أنا امرأة سورية ونساء دي ميستورا لا يمثلنني، ولم أعطهم صوتي او موافقتي لتمثيلي والحديث باسم نساء سوريا، وربما كان يجدر بهن أو بـ"دي ميستورا" نفسه أن يحترم النساء السوريات أكثر من ذلك وأن يعلن عن الطريقة التي اختار بهن 12 سيدة سورية تتخذن جميعهن موقفاً أقرب للحياد اتجاه الموت السوري، تقفن على مسافة واحدة من الثورة والنظام، وكأن جرائم الأسد لم تكن أو كأنهن لم يسمعن بها ولم يشاهدن دماء السوريين، ليصبح القاتل والقتيل في كفة واحدة، فمن من النساء الواقفات خلف دي ميستورا تمثل أمهات الشهداء، ومن منهن تمثل الفتيات اللواتي تم اغتصابهن على أيدي رجال الأسد وميليشياته الطائفية، ومن منهن يمكن أن تتكلم بأمهات المعتقلين.
المرأة السورية اليوم متهمة بأنها داعشية أينما ذهبت لأنها تحمل جواز سفر أزرق، المرأة السورية هي تلك التي علمت بموت ابنها أو زوجها أو أبيها من صور "سيزر" التي انتشرت على الانترنت، المرأة السورية اليوم تنتظر رغيف خبز لتطعم ابنها، وتشعر بالإهانة في كل نظرة توجه إليها، المرأة السورية اليوم تحولت لمتسولة على أبواب السفارات، المرأة السورية اليوم أقصى أمانيها أن تموت قبل ابنها، المرأة السورية المحاصرة اليوم تفكر في تقطيع جسدها لإطعام أبناءها، المرأة السورية اليوم حملت ابنها آلاف الكيلومترات لتصل به إلى بر الأمان في أوربا، والمرأة السورية اليوم تواجه رفض أوربا لها ولعائلتها.
نحن المرأة السورية، لا نحصل على فيزا للذهاب إلى جنيف، ولا نترفع عن الإجابة على الأسئلة كما ترفعت ريم تركماني عن الإجابة عن سؤال الصحافي أحمد كامل فيما لو سيرى السوريون أسماء الأسد في ذلك المجلس الاستشاري.
لا يمكن لديانا جبور الامرأة القوية ذات الشخصية الطاغية التي عملت سنوات وسنوات في أهم مواقع الإعلام الأسدي، لا يمكن لها أن تعيش خوف الأمهات اللواتي فتشن عن صور أبناءهن في صور المعتقلين الشهداء تحت التعذيب، لأنها تعرف تماماً أن ابنها لن يكون واحد منهم.
أنا امرأة سورية ونساء دي ميستورا لا يمثلنني، ولا يمكن لمجدولين حسن التي طالبت برفع العقوبات عن النظام، والافراج عن جميع المعتقلين لدى كل الأطراف أن تتكلم باسمي، فعن أي أطراف تتحدث المحامية والناشطة في حقوق الانسان مجدولين حسن؟ وهل من تبرير لإصرارها مع ريم تركماني وموافقة البقية على كلامهن على قول "المعتقلين لدى جميع الأطراف"؟ ألم ترى سيدات المجلس الاستشاري صور الشهداء المشوهة؟ ألم يصل لهن أرقام المعتقلين في سجون النظام؟ هل نسيت مجدولين حسن إضرابها عن الطعام عند اعتقال زوجها؟ أم ان الإضراب يتعلق باعتقال الزوج وليس باعتقال وطن.
كيف يمكن لأسماء كفتارو حفيدة المفتي السابق لسوريا وزوجة الدكتور محمد حبش أن تتكلم باسمي أو باسم النساء السوريات وهي لم تنطق بتصريح أو بكلمة واحدة ضد النظام منذ خروجها قبل عامين من سوريا، أم أن الحجاب كان سبباً بوجودها؟ لتستطع تركماني أن تقول للصحفيين أن بيننا سيدة محجبة؟ وربما ذهبت إلى جنيف بـ"معية" الزوج أو الجد، كما العادة السورية.
ريم تركماني وديانا جبور ومجدولين حسن وبقية نساء المجلس الاستشاري قبلوا بوجود ( ر) الغير متعلمة والغير حاملة لأي شهادة جامعية واخت أمراء نصرة وداعش، ولكن يبدو أن كل هذا لا يهم أياً منهن، لأن وجود ( ر ) وكفتارو كان مهماً لأنهما محجبتان، والمجلس بحاجة إليهما كنوع من البرستيج، وللاستفادة من الموضوع للعب على مشاعر بعض الناس الطيبين.
دي ميستورا قال أن معايير اختياره للسيدات كان بناء على تسميات المجتمع المدني وتمكين المرأة، أفلا يوجد سيدات معارضات جهاراً نهاراً وبوضوح ينتمين لذلك المجتمع المدني؟
يبدو دي ميستورا سعيداً بحيادية مجلسه الاستشاري النسائي، وتبدو سيدات المجلس مقتنعات بأنهن يمثلن نساء سوريا، ونبدو نحن عالقين ما بين محاولات العالم تمييع القضية وما بين تمثيلنا الذي نغيب نحن فيه.
حتى اللحظة لا أجد جواباً عن معنى وجود كيان مستقل يحمل اسماً نسوياً ويضم النساء فقط في مفاوضات ربما تقرر مصير بلد كامل، وتتمحور اختلافات الوفدين المتفاوضين على وجود او عدم وجود رأس النظام في المرحلة الانتقالية، وإن كانت مفاوضات جنيف هدفها اتفاق "الدول" على مصير سوريا ، فلم لا تكون تلك النساء وغيرهن ضمن الوفد المفاوض، ويمكنهن المشاركة بالمفاوضات كسوريات وليس كنساء، أم أن المرأة السورية إن لم يتم التعامل معها كضلع قاصر لا تجد الراحة؟
وفي النهاية فإن دي ميستورا نجح بالتأكيد بتشتيت المفاوضات بإقحام تشكيلات "برستيجية" على عملية تفاوض مباشرة، ولكنه لن ينجح بالحصول على تفويض من نساء سوريا بأن يتكلم مجلسه الاستشاري باسمهن.
----------
اورينت