نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


من الدوحة إلى طرابلس.. القمة وهموم الأمة




مرة أخرى يتطلع ملايين العرب من محيطهم إلى خليجهم نحو قمة عربية جديدة وكلهم أمل في أن تتوفر لدى قادتهم المجتمعين إرادة جادة وصادقة لتنفيذ قرارات القمم السابقة فيما يخص تحقيق الحد الأدني من الوحدة والتكامل في سبيل رفع التحديات التي تواجه الأقطار العربية بدءا من الاحتلال الجاثم على أرض فلسطين والعراق مرورا بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الصومال والسودان واليمن وفي مصر ولبنان وبلدان المغرب العربي أيضا.


ففي فلسطين ما يزال الانقسام الحاد بين أكبر الفصائل مستمرا حيث أضفى مزيدا من التعقيد على المعضلة المعقدة أصلا، في حين بقيت أوضاع العراق غير مستقرة ومرشحة لكل الاحتمالات بما فيها احتمال اندلاع حرب طائفية يخشى من أن تقود لتقسيم هذا القطر العربي الكبير إلى ثلاث دويلات على أسس طائفية أو عرقية، وفي السودان ما تزال الأزمة السياسية والإنسانية في دارفور – رغم التقدم الكبير الذي تمثل في اتفاق الدوحة الأخير، والعلاقة بين الشمال، والجنوب وتهديدات محكمة " أوكامبو" تثير المخاوف من تفتيت السودان وانتشار الفوضى واحتمال تقسيمه إلى عدة دويلات، وفي الصومال تستمر الحرب الأهلية التي اندلعت منذ سنوات في ظل عجز متواصل عن توفير آلية تساعد على إنهائها. أما في المغرب العربي فما يزال مشكل الصحراء الغربية يمثل عقبة كأداء أمام أي مسعى للتقارب والتوحد بين بلدانه الخمسة، في حين يعيش معظم هذه الأقطار أزمات وصعوبات تهدد استقراره وكيانه، ورغم أن موريتانيا قد تمكنت من تجاوز أزمتها السياسية الحادة التي عاشتها خلال السنة الماضية وحظي نظامها الجديد باعتراف دولي كبير، إلا أن استهداف جنودها وعدد من الرعايا الغربيين على أراضيها من قبل تنظيم القاعدة خلال الفترة الأخيرة بات يشكل تهديدا لأمنها واستقرارها في نظر المراقبين.
وهكذا تبدو معظم الدول العربية غارقة بالكامل في قضايا وأزمات داخلية حادة، ما يجعل البعض يشكك في إمكانية تفكيرهذه البلدان في قضايا تخص العمل العربي المشترك، لكن البعض الآخر يرى في المقابل أن الأزمات الداخلية يجب أن تشكل حافزا أكبر على مزيد من التعاون والتوحد.

إن مضي ثلاثة وستين عاماً على انعقاد أول مؤتمر قمة عربي بالإسكندرية في مصر، وما تبعه من مؤتمرات وصل عددها خمسة وثلاثين مؤتمراً حتى الآن، يجعل القادة العرب أمام تجربة غنية ورصيد من القرارات والاتفاقيات الكفيلة في حالة تفعيلها بأن تحقق أهداف جماهير الأمة المتطلعة إلى التحرر من تبعات الاستعمار وبناء كيان موحد يجمع طاقاتها وإمكانياتها سبيلا لتحقيق التنمية وامتلاك أسباب القوة والاستقلال في عالم لا مكان فيه للكيانات الهشة والضعيفة.

