصحفيين، خلال المؤتمر الصحفي قبل أسبوع من نوبل. تحدثت الكاتبة عن أعمالها، وبلدها، وعن شعورها بالفخر لتكريمها بالحصول على الجائزة، باعتبارها المرأة رقم 15 في قائمة الحاصلين على الجائزة خلال 110 سنوات من عمر الأكاديمية، منذ حصول أول امرأة عليها في الآداب عام 1909 وهي السويدية سلما لاجرلويف.
وتعتبر توكارتشوك نموذجا ممتازا ورائعا لاستحقاق الحصول على الجائزة. يومئ الجمهور تأييدا بالإيجاب على كل كلمة تقولها، وكان يمكن وصف الأجواء بأنها لطيفة. بالرغم من ذلك، ومع كل المحاولات لكي تبدو الأمور طبيعية في الأكاديمية، إلا أن شيئا لم يعد كما كان في السابق بأي حال من الأحوال. والجديد هذه المرة، على سبيل المثال، أن جائزة نوبل في الآداب منحت في نسختها الأخيرة لمرتين، الخاصة بعام 2018، وكانت من نصيب البولندية توكارتشوك، تم منح جائزة نسخة عام 2019 للأديب النمساوي بيتر هندكه.
وصادف يوم منح الجائزة، عيد ميلاد هندكه الـ77، حيث وقف أمام الصحفيين ليجيب على العديد من الأسئلة بشأن موقفه المثير للجدل من الصراع اليوغسلافي. بدا مرتبكا للوهلة الأولى، ثم أظهر رد فعل ضجر، قائلا إنه يفضل بكرة ورق التواليت على شخص لم يكشف عن هويته بعث له بسؤال يطالبه بالإجابة على أسئلة الصحفيين الفارغة، وعلى هذا النحو اختتمت الأكاديمية موسمها للعام المنصرم بأزمة جديدة.
وكانت الأكاديمية العريقة قد استهلت عام 2019 بوعد إطلاق عملية تجديد شاملة وموسعة عقب اتهامات التحرش الجنسي ضد المصور والكاتب المسرحي جان كلود ارنو، زوج كارتين فروستنسن، والذي كان في ذلك الوقت واحدا من أعضاء الأكاديمية الـ18.
في ذلك السياق أوضح الأمين العام الدائم للأكاديمية، ماتس مالم قبل تولي مهام منصبه مطلع تموز/ يوليو الماضي أن "العمل على إعادة الهيكلة مستمر، وأنا المسؤول عن إنجازه على أفضل وجه".
وبالفعل لم يكن عام 2019 سيئا: فبينما عاد الكثير عن أعضاء الأكاديمية، إلا أن كاترين فروستنسن تركت الأكاديمية التي ظلت عضوا بها منذ عام 1992. كما قامت الأكاديمية في آخر جلساتها بتعيين أربعة أعضاء جدد مرة واحدة جميعهن من النساء، في سابقة لم تحدث منذ تأسيس المؤسسة عام 1786. ومن بينهن، آسا فيكفورس، التي ستشغل مقعد سارا دانيوس، التي تم إستبعادها رسميا في شباط/ فبراير عام 2019 وتوفيت في تشرين أول/ أكتوبر من نفس العام عن عمر يناهز 57 عاما. ومن ثم أصبح ثلث أعضاء الأكاديمية الـ18 من النساء، كما سيظل مقعد العضو الخامس شاغرا منذ وفاة المخضرم جوران مالمكفيست.
وعلى الرغم من الإنجازات التي تحققت على مدار العام، لم يتم إعداد خطط نهائية بعد الفترة المضطربة. فبعد عام الأزمة الكبرى التي تسبب فيها أرنو، العضو التاسع عشر بالأكاديمية، والذي كان له تأثير كبير على الوسط الثقافي السويدي، ويقضي حاليا عقوبة السجن بجوتنبرج، حل عام أسوأ بسبب اختيار هندكه للحصول على جائزة نوبل للآداب. ومن ثم يتعين في 2020 البحث عن خليفة لمالمكيفست فضلا عن إنجاز عملية إعادة هيكلة لتصبح هيئة الأكاديمية أكثر اتحادا وتماسكا.
