نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت

نظرة في الإعلان الدستوري

26/03/2025 - لمى قنوت

رياح الشام

25/03/2025 - مصطفى الفقي

في الردّة الأسدية الإيرانية

22/03/2025 - عبد الجبار عكيدي


حروب مستمرة تخلف مزيداً من الأيتام في اليمن




صنعاء - على غير عادته، جاء اليوم العالمي لأيتام الحروب هذا العام في وقت شهدت فيه اليمن وما تزال تشهد حروباً ومواجهات مسلحة مستمرة ومتزايدة بين القاعدة في جزيرة العرب وجماعة انصار الله "الحوثيين"، بالإضافة إلى توسع رقعة التفجيرات والاغتيالات في جميع المحافظات اليمنية.


آلاف الأطفال اليمنيين من الجنسين خسروا آباءهم جراء هذه المواجهات المسلحة والحروب، ومع استمرار الأوضاع الأمنية غير المستقرة في اليمن واستمرار المواجهات المسلحة وازدياد رقعة التفجيرات والاغتيالات في البلاد، يزداد عدد الأطفال الأيتام الذين يدفعون فاتورة تلك الصراعات المسلحة والتوترات الأمنية.

ففي السادس من كانون ثان/ يناير من كل عام، يتذكر العالم أيتام الحروب، وهم أطفال يعيشون المأساة والجراح دونما ذنب، تتحكم في مصائرهم رصاصات تسكن في جسد ابائهم او تفجير او اغتيال يستهدف هؤلاء الآباء ليجد الأطفال أنفسهم في نهاية المطاف أمام وضع مأساوي ينبغي عليهم التكيف معه.

فبعد مرور يوم واحد فقط على اليوم العالمي لأيتام الحروب، وبالتحديد في 7 كانون ثان/ يناير ، انضم العديد من الأطفال في اليمن إلى القائمة الطويلة لأيتام الحروب، عندما فجر مجهولون يعتقد انتماؤهم لتنظيم القاعدة سيارة مفخخة استهدفوا خلالها طلاباً جامعيين كانوا يصطفون امام كلية الشرطة بالعاصمة صنعاء بغرض التسجيل والالتحاق بالكلية.
وبحسب وزارة الداخلية اليمنية، فقد خلف الانفجار 37 قتيلاً، الكثير منهم ارباب اسر واباء لأكثر من طفل.

عبد الرحمن العامري، جندي في حراسة التوجيه المعنوي بالعاصمة صنعاء، ودع اطفاله الأربعة قبل ان يتوجه صباح ذلك اليوم إلى كلية الشرطة ولكنه لم يكن يعلم أن اطفاله سيصبحون ايتاماً بعد بضع ساعات. قُتل العامري في الانفجار وترك اطفاله يواجهون حياة جديدة لا يعلمون عنها شيئاً.

ظروف صعبة تعيشها أسرة العامري حالياً بعد ان فقدت عائلها الوحيد الذي كان يكافح من اجل كسب قوت يومه واصبحت الأسرة تفتقر إلى مصدر دخل يمكنها من مواجهة مصاعب الحياة.

وتقول لمياء، زميلة العامري، لوكالة الأنباء الألمانية (دب.أ) "كانت ظروف العامري المالية صعبة للغاية فقد كان يضطر للعمل في أعمال أخرى خارج دوامه ليتسنى له تغطية نفقات منزلة وزوجته وأطفاله الأربعة."

وتضيف لمياء ان عائلة العامري لا تملك حالياً أي مصدر دخل يمكن ان تعتمد عليه ومستقبلهم مرهون بتنفيذ توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي بترقية كافة قتلى ذلك التفجير إلى رتبة ملازم ثاني بوزارة الداخلية وصرف رواتب لأسرهم.

وتقول :"أتمنى أن ينفذ ذلك على الفور ويتم صرف رواتب لأسر القتلى كون هذا أبسط شي يمكن للدولة تقديمه لأولئك الأيتام وأسرهم وإلا سنشهد مزيداً من الفقر والتشرد".

وخلفت المواجهات المسلحة في اليمن الكثير من الأيتام الذين يعيشون حالياً في اوضاع معيشية صعبة، حيث اضطر هؤلاء الأطفال إلى ترك مدارسهم من اجل العمل وكسب لقمة العيش، فيما تشرد منهم الكثير والتحق البعض منهم بدور الأيتام.

فعلى سبيل المثال، يعيش العديد من أيتام الحروب في مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء الواقعة وسط اليمن اوضاعاً صعبة بعد أن فقدوا ابائهم في المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة بين عناصر تابعة لأنصار الشريعة، احد فروع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، و مسلحين حوثيين.

الطفل عبد الله حرية، 11 عاماً له 6 اشقاء بينهم أطفال ما دون السادسة، فقد اباه في إحدى تلك المواجهات المسلحة بالرغم من عدم انتمائه إلى اي من اطراف النزاع.

ويقول حريه: " اعتاد والدي الذهاب يومياً إلى مزرعته الواقعة في قرية حرية للعمل وقضاء ساعات طويله هناك. وفي أحد الايام نشبت مواجهات مسلحة بالقرب من المزرعة وكان نصيب والدي منها رصاصة طائشه اخترقت صدره وأردته قتيلاً على الفور".

ومنذ ذلك اليوم تغيرت حياة أسرة حريه التي فقدت من يعولها ويهتم لأمرها وأصبح حريه مسؤولاً عن أسرته كونه أكبر أشقائه.

ويقول "نحن لم نعد صغاراً بل كباراً علينا مسؤوليات وأصبحنا نعي ما هو القتل كوننا نشهده يومياً في حياتنا."