إن القادة العرب وهم يعقدون مؤتمرهم السادس والثلاثين يومي 27 و28 مارس2010م بطرابلس الغرب، مطالبون بتقييم موضوعي لدور الجامعة وتفعيل هيئاتها ومؤسساتها وآليات عملها على غرار ماتم في الاتحاد الأوروبي ويجري في الاتحاد الإفريقي، إن مسؤوليتهم التاريخية تجاه الأمة وشعوبها تستدعي منهم تجسيد خطاباتهم المفعمة بالعواطف والمنعشة للآمال، في أفعال وإنجازات ملموسة والعمل بجدية لتجاوز ماضينا المليء بالتناحر والتباغض والتباعد، والبحث عن آليات لحل المشاكل المستعصية على  الصعيد الاستراتيجي العربي، والاستفادة من التجارب الإيجابية لبعض الدول في هذا الإطار ومن بينها على سبيل المثال الدور الرائد لدولة قطر خلال السنوات الأخيرة والذي جعل من هذا البلد العربي الصغير بمساحته الجغرافية الكبير بحضوره العربي والدولي، أحد الأقطاب الفاعلة على المستوى العربي، وهو ما أكده نجاح القيادة القطرية في حل العديد من الأزمات المستعصية بما في ذلك الخلاف اللبناني، بالإضافة إلى مساعي دولة قطر في نصرة ودعم الشعب الفلسطيني سواء من خلال عقد قمة غزة الطارئة بالدوحة العام الماضي أو من خلال الدعم المادي والمعنوي المستمر للأهل في الأرض المحتلة أو المحاصرة، وإن جهود دولة قطر المستمرة في معالجة معضلة دارفور التي تكللت مؤخرا باتفاق إطار لتحقيق السلام في الإقليم، ومتابعتها النشطة للأوضاع العربية خلال فترة رئاستها للقمة العربية وقبل ذلك، لتقدم نموذجا ينبغي أن تحتذيه كل الدول العربية لتتكامل الجهود في سبيل حماية الوجود والكيان العربي المهدد بالتلاشي والاندثار.

وبعدما أنجزته الرئاسة القطرية للقمة السابقة وما خلفته من أجواء إيجابية مساعدة تمثلت على سبيل المثال في لقاء المصالحة بين الزعيم الليبي والعاهل السعودي على هامش قمة الدوحة الأخيرة، ثم في المصالحة السعودية السورية، والاتفاق اللبناني الذي مكن من تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد تعثر كبير، يبدو المناخ العربي الآن مهيأ لتحقيق نجاحات مهمة يمكن أن تشكل قطيعة مع سلبيات الماضي، وذلك بالنظر لحجم التحديات التي تواجه كيان الأمة ومصيرها، هذا إذا خلصت النوايا وتوفرت الإرادة لدى قادة الأمة وهو ما نأمله ونثق بإمكانه. إنَ التحديات التي يواجهها مؤتمر القمة العربي في طرابلس تتلخص في تحقيق الحد الأدنى من بناء اتحاد عربي متماسك يأخذ المصلحة القومية بنفس المستوى الذي يحفظ به مصلحة القطر الواحد، مستفيدا من التجارب الإقليمية الناجحة بما فيها تجربة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يسير بخطى ثابتة نحو المزيد من التكامل والاندماج. إن المواطن العربي يتطلع إلى أن تخرج هذه القمة بقرارات عملية تتمثل على سبيل المثال في توحيد المناهج الدراسية العربية ووضع خطة شاملة للأمن القومي العربي، والبدء في تأسيس سوق عربية واحدة، وإنشاء مشروعات استثمارية عربية مشتركة تخفف فيها من وطأة الفقر والمرض التي تطحن ملايين المواطنين العرب وتتسبب في انتشار الأمراض والأزمات الاجتماعية بما فيها الحروب الأهلية والتطرف والجريمة المنظمة والمخدرات والهجرة السرية وغيرها. وبالإضافة إلى ما سبق تجد القمة العربية نفسها ملزمة بتحليل دقيق للوضع الإقليمي والخروج برأي موحد وخطة استيراتيجية مشتركة لإدارة الصراع مع الكيان الصهيوني خصوصاً بعد وصول «عملية السلام» إلى طريق مسدود، وكذا الحال فيما يتعلق بإدارة العلاقة مع الجار الإيراني خاصة في ظل تصاعد الأزمة بينه وبين الغرب على نحو يهدد باندلاع حرب جديدة في المنطقة.

------------------------
 - جريدة الراية القطرية

محمد عبدالرحمن
الخميس 6 سبتمبر 2012