ما خرج عن البيت الأبيض على لسان الرئيس أوباما بمنح غطاء جوي لقوات الجيش الحر ضد أي هجوم يتعرض له من طيران النظام أو تنظيم داعش (اذا كان قتالهم باتجاه داعش فقط) يظهر أحد تلك البنود التي أٌخفيت بداية حرصاً على عدم إغضاب داعمي النظام (إيران, روسيا) لأنهم يدركون أن المعركة الجوية ستتطور وستنتقل يوماً للحرب على النظام باعتباره عاجلاً أم آجلاً سيستهدف قوات الجيش الحر بالطبع, واعتراض الكرملين على تلك التصريحات تعكس الخوف الروسي من تكرار ما حصل في ليبيا من تطورات قد تصل بالنهاية لمواجهة غربية مع قوات الأسد وبالتالي إسقاط نظامه المتهالك والمتداعي أصلاً على يد ضربات الثوار.
المناطق الآمنة التي تم التوافق عليها (تركياً- أمريكياً) ووفق ما تسرب هي مناطق خالية من ثلاث تنظيمات مقاتلة (فصائل الكورد الانفصالية, تنظيم داعش, تنظيم جبهة النصرة) وبالطبع لن تكون فيها ميليشيات النظام وحلفائه, وستمتد المناطق الآمنة على طول الحدود السورية- التركية بعد وعود أمريكيه حصلت عليها تركيا بوقف وعدم تسليح الـ (بي كي كي) العدو الأساسي للأتراك وعدم دعمهم بتشكيل(كانتون) كوردي في شمال سوريا.
المناطق الآمنة (بالمفهوم التركي) يٌعتقد أنها ستكون كرة الثلج التي تتدحرج لتطال مناطقاً أوسع بالجبهة والعمق وقد دربت تركيا فصائل من أصول (توركمانية) وبعض الفصائل من إدلب لشغل تلك المناطق وقد يكون لحركة أحرار الشام الدور الفاعل فيها, ولكن ما حصل مؤخراً من اختطاف واعتقال على يد (جبهة النصرة) لعناصر من الفرقة 30 التي تدربت على يد الخبراء الأمريكيين غيرت وسرعت ببعض الإجراءات, وقد نكون أمام معركة مشتركة أرضية- جوية يكون فيها لتنظيم أحرار الشام وبعض فصائل الجيش الحر الدور الأكبر والفاعل, مدعمين بضربات جوية لفرض تلك المناطق, لكن النقطة المحورية التي لم تحسم بعد هل ستكون تلك القوات موجهة لقتال تنظيم داعش فقط أم داعش ونظام الأسد, والمنطق يقول أن حركة أحرار الشام لن تقبل ببقاء نظام الأسد أو عدم استهدافه.
جبهة النصرة يبدو أنها فقدت غطاء وجودها كقوة لها ثقل في الميزان العسكري على الأرض بعد أن خذلت المراهنين عليها بالتخلي عن عباءة الظواهري وتنظيم القاعدة, واختطافها لضباط وعناصر من الفرقة 30 ومن أصول تركمانية يحمل الكثير من الأسئلة عن الخطوات اللاحقة وقد تكون رسائل موجهة للولايات المتحدة وتركيا وحركة أحرار الشام بآن واحد, خصوصاً بعد نشر مقالين لرئيس المكتب السياسي لحركة أحرار الشام لبيب نحاس (في الواشنطن بوست, وذا تليغراف) والتي اعتبرتها جبهة النصرة ضربة في الخاصرة من حليف يقدم نفسه شريكاً للغرب في قتال ميليشيات النظام وتنظيم داعش وأكد تلك القناعة لديهم ما كتبة السفير الأمريكي (روبيرت فورد) الذي طالب الإدارة الأمريكية بمد اليد وملاقاة يد حركة أحرار الشام في منتصف الطريق.
المرحلة القادمة تحمل الكثير من المتغيرات ... هناك من يدفع الثوار لمزيد من القضم من المساحة الجغرافية التي يسيطر عليها النظام لفرض واقع يجبر إيران ورأس النظام الأسدي على الرضوخ لطلبات الثوار كما يحصل الآن في سهل الغاب وعلى جبهة الساحل وفي درعا وحلب (تركيا), وهناك من يدفع لخلق مزيد من الاحتدام بين مكونات الشعب السوري وارتكاب جرائم إبادة طائفية لفرض واقع التقسيم كضرورة يطلبونها كما يحصل اليوم في الزبداني وسهل الغاب (إيران), ترافق ذلك مع تصريحات نٌقلت عن الدبلوماسية الإيرانية (حسين أمير عبد اللهيان) أن وزير خارجيتها سيطرح مبادرة متكاملة تخص اليمن وسوريا وستناقش مع وزير خارجية الاسد (المعلم) والمبعوث الروسي (بوغدانوف) في زيارتهم القريبة لطهران, وقال أن تلك المبادرة تتماشى مع المعطيات التي أفضى إليها الاتفاق النووي بين إيران والغرب, لكن العارف بدهاليز المكر والدهاء الإيراني يدرك ان كل هذا الكلام هو ذر رماد في العيون غايته الحفاظ على مصالح إيران في سوريا من خلال الإبقاء والمحافظة على نظام الأسد.
أمام تلك السيناريوهات يبقى الشعب السوري يتعرض لحرب إبادة جماعية أمام أنظار العالم بصواريخ أرض- أرض وصواريخ فراغية وحمم القنابل وبراميل الموت والألغام البحرية التي تحملها حوامات الأسد, لكن يبقى صمود الشعب السوري هو المعيار الذي جهله الجميع من أن الشعب السوري وبعد كل التضحيات التي قدمها على مدار أربع سنوات ونيف, هذا الشعب يعلم ويدرك أنه لم يبق لديه ما يخسره وأنه مصمم ألا يعود إلا ما خرج من
أجله, فهل تصل تلك القناعات لوزراء الخارجية المجتمعين في الدوحة؟؟؟
----------- أورينت نت