نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التحديات السورية والأمل الأردني

11/08/2025 - د. مهند مبيضين

مقاربة الأسد لا تزال تحكم البلد.

08/08/2025 - مضر رياض الدبس

سورية في العقل الأميركي الجديد

05/08/2025 - باسل الحاج جاسم

سمومُ موازينِ القوى

28/07/2025 - غسان شربل

من نطنز إلى صعدة: مواد القنبلة في قبضة الوكيل

24/07/2025 - السفير د. محمد قُباطي


سماسرة في زمن الأزمة ... المخاطر درجات والأهواء تتحكم في اتخاذ القرارت




برلين - أندريا بارثلمي - يتسم بعض الأشخاص بالحيطة وحساب كل صغيرة وكبيرة قبل اتخاذ أي قرار، بينما يترك البعض الآخر عملية اتخاذ القرار للإحساس الغريزي دون إحكام العقل، والسؤال الذي يطرح نفسه دائما مهما كنت في أي جانب من هاتين الطريقتين : ما هو الأسلوب الصحيح للاختيار؟


سماسرة في زمن الأزمة ... المخاطر درجات والأهواء تتحكم في اتخاذ القرارت
وتنطبق إجابة هذا السؤال على جميع أحوال اتخاذ القرار سواء كان متعلقا باختيار مدير إحدى الشركات للإستراتيجية التجارية لشركته أو برجل أو سيدة بإحدى الأسر يريدان ببساطة شراء مجموعة من عبوات الزبادي.

ومنذ بداية الأزمة المالية العالمية أصبحت صورة سمسار البورصة كمخطط مثالي يضع جميع الحسابات في الاعتبار قبل اتخاذ القرار مفهوما باليا، وبدلا من ذلك أصبح الناس يتحدثون الآن عن " السوق التي لا يحكمها المنطق "، وقال الباحثون في مؤتمر عقد مؤخرا في برلين أن القرارات المعقدة لا تستند دائما إلى التعقل كما أن التفكير العقلاني الرشيد وحده ليس هو الذي يدفع إلى اختيار القرار.

وأعرب البروفسور أرمين فولك أستاذ الاقتصاد بجامعة بون عن اعتقاده بأنه ينبغي توسيع تعريف مصطلح " الإنسان الاقتصادي " الذي يقوم على أن البشر يهتمون بمصالحهم الخاصة الضيقة ويستطيعون اختيار أهدافهم بعد تفحص متعقل بشكل يخدم احتياجاتهم الذاتية، وكان فولك من بين مجموعة من خبراء الاقتصاد والباحثين في مجال السلوك والمخ البشري الذين شاركوا في المؤتمر البحثي الخامس عشر لمؤسسة ديملر بنز لاستكشاف العوامل العاطفية والاجتماعية والبيولوجية التي تؤثر في اتخاذ القرار.

وأوضح الباحثون خلال المؤتمر أن النموذج الذي يصف البشر بأنهم يراعون المنطق ويضعون في اعتبارهم تحقيق مصالحهم الذاتية ليس كافيا لتفسير طريقة التوصل إلى قرار، وأن العوامل السلوكية التي تؤثر على عملية اتخاذ القرار متعددة، وقد فحص فولك والفريق المشارك معه الرغبة الشخصية في القيام بمخاطرة عن طريق اختبار 450 شخصا داخل المعمل وقارن النتائج التي ظهرت بالبيانات الأخرى المتاحة.

وأظهرت الاختبارات أن الاختلافات في الاستعداد لتحمل المخاطرة ترتبط بشكل منهجي بجنس الشخص وعمره وحجم جسمه واستعداد أبويه للقيام بمخاطر إلى جانب مستوى تعليمه، وعلى سبيل المثال تتجه النساء وكبار السن لتحمل المخاطر بدرجة تقل عن الرجال وعن الشباب، كما أن الأشخاص من أصحاب القامة القصيرة يسعون للقيام بمخاطرة بدرجة تقل عن طوال القامة.