بمناسبة الاجتماع السنوي للأكاديمية في كانون أول/ ديسمبر، أشار ماتس مالم إلى أن التقاليد تمنح شكلاً من أشكال الاستقرار، ويضفي مراجعة هذه التقاليد المزيد من الاستقرار. "ستواصل الأكاديمية أعمال التجديد والإصلاح في عام 2020، مع الحفاظ على استقلاليتها وتميزها وتقاليدها".
لا يمكن إنكار أن منح جائزة نوبل لبيتر هندكه أعاد إحياء الاحتجاجات ضد الأكاديمية. في بداية كانون أول/ ديسمبر، استقال عضوان خارجيان من لجنة نوبل: أحدهما ، الكاتب جون بريت ساندستروم، الذي أعزى سبب استقالته إلى منح جائزة نوبل في الآداب إلى هندكه. بالإضافة إلى ذلك ، قاطع الأكاديمي بيتر إنجلوند احتفالات جائزة نوبل بسبب موقف هندكه المؤيد للصرب. وقال السكرتير الدائم السابق للمؤسسة "الاحتفال بحصول بيتر هندكة على جائزة نوبل سيكون نفاقا عظيما من جانبي".
وفي الوقت نفسه، لا تزال الانتقادات الموجهة للأكاديمية، المعروف بسرية طابعها، مستمرة. على سبيل المثال ، كتب بيورن ويمان، المسؤول عن الثقافة في صحيفة "Dagens Nyheter" ، أنه لم يكن هندكه هو الذي ينبغي أن يخجل من جائزة نوبل، بل الأكاديمية. يبرز الصحفي أن منح الجائزة إلى هندكة يبرهن على أنه بالرغم من الوعود وتعيين أعضاء جدد، أن المؤسسة لم تتغير على الإطلاق بعد الأزمة.
يبدي فيمان اعتراضه بصفه خاصة على مصطلح "الحقيقة الأدبية" المستخدم للدفاع، سواء عن موقف هندكة أو الدفاع الذي قدمته فروستنسن في كتابها "ك" عن زوجها. إبادة جماعية؟ اغتصاب؟ محاكمات؟ يبدو أنه في عالم "الحقيقة الأدبية" لا محل من الإعراب لهذه المفاهيم، على حد قول فيمان.
بصورة ما أو بأخرى، كان للجدل الدائر حول هندكة أيضًا ميزة للأكاديمية: نظرًا لأن كل الأنظار ركزت على الفائز، في السويد وتوقف الحديث عن الأزمة المحيطة بالكيان. وبعد الانتهاء من توزيع الجوائز وموسم الاحتفالات عادت أزمة أرنو للظهور على السطح مرة أخرى وصارت موضوع الساعة، بسبب كتاب " Klubben"، لماتيلده جوستافسون، الصحفية بجريدة "داجنز نايهيتر"، الذي كشف الغطاء عن الفضيحة مستندا إلى التقرير المنشور في تشرين ثان/ نوفمبر 2017.
تستعرض جوستافسون كتاب " Klubben" وتعني النادي بالسويدية، بنفس الوضوح الذي اتبعته في التقرير، شهادات النساء الذين حكين كيف كن ضحايا للاغتصاب أو التحرش الجنسي من جانب أرنو، وقد أدرجت هذه التهم في إطار تحقيقات حركة (أنا أيضا: Me too). كما تحكي أيضا كيف أصبح أرنو مرجعية في المشهد الثقافي في ستوكهولم من خلال المنتدى الأدبي الذي كان يشرف عليه مع فروستنسن، وتصف سلوك الفنان المشين تجاه النساء، وغير المقبول من جانب العديد من الشخصيات البارزة في الوسط الثقافي.
من المتوقع الآن أن يتم تحديد الأمر في الأكاديمية ، خلال عام 2020 ، إذا كان سيتم تذكر عام 2019 كفترة انتقالية بعدها ستتمكن المؤسسة التي يبلغ عمرها 233 عامًا من ترك الماضي وبدء التطلع إلى المستقبل.

شتيفن ترمف
الجمعة 25 سبتمبر 2020