لم يكمل حريه دراسته واضطر لترك مدرسته من اجل الاهتمام بمزرعة القات التي تركها له والده بعد موته لتكون هي مصدر الدخل الرئيس لهم :"لن أستطيع التوفيق بين دراستي وعملي في المزرعة.. ومن المؤكد أن عملي هو الأهم كونه مصدر العيش الوحيد لي ولأخوتي".

يفتقد حريه واشقاؤه والدهم كثيراً ويقول: "كان والدي سندا لنا في هذه الحياة. أنا حزين جداً لأنني فقدت أبي، لقد كان يصطحبنا معه دائماً إلى المسجد والسوق، ولكن من الآن فصاعداً كُتب علينا أن نعيش بلا أب وأن نكون أيتاماً طوال العمر. ما ذنب اشقائي الصغار الذين سيحرمون من حنان الأب وما ذنبي انا حتى اشيب في صغري".

ومع مرور الأيام واستمرار المواجهات المسلحة في اليمن والتوترات الأمنية وارتفاع اعداد ايتام الحروب، يزداد العبء على دور الأيتام الحكومية والخاصة في استيعاب مزيد من الأيتام.

دار رعاية الأيتام الحكومي الواقع في شارع تعز بالعاصمة اليمنية صنعاء هو أحد الدور التي تعاني من زيادة عدد الأيتام فيها.

محمد الحمامي، مدير الأنشطة في الدار، قال لـ (د.ب.أ) إن عدد الأيتام في الدار نتيجة لاستمرار الحروب والمواجهات المسلحة في اليمن يزداد :"نضطر أن نقبل تسجيل المزيد من الأيتام حتى وإن كانت الطاقة الاستيعابية للدار غير كافية".

ويضيف " الطاقة الاستيعابية للدار هي 593 يتيما، موضحاً أن الأيتام المتواجدين في داخل الدار في الوقت الحالي وصل إلى 800 يتيم، ما يعني ان هناك 275 طفلا فوق الطاقة الاستيعابية للدار".

وبحسب الحمامي، فإن 200 طفل من أولئك الأيتام في الدار هم أيتام حروب جاء معظمهم إلى الدار خلال الحروب الستة التي شهدتها محافظة صعدة بالإضافة إلى الحرب الأخيرة التي شهدتها محافظة عمران، شمال العاصمة صنعاء، بين الحوثيين ومسلحين تابعين لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين).

تلك الزيادة في عدد الأيتام في الدار اثرت سلبياً على التغذية والملابس حيث يعاني الدار حالياً من نقص الغذاء والملابس التي تكفي جميع الطلاب الملتحقين بالدار. ويضطر العديد من اولئك الأيتام إلى النوم على الأرض بسبب نقص عدد الأسِرة.

يقول الحمامي:" كلما ازداد عدد الملتحقين بالدار كلما نقص مستوى الخدمات التي نقدمها لهم كون عدد الكادر الموجود في الدار محدودا".

ويشير الحمامي وغيره من العاملين في دور الأيتام إلى أن إمكانيات المؤسسات الخيرية المعنية برعاية الأيتام في اليمن أصبحت ضعيفة كون الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية هي الأخرى ساءت إلى حد كبير.

وحيال ذلك يقول مدير الإعلام بمؤسسة اليتيم التنموية خطاب عبد الله :" انقطع الدعم عن الأيتام سواء الدعم المقدم من الجهات الرسمية أو حتى المنظمات ومن رجال الأعمال".

وقال عبد الله إن هناك تزايد مستمر في عدد حالات اليتم في اليمن نتيجة المواجهات المسلحة التي تشهدها مختلف المحافظات، وأن مؤسسة اليتيم تتلقى الكثير من طلبات الالتحاق بها، : "هذا إلى جانب القتل العمد والتفجيرات للسيارات المفخخة، والمواجهات القبلية، والاغتيالات التي انتشرت في الفترة الأخيرة بصورة كبيرة والتي تخلف الكثير من الأيتام".

ويوجد اكثر من 8000 يتيم في فروع المؤسسة في محافظات الجمهورية، بحسب عبدالله.

ويحتاج أيتام الحروب إلى رعاية خاصة من الأخصائيين الاجتماعيين كونهم يعيشون اوضاعاً نفسية سيئة بسبب فقدان ابائهم في الحروب والمواجهات المسلحة ولأنهم يشعرون بعدائية تجاه المجتمع ويشعرون ان المجتمع هو السبب الرئيسي في معاناتهم.

ويوضح مرزاح هاشم علي، الأخصائي النفسي ونائب مدير دار الأيتام، أن نفسية أيتام الحروب تكون مدمرة :"يكون هؤلاء الأطفال خائفين كونهم عاشوا لحظة وفاة ذويهم وسمعوا أصوات الرصاص والانفجارات".

ويعاني معظم اولئك الأيتام من التبول اللاإرادي والكوابيس الدائمة والانطوائية، إضافة إلى صعوبة التأقلم مع المحيط الذي حولهم ومع المجتمع، بحسب علي.

ويضيف علي بأن ايتام الحروب يحتاجون إلى الرعاية المادية والمعنوية التي تمكنهم من مواجهة مصاعب الحياة، وإلا فأنه من الممكن ان يتم استقطابهم من قبل الجماعات المتطرفة كونهم يمتلكون الرغبة في الانتقام من المجتمع.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"إن النزاعات المسلحة في العالم تحرم ما يقارب 28 مليون طفل من حقهم في التعليم، هذا فضلاً عن ملايين آخرين محتاجين إلى الرعاية النفسية، جراء ما شهدوه من صور العنف، والرعب، والقتل.

د ب ا
السبت 24 يناير 2015