ويبدو أيضا أن الآباء ينقلون مستوى استعدادهم للمخاطرة إلى أطفالهم، ويقول فولك أنه يمكن الاستنتاج من ذلك أن سلوكا أساسيا مثل الاستعداد للمخاطرة يمكن أن يستمر مستقرا داخل عائلة عبر عدة أجيال بغض النظر عن حدوث أي تغيير في الظروف، وثمة عامل مهم آخر وهو الدرجات المتباينة للقدرة على الصبر.

ويوضح البروفسور أوفه سوندي الأستاذ بمعهد سويسري للأبحاث الاقتصادية بمدينة سان جالين إن قدر الصبر الذي يتمتع به المرء يعد سمة شخصية لا يمكن للفرد أن يسيطر عليها غير أنها تشكل طريقته في اتخاذ القرار، ويفضل الأشخاص الذين لا يتذرعون بالصبر أن يجنوا الجوائز اليوم بدلا من الانتظار للغد، وبالتالي يكون من الصعب عليهم تجنب الرغبة في تلبية احتياجاتهم، وهذا حقيقي حتى إذا ما كان الأمر سينتج عنه شيء سلبي في المستقبل.

ويقول الباحثون إن السياسة يمكن أن تلعب دورا في هذا المجال، فالحكومات على سبيل المثال يمكن أن تستخدم الحوافز لمساعدة الناس على اتخاذ قرارات لصالحهم في الوقت المناسب مثل البدء في دفع أموال في صندوق يخصص للمتقاعدين بحيث يمكن الاستفادة منه عندما يصبحوا مسنين كما يقول سوندي.

وتتيح طريقة فحص المخ باستخدام صور الرنين المغناطيسي مفاتيح لمعرفة العوامل التي تدفع الفرد إلى القيام بسلوكيات معينة، فهي تظهر كيفية عمل نظام المكافأة في جسم الإنسان، وقد فحص البروفسور بيرند فيبر بجامعة بون مجموعة من الأشخاص الخاضعين للاختبار بطريقة صور الرنين المغناطيسي بينما كانوا يمارسون الألعاب أحدهم ضد الآخر.

وكانت النتيجة أن حجم المكافأة كان أقل أهمية من كيفية مقارنة المرء نفسه مقابل خصمه، وهذه المقارنة تؤدي إلى تحفيز نظام المكافأة بالجسم وكانت حاسمة في تحديد مستوى الرضا الشخصي، وهذا يبين أنه أثناء إجراء المفاوضات تكون مقارنة المفاوض نفسه بنظيره على الجانب الآخر ذات تأثير على اتخاذ القرار. وثمة افتراض آخر خاضع للتجريب وهو أن معظم الأشخاص يفضلون اتخاذ القرار عن طريق عدم التوصل إلى قرار.

ويوضح ستيفان ألتمان من معهد للأبحاث في بون متخصص في دراسة مستقبل العمل أن الناس يختارون مجموعة مقترحة من السلع عند التسوق أو يتابعون مجموعة معايير تنظيمية عندما يتعلق الأمر بإعداد البرامج على الكمبيوتر، ويكون تأثير هذه القواعد الاسترشادية غير الملزمة التي يطلق عليها القيم المبدئية بعيدة المدى.

ويتضح أفضل مثال على ذلك عند المقارنة بين مختلف الجنسيات بشأن الاستعداد للتبرع بالأعضاء، وبشكل عام تكون درجة الاستعداد عالية في أوروبا، غير أن المعدل الفعلي للتبرع بالأعضاء يرتفع بنسبة 70 في المئة في الدول التي ينبغي على الأفراد فيها أن ينسحبوا في حالة عدم رغبتهم في التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم مقارنة بالدول التي ينبغي على الأفراد فيها أن يعلنوا عن استعدادهم للتبرع.

واستنتج الباحثون أن القيمة المبدئية التي يتم اختيارها جيدا يمكن أن تساعد الأفراد على اتخاذ قرارات أفضل بدون وضع قيود على حرية الاختيار، ويقولون إن المجتمع والسياسات الحكومية سيستفيد من ذلك.

أندريا بارثلمي
الاحد 26 يونيو 2011